تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


حي سوق ساروجة من الصالحية إلى جامع الورد.. أهالي الحي يعيدون تسميته إلى أحد أهل «الخطوة»

استراحة
الاربعاء27-4-2016
إعداد ياسر حمزة

تعدُّ منطقة سوق ساروجة من الأراضي التي يطلق عليها اسم الشرف الأعلى، وتمتدّ هذه الأراضي من بوابة الصالحية غرباً وحتى العقيبة شرقاً ويقع هذا الحي على أراض ترتفع عن منسوب نهر بردى بنحو ثلاثين متراً،

‏‏‏

الأمر الذي جعل أراضي الحي خارجة عن نطاق فيضان نهر بردى.‏‏

ولهذا الحي طابع خاص في مدينة دمشق، وقد اكتسب ذلك من موقعه وسط مدينة دمشق الذي أهله لأن يكون عقدة الوصل بين أحياء مدينة دمشق إلى الجنوب والشرق، وأحياء دمشق التي إلى الشمال والغرب، كون هذا الحي يمتد غرباً من ساحة يوسف العظمة المؤدية إلى الصالحية فالمهاجرين إلى جامع التوبة شرقاً الذي يوصل إلى حي العقيبة. كما يمتد هذا الحي بين عين الكرش والسمانة والدحداح من جهة الشمال إلى منطقة البحصة إلى جهة الجنوب.‏‏

وكان الحي مأهولا منذ الفتح الإسلامي لمدينة دمشق وقد سكنه الأشعريون، وهم من عرب جنوبي شبه الجزيرة العربية، وتقلب على سكناه أجيال متعددة في العهد الأيوبي والعهود التي أعقبته وخاصة زمن الأتراك العثمانيين.‏‏

وإذا كانت التربة النجمية التي تنسب إلى نجم الدين أيوب والد صلاح الدين أيوب الذي أقام بدمشق زمن السلاجقة.. إذا كانت هذه التربة تعود إلى عهد السلاجقة فإن المدرسة الشامية التي شيدتها الخاتون ست الشام أخت صلاح الدين الأيوبي، تُعتبر من أهم مشيدات هذا الحي زمن الأيوبيين، وخاصة أن ست الشام قد جعلتها وقفاً على العلماء والمتفقهين، وقام بالتدريس فيها علماء أجلاء، وقد أوقفت ست الشام لهذه المدرسة أراضي واسعة للإنفاق عليها، فكان من الممكن القول إن هذه المدرسة كانت نقطة البداية لازدهار هذا الحي نتيجة لدور المدرسة في الحياة العلمية.‏‏

وكان حكر ابن صبح الذي أصبح لفظه (سبح) إلى الشمال من المدرسة الشامية البرانية المذكورة، مع الإشارة إلى أنه كان لابن صبح حكرين أحدهما شمالي المدرسة الشامية في موقع حارة قولي، والحكر الآخر هو حرك الورد عند حارة الورد.‏‏

حتى إذا كان عهد الأمير تنكز المملوكي نشأت سويقة ساروجة على يد الأمير المملوكي صارم بن صاروجة، وبذلك أمكن القول إن حي سوق ساروجة يعود إلى زمن المماليك.‏‏

وإذ شهد هذا الحي تطوراً كبيراً في العهد العثماني فاتسع نحو عين الكرش والصالحية وقامت به الدور الفارهة والحمامات الأنيقة الواسعة والعديد من المساجد.. فإن ذلك كان مدعاة لإطلاق اسم استانبول الصغرى على هذا الحي وخاصة بعد أن قطن فيه العديد من الأتراك العثمانيين وموظفيهم.‏‏

ورغم هذا كله فإن أهل هذا الحي ينسبون إطلاق سوق ساروجة على الحي إنما يعود إلى أحد الصالحين من «أهل الخطوة»، الذي لا يزال قبره قائماً في ساحة الحي شرقي جامع الورد.. وكان من الناس من يوقد الشموع ويقدم الزينة لإنارة مقامه كما أن منهم من كان يعقد على نافذة القبر المطلة على ساحة السوق الرئيسية الخيطان، ويربط سرائد رفيعة من القماش تيمناً في أن يكون ذلك محققاً للأماني والآمال.‏‏

وهم يرون أنه بينما كان ذلك المرء يؤدي فريضة الحج مع صحب له خطر لوالدته أن تطهو «تطبخ» الكبة باللبن «اللبنية» فاشتهت لابنها ذلك.. فإذا بابنها قد قدم إليها من الحجاز خلال لمحة واحدة، فعمدت إلى إملاء آنية السفرطاس من تلك اللبنية، فعاد بها إلى الحجاز وتناولها مع صحبه وهي لا تزال ساخنة فكان قدوم ذلك المرء من الحجاز إلى دمشق وعودته إلى الحجاز عبارة: «سار وجاء»، فأطلقت على العبارة على السوق فكان اسمه «سوق ساروجا».‏‏

ونظراً لامتداد هذا الحي من الشرق إلى الغرب عبر شارع أو طريق يتقاطع مع أزقة ضيقة وحارات أكثر ضيقاً فقد تولد عن ذلك وجود حارات على جانبي الطريق ومن ذلك:‏‏

حارة العبيد، دلالة على ما كان عليه سكان الحي من رفاه وسعة جعلتهم يستقدمون العديد من الخدم والعبيد، فكانت لهم حارة باسمهم.‏‏

وكذلك حارة القرماني نسبة إلى مسجد القرماني الذي أنشأه محمد القرماني في العهد العثماني، وحارة قولي التي حرّف اسمها عن خولي نسبة إلى الشيخ محمد الخولي. وحارة الورد التي أنشئت في عهد الأمير تنكز المملوكي أيام السلطان محمد بن قلاوون وحارة الشالة التي تعود إلى الأمير الشالق وحوّل اسمها إلى الشالة، أما حارة ستي زيتونة فهي تذكر بستة شهداء دفنوا تحت أو إلى جانب شجرة زيتون فكان لهم مقام على يسار الطريق الواصل بين سوق ساروجة وسوق الحدادين، وهو مقام بسيط لا يدل على ميزة عمرانية، أو زخارف معمارية، وتعرف هذه الجادة في هذه الأيام باسم جادة السلطان.‏‏

فضلاً عن ذلك يمكن أن نذكر خان البطيخ وسوق الهال القديم اللذين يتبعان هذا الحي.‏‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية