|
الصفحة الاخيرة المناخ بأكمله مناخ وطني على اختلاف مشاربه. الجميع لديهم رأي فرادى وجماعات, والكل غدا محللاً سياسياً يحلق ويحط, لكن المناخ العام يتلخص بالشعور العام بالظلم. ميليس لم يعد مسيساً في الورشة الشعبية فقط, إنه الصورة المتضخمة لبرنامج إحدى المحطات الفضائية حول النقد الموجه لمهنيته في ألمانيا مسقط رأسه, ولا مانع من المزيد مما يفيض به الذهن المحقون, والمجروح بوطنيته. خطاب الرئيس الأسد وتأويله غدا مادة يومية للأكثرية. تلاوين كثيرة من الآراء والتحليلات. التحليقات تتضخم والتي تكاد تشعرك للحظة بأن عليك أن تغادر لغة الحسابات العقلانية المحض لتشارك هؤلاء الوطنيين الذين نبعوا دفعة واحدة, قادة وسياسيين ومقاومين, كي تكون حاضراً. صديق عقلاني جداً تنفر من عينيه دمعة إزاء حمى التظاهرات الوطنية التي يبدو واضحاً أن الدولة لم تدفع إليها كل مساء, وحسناً تفعل. شرفات الأعلام الوطنية أصبحت ظاهرة في دمشق, على الأقل, كما نعرف, لا أحد يطلب من الناس أن يفعلوا, العلم الوحيد الجامع للجميع هو العلم السوري, الوطن للجميع والعلم الذي يجمع الجميع هو علم البلاد, فيه يشعر الجميع أنه كما يقول النشيد السوري:( علم ضم شمل البلاد, فيه من كل عين سواد ومن دم كل شهيد مداد). جميل هذا العلم, لا أدري إذا كان الجيل الحالي يشعر بشعور جيلي . إزاءه: نخفض الرأس وننحني أمامه بخشوع, وتنتابنا قشعريرة هي من نوستالجيا ذكريات الرومانسية ا لسياسية, ولكن جيلنا مهما بلغ من العقلانية لا يني يستر هذا الجانب منه لأنه ملتصق بالوطنية. الجيل الحالي لا يكاد يختلف عنا كثيرا ً له همومه ووعيه ولكنه يحمل العلم كما نحب أن نحمل, يعانقه ويلوح به ويرفع إلى جواره إشارة النصر. أجمل شيء في دمشق اليوم, رغم غيوم المأزق السياسي المخيم عليها, أعلامها, فجأة تشعر أنك موجود مع كل المحتمين بالشأن العام, وبكل تاريخهم الوطني على الشرفات, تمتلىء لأن الوطن حاضر رغم الفصل السابع في القرار 1636 الذي يطير صوابك ورغم البند المتعلق بالإرهاب والقرارين 1566و.1373 لا وقت للحزن أو الاكتئاب السياسي, ثمة شارع يتحرك . تدخلات الدولة قليلة, الناس لا تريد أحدا أن يحرضها, هنالك تعبئة يكتنفها عقل سياسي ووجدان سياسي هو الأجمل في سورية منذ حرب .1973 مجتمع مدني? نعم هو مجتمع مدني, ولا يجب أن تتحسس من المصطلح فاليوم الجميع في صف واحد, وحتى بعض الاصوات التي كانت تبدي اختلافا هي اليوم تبدي أعلى درجات الوطنية والعقلانية والحسابات الرفيعة التي لا تنقصها وكأن هنالك غسيلا للماضي اذ قلة من ينضح اليوم بالتشفي أو الانثناء على آلامه الشخصية, ومع كل التقدير للاعتبارات الخاصة, إلا أن ما يجعلنا نقف بخشوع وإجلال هو هذه الدرجة العالية من الوطنية التي لمت الجميع . هذا التوصيف لما يحدث في سورية وهو التوصيف العاطفي والمشحون ببقايا رومانسية وطنية, دفعتها العقلانية السياسية الى العمق لتبقى صمام امان من الانحدار من العقل البارد الى القلب الميت, لن تنسينا أن هذا المناخ يجب أن يكون فرصة للانثناء إلى الداخل والاستجابة إلى متطلبات الناس الاخلاقية والوطنية برؤية ورشة عمل مختلفة الأداء والشخصيات بعيدا عن كل الاعتبارات السابقة التي أنتجت في جزء منها بعض تفاصيل هذه الأزمة أقله في شقها الذي نتحمل نحن المسؤولية عنه. المطلوب تغيير درامي في الداخل : انفتاح على الجميع وزج للجميع في المسؤوليات ..فهذا وطن للجميع . |
|