|
شؤون سياسية ومؤكدة ولا تحتاج إلى كثير من الجدل والتفسير حول تركيبة الجندي الأميركي الداخلية الغير متوازنة والمترددة والضعيفة في المواجهة في ميدان القتال على الأرض في العديد من المناطق التي غزتها جحافل الجنود الأميركيين في حربهم ضد الإرهاب المزعوم الذي فصلوه على مقاسات مصالحهم في المنطقة والدليل على ذلك تلك الإحصائيات والتصريحات والدراسات التي تبين الانهيار الكامل في الروح المعنوية للجنود الأميركيين الذين يقاتلون في أراض يقاوم أهلها ويدافعون عنها بشراسة وقوة وإيمان مقابل الجبن والضعف والإرباك والهلع الذي يختزنه الغزاة المرتزقة في أعماقهم الخالية من أية قضية يدافعون عنها . وعلى الرغم من محاولة تهرب القيادة العسكرية الأميركية من تفسير هذه الظاهرة أو تبسيطها وجعلها عادية فإنهم يعترفون أنه من بين التفسيرات التي قدمتها بعض دراساتهم العسكرية والنفسية أشارت إلى تعرض الجنود للمعارك وحالات توتر ما بعد الصدمة والمشاكل المالية والشخصية في مناطق القتال.وما يؤكد ذلك أيضا ما أظهرته أرقام للجيش الأميركي أشارت إلى أن الجنود الذين يخوضون عدة معارك قتالية معرضون بشكل اكبر للقيام بالانتحار وأظهرت الإحصاءات الجديدة ارتفاعا في هذا العام بنسبة 18 بالمائة عن العام الذي سبقه و هي تفوق بنسبة 25 بالمائة عن العامين السابقين وهي بوتيرة أعلى بنسبة 16 بالمائة من الوتيرة في عام 2009 والذي شهد أعلى نسبة في معدلات الانتحار السنوية حتى الآن، وتتفاوت نسبة معدلات الانتحار خلال مرور السنة ولكن في كل السنوات الخمس الماضية كانت معدلات الانتحار في شهر أيار مؤشرا على النسبة في السنة كلها وذلك حسب أرقام تابعة للطب الشرعي للقوات الأميركية. ومن بين الأميركيين العسكريين أنفسهم يشير الدكتور ستيفين شيناكيس وهو عميد متقاعد و طبيب نفسي أن معدلات الانتحار تعكس مستوى التوتر في صفوف القوات الأميركية في الوقت الذي تحاول فيه الولايات المتحدة الانسحاب من أفغانستان على وقع استمرار العنف وهي إشارة عامة إلى الضغط الذي تعرض له الجيش الأميركي بعد أكثر من عشر سنوات من الحرب وقد شهدت الأشهر المنصرمة وأكثرها شهر تموز الماضي ارتفاعاً بعدد حالات الانتحار المسجلة في صفوف الجيش الأميركي حيث بلغت 26 حالة وقال الجيش الأميركي في بيان إنه تم تسجيل 26 حالة انتحار محتملة في صفوفه خلال الشهر الماضي، فيما يجري التحقيق بـ25 أخرى.وكشفت بيانات الجيش انه خلال العام 2012 سجلت 116 حالة انتحار محتملة، 66 منها مؤكدة و50 قيد التحقيق، مع العلم انه في العام 2011 كان العدد 165 حالة مؤكدة ولا حالة قيد التحقيق، هذه الأرقام والحقائق أكدتها صحيفة (واشنطن بوست) الأميركية التي نقلت عن مسؤولين في البنتاغون قولهم أن 38 جندياً انتحروا في تموز الماضي ما يجعل منه الشهر الأسوأ على الإطلاق منذ بدأ الجيش بإحصاء حالات الانتحار في العام 2009. هذه الظاهرة أصبحت تشكل كابوساً ثقيلاً يخيم على القيادة العسكرية الأميركية التي أصيبت بالصدمة والذهول من ازدياد وتيرة هذه الظاهرة الخطيرة وما يؤكد ذلك ما قاله نائب رئيس الأركان الأميركي الجنرال لويد أوستن الثالث: إن (الانتحار هو أقسى عدو واجهته طوال 37 سنة لي في الجيش، وهو عدو لا يقتل الجنود وحسب بل عشرات آلاف الأميركيين سنوياً). إحصاءات رسمية لوزارة الدفاع الأميركية البنتاغون كشفت عن ارتفاع كبير في نسبة الانتحار بين الجنود الأميركيين تصل إلى نحو جندي واحد كل يوم وهو ما يشكل أسرع معدل لحالات الانتحار على مدى عقد من الحرب التي شنتها الولايات المتحدة على أفغانستان بحجة مطاردة الإرهاب ،وذكرت هذه الإحصاءات أن هناك 154 حالة انتحار لجنود أميركيين أثناء عملهم خلال الأيام ال155 الأولى من العام الحالي و هو الرقم الذي يفوق بنسبة خمسين بالمائة عدد الجنود الذين قتلوا خلال الهجمات العسكرية في الفترة نفسها في أفغانستان ،وتعكس هذه الأرقام حجم الإنهاك الذي يعاني منه الجيش الأميركي من أعباء الحرب التي خاضها في كل من العراق وأفغانستان والتي أدت لوقوع عدد اكبر بكثير مما كان متوقعا من القتلى في صفوف الجيش الأميركي .لاشك أن كل ذلك يصب في خانة الوهن العسكري الأميركي ويعكس حجم الانكسار الداخلي في صفوف الجنود الأميركيين الذين ما إن يخرجوا من أرض المعارك حتى تبدأ تداعيات ما لاقوه هناك من هول الصراع و شراسة المقاومة تظهر إفرازاتها على سلوكهم النفسي والجسدي فتعكس ضعفهم الداخلي وتتحول إلى أمراض وعقد مختلفة الأوجه تقود في النهاية إلى محاولة إنهاء الحياة عبر الانتحار بأساليب شتى للخروج من دائرة الصراع النفسي الذي لا يمكن احتماله . |
|