|
اقتصاد وأكد على حث الحكومة للاستمرار في إصدار القوانين واتخاذ الاجراءات الكفيلة بتعزيز عملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية وتوسيع دائرة المشاركة الفعالة فيها. والأهم من ذلك كله إعطاء سمة للاقتصاد السوري أنه اقتصاد السوق الاجتماعي, الذي تبدو الحاجة واضحة الآن لتوضيح معالم هذا النوع من الاقتصاد, فإذا كان مفهوم هذا المصطلح لا يزال يخضع للحوار والتحليل والبحث, إلا أن ما يمكن قوله هو أنه ليس اقتصاد السوق الحر,فهذه المسألة هي التي أصبحت محسومة, وهذا غير ما روج له سابقاً على أن القيادة السياسية حسمت أمرها في تحديد هوية الاقتصاد السوري على أنه اقتصاد السوق. كيف نفهم اقتصاد السوق الاجتماعي? وكيف نطبقه ? عنوان الورقة الحوارية التي قدمها الدكتور منير الحمش مدير المركز العربي للدراسات الاستراتيجية مؤخراً التي أكد من خلالها على أن مسألة الصفة الاجتماعية للاقتصاد السوري لم تحسم تماماً, فالحسم كان على مستوى القرار السياسي, ولكن حسب قول الدكتور الحمش إن ما يحسم الأمر فعلاً هو الاجراءات والسياسات على أرض الواقع, ذلك أن هذه الاجراءات والسياسات هي التي تعبر عن القرار السياسي. لكن الأهم من ذلك أن يكون هناك وضوح الرؤية والتصميم والإرادة على منع تحول الاقتصاد السوري إلى اقتصاد تحكمه فوضى السوق ومصالح القلة والفساد. ويشير د.منير الحمش إلى أنه لايمكن القبول بالحلول الجاهزة المعلبة المصدرة لنا على نحو أو آخر, خاصة أن هذا الوقت يمكن أن نصفه بأنه انتقالي , لايمكن لسورية الطامحة إلى تنمية اقتصادها ومجتمعها والتي تريد أن تتبوأ مكانتها المتقدمة بين الدول والتي تطمح إلى بناء اقتصاد قوي ومتين, ومن هنا جاء مصطلح اقتصاد السوق الاجتماعي الذي يركز على هدفين : الأول الارتقاء بمعدلات النمو الاقتصادي ضمن التحكم بآليات السوق والتزاوج ما بين قوى السوق والتخطيط والتنافسية الشريفة. والثاني هو التركيز على الطابع الاجتماعي للسوق وضمان العدالة والمساواة الاجتماعية في الثروة والدخول حسب قوله هذا يحتاج إلى درجة عالية من الوعي وإلى ثقافة عامة وحس وطني, يستطيع استيعاب المرحلة وأهدافها, وقادر اًعلى المبادرة والابتكار والإبداع, لاستنباط البرامج الآيلة إلى عدم السماح بتغليب نزعة الاقتصاد الحر, على التطلعات والأهداف الاجتماعية للاقتصاد, خاصة وأننا مقبلون على إصدار العديد من القوانين والتشريعات. ويستغرب الدكتور الحمش للتصريح الذي أولى به السيد وزير الاقتصاد لجريدة الثورة بتاريخ 21/6/2005 والذي يؤكدفيه أن الأشهر المتبقية من العام ستشهد إصدار حزمة من القوانين والتشريعات التي تصب في مجملها لإيجاد الإطار القانوني والتشريعي الضروري لنجاح عملية الانتقال لاقتصاد السوق, متجاوزاً السيد الوزير ذكر صفة اقتصاد السوق التي أقرها المؤتمر القطري للحزب أي الصفة الاجتماعية, ربما كان ذلك بسبب النسيان أو أنه يقصد ذلك, بحكم ما هو معروف عنه على أنه صاحب قناعة في الدعوة إلى اقتصاد السوق بمفهومه الليبرالي الجديد كونه من دعاة هذا النوع من الاقتصاد. وطرح الحمش في ورقته عدة تساؤلات عن مصير التنمية في إطار اقتصاد السوق الاجتماعي , وماهي الخيارات أمامنا للتنمية المطلوبة? والانتقال إلى أين ? وينوه الحمش إلى أن مبدأ الاقتصاد السوري الاجتماعي يجب أن يكون وفق انتقال تدريجي يحمي المجتمع من الهزات وبالأخص أن الاقتصاد السوري هو اقتصاد مختلط تغلب عليه عناصر الاقتصاد الحر, مع تواجد لدور الدولة بالإضافة إلى كون التنمية الشاملة مسؤولية وطنية للمجتمع ,والدولة القوية وحدها تستطيع إنجاز التنمية الشاملة وصيانة القرار الوطني المستقل ومن خلال ذلك, كيف نفهم المرحلة الانتقالية وما هي طبيعتها? وإلى أين ستقودنا هذه المرحلة ويرى الدكتور منير في نهاية ورقته أهمية إيجاد النظام الملائم للمزج بين التخطيط وآليات السوق لضمان العمل للجميع بشروط مقبولة اجتماعياً وبأجور يقل بينها التفاوت إلى أقصى حد ممكن الأمر الذي تحققه التنمية الاقتصادية والاجتماعية الشاملة بالإضافة إلى استبعاد فكرة النموذج أي أن ما نجح في بلد معين في ظل ظروف معينة ليس بالضرورة صالحاً في بلد آخر, فيمكن أن نستخلص من تجارب الأمم الأخرى الدروس في معالجة بعض المشكلات التي يمكن أن تكون متشابهة, لكن التطلع إلى نقل نموذج بحذافيره غير وارد على الإطلاق. وثمة ملاحظة يشير إليها وهي مسألة المنهج أو النظرية والواقع ,ففي الوقت الذي يجب أن نكون مسلحين بالنظرية, يجب ألا نغرق في التنظير وألا نسقط في براثن الواقعية إلى درجة الوقوعية حسب رأي الكاتب. إذاً: من خلال كل ما طرح فإن اقتصاد السوق الاجتماعي لا يتناقض مع مفهومنا للتنمية الشاملة المعتمدة على الذات بمعنى الحفاظ على قرارنا الاقتصادي والسياسي المستقل, دونما الدعوة للانعزال أو التقوقع, إنما بالتفاعل والتعامل مع ما يجري على الساحتين الاقليمية والدولية من موقع الندية والمساواة, شريطة عدم السماح لعناصر الاقتصاد الحر بالتغلب, وأن نظل محافظين على التوازن الضروري بين مختلف العناصر وبين السوق وآليات التخطيط ومقتضيات التنمية الشاملة. |
|