|
مئوية شهداء ابن عمتي، وابن خالتي، كانت متكافئة تماماً
الوهابية بكامل عدتها، والصهيونية بكامل عدتها والعثمانية بكامل عدتها أيضاً وابنا خالتي وعمتي وحدهما.. في الجهة المقابلة أدونيس الإله الأسطوري الشهيد، الذي صرعه الخنزير البري قرب النهر، فتلونت بدمائه أزهار كثيرة منها شقائق النعمان، هذا الإله الذي سيكون له قيامة جديدة مع تجدد الربيع ليُكسب الكون خصباً وحياةً جديدة. وكثيراً ما ارتبطت أسطورة هذا العيد بالشهداء الذين يستشهدون فداءً للبشرية، ومن ثمّ يقومون لخير البشرية أيضاً، ابتداءً من الإله السوري القديم أدونيس، وحتى السيد المسيح. فأساس هذا العيد - كما تروي كتب أساطيره الكثيرة - هو الصراع بين قوى الظلام والنور، أو بمفهوم أكثر شمولية الصراع بين الخير والشر، وتذكر أحدى أساطير قدماء السومريين: إن انانا السومرية آلهة الجمال المقابلة لعشتار البابلية آلهة الحب، اغترت بنفسها وبقوتها فذهبت للعالم السفلي «عالم الموت» الذي تحكمه أختها «اوتونيحال» للتغلب على الموت، وعند ذهابها هناك فقدت جميع أسلحتها، حيث تغلبت عليها أختها، فانعدم الحب لدى الإنسان والحيوان ووقف التناسل (حسب الأسطورة البابلية) والشباب والجمال في العالم (حسب النسخة السومرية) وفي مدينة الوركاء ابتهل الناس إلى الإله الأكبر «انكي» السومري لإعادتها للحياة. وكانت عشتار مخطوبة لتموز إله الخضرة. قبل أنكي، وقرر أن تغادر عشتار العالم السفلي على أن يجد أحداً يموت (يذهب إلى العالم السفلي بدلها) فصعدت إلى الأرض مع حراس من العالم السفلي لتختار بدلاً عنها، فوجدت تموز بين الفتيات الجميلات لا يفتقدها لهذا اختارته. وبموت تموز ماتت الخضرة على وجه الأرض. فاستاء الناس وابتهلوا لـ «انكي» مع أم وأخت تموز التي تبرعت للنزول بدله إلى العالم السفلي، ويصعد هو إلى الأرض ليعيد لهم الخضرة والفرح. هكذا على مدى هذه الجغرافيا، التي عُرفت بـ «سورية الطبيعية» وعلى مدى السنين أيضاً، أن تُقدم آلهتها شهداء ليبقى الحب والخضرة والجمال تعمُّ ديارها السورية كافة، ذلك كان قدر سورية منذ أوّل فينيقيتها أن تجاور كل هذا الكم من البربرية والكراهية من جهاتها الست، سورية العتيقة التي كان قدرها دائماً أن تُقدم «إلهاً» شهيداً. بلوطة.. ثخانةٌ في جذعها، والأغصان وارتفاعٌ وامتدادٌ مهيبان.. وغير ذلك.. م تزل وارفة الظّلّ خضراء على مدى الفصول منذ ثلاثمئة سنة لا تبرح مكانها شاهدةً على الموت، والخيبة والخذلان، وحارسةٌ أبديّةٌ للمزار.. ! يتيمةٌ شجرة البلوط.. تنتظرُ احتفالاتِ طرد العتمة مع كلِّ وافدٍ جديد إلى المقبرة.. ! سورية الطبيعية، التي كان قدر «طبيعتها» أن تبقى في مهب البرية، فلم تهنأ يوماً بكامل هذه الطبيعة والطبيعية، وحدودها التي تعلمها كل شرائع الكون، كانت تُنهش طول الوقت، حيث يُداهم العدوان طوراً من بحر، وحيناً من بر، وتارةّ غدراً من الخلف ممن كان منذ بضع الوقت يأكل مع أبنائها «خبزاً وملحاً» وسرعان ما يخونه عند أول فرصة عدوان، من هنا كان على هذه الجغرافيا أن تُقضم وتتقلص حتى قيامة الشهداء من جديد. والعدوان البربري الذي كانت أدواته منذ أكثر من خمس سنواتٍ إلى الآن، سيجل التاريخ أنه كان الأكثر خسة ووحشية لم تعرفه البشرية سابقاً في كل هذا الفجور الذي يُرافقه، وفي هذه الحرب سيرتقي جنود سوريون إلى مصافي القدسين في فدائهم لأجل خضرة سورية، قصص وحكايات لأبطال أثبتوا أن قلة العدد مع كامل هذا الاستبسال ستهزم كل عدوان، وإليكم الحكاية: بحاجةٍ لقبر.. غيابه كان مهولاً، شلالاتٌ من الدمع سفحتها باستشهاده لكن، ما أحزنها طويلاً، فقدها لقبرٍ له تبكي عليه، وعندما عجزت عن ذلك،.. قررت أن تدفنه في صدرها.. ! |
|