تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


القوة كوسيلة إقناع!!

نوفوستي- 2/11/2008
ترجمة
الأثنين 10/11/2008
ترجمة: د. ابراهيم زعير

لا ريب أن ظهور القاذفتين الاستراتيجتين الروسيتين تو160 في قاعدة ليبيرتادور الجوية في فنزويلا يشكل خطوة أخرى فيما يطلق عليه الحرب الباردة الجديدة .

بالطبع من الممكن تفسير هذا الإجراء بصورة مختلفة, إلا أن جوهره الحقيقي واحد ألا وهو استعراض القوة وفي هذه الحالة يتعين على الولايات المتحدة التي تعمل نشر منظومتها الصاروخية الأمنية في دول أوروبا الشرقية, ويتعين عليها التفكير ملياً بخطورة ظهور طائرات الخصم الحربية الاستراتيجية على مقربة جغرافية من الأراضي الأميركية.‏

كما تبحر الآن في مياه فنزويلا سفن حربية روسية ستصل قريباً, وفي نية اسطولي البلدين البحريين الحربيين إجراء مناورات عسكرية مشتركة, ولعل التذكير ببعض صفحات التاريخ مفيدة بهذا الخصوص ففي القرن التاسع عشر نشأت مواجهة عالمية بين روسيا والامبراطورية البريطانية وقد استخدم الطرفان آنذاك سفنهما الحربية لاستعراض القوة أيضاً في المناطق الأساسية, عارضاً كل منهما للخصم المحتمل الاستعداد للدفاع عن مصالحه الحيوية والقدرة على القيام بذلك ومن الممكن تقييم ظهور القاذفتين الثقيلتين الروسيتين في منطقة الكاريبي من وجهات نظر مختلفة, فمن المفروض أن تذكر هذه الخطوة الولايات المتحدة من وجهة النظر الجيوسياسية بضرورة التوفيق بين إجراءاتها ورأي البلدان الأخرى , فإذا كانت تنشر منشآت عسكرية جديدة عند حدود روسيا , فمن الغريب أن هذه الإجراءات لن تتمخض عن رد فعل مكافئ وإن ظهور تو160 القادرة على حمل عتاد نووي كثير يدل على إمكانية مثل هذا الرد بالذات ,ومن وجهة النظر العسكرية فإن توجه الطائرتين الروسيتين إلى فنزويلا ليس حالة خارقة بحد ذاته, إلا أن إمكانية ظهورها الدوري في المنطقة يجب أن يرغم الولايات المتحدة على التفكير ملياً بنقاط ضعفها, فقوى الدفاع الجوي والدرع الصاروخي الأميركي الأساسية موجهة تاريخياً إلى الاتجاه القطبي إذ تمتد هناك بالذات فوق المحيط المتجمد الشمالي المسارات الأساسية للضربات النووية المحتملة, وهناك الكثير من المسارات غير محمية بما فيه الكفاحية في تلك المنطقة, وسيكون الخطر المحتمل من جانب البحر الكاريبي وخليج المكسيك خطراً جدياً ومكشوفاً على الولايات المتحدة, ولاسيما أن ميزانية البنتاغون متوترة أصلاً بسبب الحروب الأميركية في العراق وأفغانستان وغيرهما, والأزمات المالية العميقة والخطيرة التي تعاني منها الولايات المتحدة في الوقت الحالي ومن الصعب أن تتجاوزها في الأفق المنظور ومع ذلك بوسع عقلية الهيمنة لدى العديد من السياسيين الأميركان بمن فيهم جون ماكين المرشح الجمهوري لمنصب الرئيس الأميركي إعاقة التوصل إلى حل وسط فإن القناعة في صحة الرأي الخاص وعدم الرغبة في تقبل موقف الطرف الآخر يشكلان سبيلاً مثالياً لتصعيد الوضع المتأزم, بالطبع في حالة فوز ماكين في انتخابات الرئاسة, من المستبعد أن يشعل حرباً عالمية ثالثة ولكن المواجهة بين روسيا والولايات المتحدة قد تصل إلى صيغ الستينيات والثمانينات المضنية بتحولها إلى مواجهة عسكرية مباشرة مثقلة بالأزمة الاقتصادية العالمية وبطبيعة الحال, ترفض روسيا الوضع الراهن عندما يجري بناء صرح الأمن الأوروبي بدونها وبصورة أساسية ضدها وعلاوة على ذلك وفق مخططات بلد يقع خارج القارة الأوروبية, وعلى الولايات المتحدة إما الاعتراف بحق روسيا في إبداء رأيها لدى حل قضايا الأمن الأوروبي, وإما مواجهة أساليب إقناع أخرى تماماً. في مطلع الستينيات من القرن الماضي وصلت درجة المواجهة بين الاتحاد السوفييتي والولايات المتحدة إلى مستوى خطير جداً بإشعال أزمة الكاريبي, وقد وصلت الصواريخ السوفييتية في حينه إلى كوبا رداً على نشر الصواريخ الأميركية في تركيا, صحيح أنه لم تبق الصواريخ السوفييتية في كوبا لمدة طويلة ولكن الهدف تحقق, إذ إن الولايات المتحدة باستيعابها درجة الخطر سحبت صواريخها من الحدود السوفييتية, وبالمناسبة ليس مريحاً العيش في عالم تفكر فيه الدول العظمى إقناع بعضها بعضاً بالوسائل النووية الحرارية من أجل الأمن الجماعي, وبودنا التعويل على التحليق الاستعراضي ل)تو160( مع رحلة السفن الحربية الروسية لكي تكون كافية لتفكير قادة الولايات المتحدة ملياً بثمن القضية المحتمل.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية