تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


منهج الموت عبر القواعد المؤسسة له

متايعات سياسية
الاربعاء27-4-2016
بقلم د: أحمد الحاج علي

تتجلى القواعد الحاكمة في الصراع على سورية وفيها بمنظومة كبرى تتسق مع اتساع الصراع كماً ونوعاً وتمتلك خاصية الدخول إلى عمق هذا الصراع وبناء النظرة النقدية بالمتابعة والتقويم لكل مجريات هذا الصراع الشامل.

ومن أبرز هذه القواعد المؤسسة وأكثرها إنجازاً للمتابعة من جهة, واستخلاص الدرس والعبرة من جهة أخرى نستطيع أن نثبت ثلاث قواعد مهمة شملت الموقف من المقدمات والأسباب إلى حالة ربط الأهداف المخططة بالمقدمات التي صاغت مجمل آفاق وعناوين هذه الجريمة الكبرى.‏

1- إن القاعدة الأولى هي التي تعطينا المشروعية والموضوعية معاً لكي نذهب باتجاه العمق دون التردد النمطي عند المظاهر والبوابات السياسية التي يجري حشر موضوع الصراع فيها وعندها بصورة مفتعلة في كثير من الحالات, هذه القاعدة تؤهلنا بمعيار المعرفة والموضوعية إلى القول بأن الصراع هنا هو تاريخي ومصيري وهو بالتوازي صراع إرادي وشامل ومن الواضح أن كل التطبيقات العسكرية والسياسية والاقتصادية تدور حول هذا المحور القاتل والأبعاد الكبرى هنا تتداخل مع بعضها ليكتشف كل متابع أو ناقض بأن الصراع في سورية وعليها تحول إلى ظاهرة بذاتها .‏

والظاهرة أبعد من الحدث وأعمق من الوقائع إنها فوق هذا وبعد هذا مسألة تاريخية ومنصة مصيرية وميدان لاكتشاف الإرادات المتناقضة وهي تواجه الموت والتدمير والخداع السياسي الإعلامي والأوصاف الثلاثة للصراع بكونه صراعاً تاريخياً ومصيرياً وحضارياً هي التي تؤهلنا للحركة من الظاهر إلى الباطن وجمع شتات الأزمة والاستدلال على عناصر القوة والقوى الداخلة في هذا الصراع بمعنى إن المفصل التاريخي يفرض حضوره من جهة واستحقاقاته بالتحليل والاستخلاص من جهة أخرى وهنا تكمن موجبات الظاهرة الخطيرة التي سوف تنعكس على الإنسانية بكاملها وإن كانت سورية العربية هي الموقع الجغرافي والديمغرافي الذي حددته قوى الشر والعدوان لإنجاز هذا البعد الإنساني الذي لم يعد لأحد عذر في الانكفاء عنه أو تغييبه بحجة الحيادية وتحت وطأة التصورات المجزوءة والأفكار الموبوءة التي أراد المعتدون من خلالها أن يصطنعوا المبرر للعدوان, وأن يبنوا منهجاً تلفيقياً يقوم على الادعاء المسبق والاجتزاء في المشهد واعتماد ماسموه (شهادات حية) يكلف بها شخص من هنا وسياسي من هناك ووسيلة إعلام تطبخ الأحقاد ثم تنفثها عبر سلاسل تبدو من الظاهر سهلة ومنطقية وهي في العمق قاتلة ومفبركة ومؤلمة.‏

2- وفي القاعدة الثانية التي تؤسس لمنهج الوعي والاستيعاب لحقائق هذا الصراع إنما تتجسد في فكرة جمع كل أفواج وأمواج الحاقدين من خارج سورية وفي الداخل السوري أحياناً.‏

لقد استطاعت القوى المؤسسة للإرهاب والراعية له أن تنسج خيوطاً ولربما خنادق على الأرض وفي الإنسان تتجلى فيها وحدة المعتدين من جهة ووحدة العدوان من جهة أخرى والعالم كله يتابع ويلاحظ بأن مصادر العدوان الإرهابي على سورية هي بمساحة العالم كله وهذا المعنى يدل على دور الإرادات العدوانية الرسمية وعلى مدى التنسيق مابين الدول الاستعمارية وفي ركابها الكيان الإسرائيلي وعبر منصاتها في تركيا أردوغان وعند آل سعود وفي عمق آل ثاني في قطر والمسار واضح هناك وحدة مكشوفة ومحمومة تجتمع عندها وفيها قوى الإرهاب والتكفير مع الأنظمة الرجعية العربية ومع الدور التركي وفي الحاضنة الدولية تتشكل كل عناصر الاستهداف الإرهابي لسورية, هنا تبدو النظرة (الكشتالتية) مهمة وضرورية لأن وحدة الإرهاب عبر حواضنه ومنابعه وأدواته شكلت منهجاً شيطانياً هو الذي يفسر لنا الآن مدى الدور الذي يقوم به الإرهاب وكأن مجموعاته لاتنضب وفي عمق ذلك تشكلت خاصية العبور لظاهرة الإرهاب من دولة لأخرى ومن الحدود مع سورية إلى الداخل السوري.‏

3- ثم يأتي دور القاعدة الثالثة والذي يتجلى في بناء منظومة العدوان بعد أن تم التركيز على قوى العدوان من خلال الأشخاص والمجموعات والفصائل والتنظيمات المنتشرة كالوباء في الداخل والخارج وفي صلب ما استخدموه في هذا الجانب هو المال الحرام في السعودية والخليج وفي تركيا وفي منابع متكاثرة على مدى مساحة العالم الإسلامي والإنساني ومع المال كان السلاح والمخازن مفتوحة عند الغرب الامبريالي والمال هو الذي ينقل السلاح من أميركا وأوروبا إلى الداخل السوري والعراقي, وفي عمق هذه المسألة اكتمل المنهج المعادي ببناء منظومة إعلامية سخروا لها الخبرات العاتية والألسنة التي لاتجيد سوى نشر الدمار وتبرير إنجازه في هذه المدينة أو تلك وهكذا كان لابد من غطاء (شرعي) فأخذتهم أحلامهم إلى الإسلام الحنيف واختلفوا الدعاة والفقهاء وزوروا وشوهوا في مسعى واضح لإطلاق فكرة جهنمية مفادها أن الله يريد ذلك قبل أي هدف أو ضرورة.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية