تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


التفاوض مع سورية ..الخيار الأفضل

هيرالد تريبيون- 7/11/2008
ترجمة
الأثنين 10/11/2008
ترجمة :ليندا سكوتي

لقد كان سقوط حكومة أولمرت وماتلاه من حملة انتخابية جاءت بسبب هذا السقوط أمراً ليس له مثيل في تاريخ السياسة الإسرائيلية التي درجت على فشل الائتلافات الحكومية

التي قامت في العقدين الماضيين من حيث عدم قدرتها على تحقيق السلام لأسباب تتعلق بالخلافات حول المفاوضات مع الفلسطينيين أو الاتفاقات أو الانسحاب أو نتيجة استخدام العنف, لكن فشل الائتلاف في هذه المرة وخروج أولمرت من الحكم لم يكن بسبب من الأسباب الآنفة الذكر وإنما نتيجة لتهم الفساد المنسوبة إليه.‏

هاهي عملية السلام تعود لتلقي بظلالها للمرة الثانية على الحملة الانتخابية الأولية, حيث ترى تسيبي ليفني رئيسة حزب كاديما أن فشلها في تشكيل الائتلاف جاء نتيجة رفضها تقديم التنازلات التي طلبها المتشددون بشأن الحوار مع الفلسطينيين لتحقيق السلام والتي اعتبروها شرطاً مسبقاً لدخولهم من الائتلاف الحكومي, الأمر الذي أدى إلى فشلها في التمكن من إجراء المفاوضات الهادفة للتوصل لاتفاقية سلام مع الفلسطينيين مثلها في ذلك مثل من حاول قبلها اتباع هذا التوجه.‏

تقدم ليفني نفسها الآن كشخص مسالم يسعى لإيجاد حل للقضايا الجوهرية بهدف الوصول إلى تحقيق السلام. ومن تلك الأمور مستقبل مدينة القدس, الأمر الذي يرضي الجهات التي ترغب في حل الدولتين, بحيث تكون الأجزاء العربية من القدس عاصمة للدولة الفلسطينية, ولأن هذا الموضوع سيكون من الأمور القابلة للتفاوض.‏

لكن اتباع تلك التوجهات سيغضب رئيس حزب الليكود بنيامين نتنياهو لأنه سبق وأن أعلن رفضه إجراء أي مفاوضات بشأن القدس وعودة اللاجئين, واعتبرها من الأمور غير القابلة للنقاش واقترح إقامة سلام اقتصادي بدلاً من سلام اقليمي مع الفلسطينيين.‏

يبذل كل من الليكود وكاديما قصارى جهودهما في الإعداد للانتخابات المزمع إجراؤها ويقدم زعيم حزب العمل إيهود باراك برامجه بشأن عملية السلام معتمداً على واقع اقليمي أوسع يتمكن به من الانسجام مع مبادرة السلام العربية لعام 2002 , ولا يزال أولمرت يتصرف كرئيس للحكومة تاركاً لليفني حرية التصرف في الحملة الانتخابية مع إبداء تمسكه برئاسة الحكومة متجاهلاً تعذر بقائه بهذا المنصب نتيجة لما نسب إليه من تهم, لكنه لو تنحى من هذا المنصب لحلت محله ليفني بشكل طبيعي وكان من نتائج ذلك اكتسابها ميزة جديدة تضاف إلى المزايا التي تتمتع بها.‏

ما زال أولمرت يسعى لتحقيق مبادرته للسلام مع الفلسطينيين والسوريين وعلى الرغم من الأوضاع التي تحيط به نراه ينذر باحتمال ترشيح نفسه للانتخابات القادمة.‏

لا ريب أن ما أسفرت عنه الانتخابات الأميركية من نتائج سيكون له تأثير فعال على الحملة الانتخابية في إسرائيل, حيث ستكون توجهات الناخبين منسجمة مع توجهات الفائز في تلك الانتخابات ذلك لأن الإسرائيليين تحدوهم الرغبة في أن يكون رئيس حكومتهم ذا علاقة وثيقة برئيس الولايات المتحدة لأن عدم وجود تلك العلاقة سيعطي نتائج سلبية تذكرنا بما حل بكل من اسحاق شامير عام 1992 ونتنياهو في عام 1999 عندما استاء جورج بوش الأب من الأول وغضب بيل كلينتون من الثاني, وفي الحالتين كان السبب الرئيسي هو بناء المستوطنات في الضفة الغربية.‏

يسود اعتقاد في الشارع الإسرائيلي بإمكانية تحقيق السلام مع الرئيس الأميركي القادم.‏

وبغض النظر عمن سيكون رئيساً للحكومة في إسرائيل فإنه سيواجه صعوبة جمة في المفاوضات مع القيادة الفلسطينيةالمشرذمة, الأمر الذي يجعل الاتفاق مع سورية مغرياً إلا أن مثل هذا الاتفاق لن يحل المعضلات القائمة, حيث يتعين متابعة العمل على المسار الفلسطيني, وبذلك فإن إقامة سلام بين إسرائيل وسورية أسهل بكثير من تحقيق اتفاق نهائي بين إسرائيل والفلسطينيين, وخاصة في الأحوال التي تقبل بها الإدارة الأميركية القادمة لعب دور جدي في تحقيق السلام بين دمشق وتل أبيب, ما يمكن من توقيع اتفاق سلام مقابل إعادة مرتفعات الجولان.‏

إن عقد اتفاق مع سورية سيغضب الكثير من الإسرائيليين لكن التفاوض معها يمكن أن يفضي إلى تحقيق السلام في المدى القريب لكونه أسهل من معالجة المعضلات القائمة على المسار الفلسطيني ونافلة القول: سواء أكان نتنياهو أم ليفني, أوباما أو ماكين فإن الخيار السوري سيبقى الأفضل لتحقيق السلام في عام 2009.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية