|
استراحة
وتقريبا عرفت معظم الأسماء المتداولة على نطاق واسع،ولكن هناك أسماء متداولة، لا يعرف معناها سوى قلة. ونحاول هنا أن نقدم معنى اسم (رندة ) ،لما له من معنى جميل ،ولا سيما أنه يتعلق ببلاد تنتعش الذاكرة بذكرها وهي بلاد الأندلس المسماة الآن (إسبانيا). أصل اسم رندة مأخوذ من(الرند) وهو اسم شجرة لها رائحة طيبة ،وكانت رمزاً للنصر قديماً. أما ما يربط هذا الاسم بالأندلس فهو أن رندة اسم مدينة بناها العرب فيها ،ولا تزال موجودة حتى يومنا هذا وتعد بين أجمل المدن الأندلسية . تدخل مدينة رندة اليوم ضمن محافظة مالقة التابعة لإقليم الأندلس, وقد استعادها الإسبان من العرب في عام 1485 ميلادية ،بمعنى أنها كانت من المدن الصامدة ، وانهارت قبل نحو مئة عام من سقوط آخر غرناطة آخر معقل عربي في الأندلس،وبعدها سهل على القشتاليين الاستيلاء على مالقة بعد سبع سنوات. تبعد رندة عن مدينة مالقة 122 كم في الشمال الغربي, وتقع قربها مدينة (Marbella)التي تسمى اليوم ماربيا, وتبعد عن رندة 48 كم , و يقارب عدد سكانها اليوم 35 ألف نسمة. وتقرب رندة من جهة الشمال مدينة إشبيلية ومن جهة الغرب مدينة شذونة والطريق الواقعة بين رندة و شذونة تكثر فيها البسائط الخضراء, وشهرة هذه المدينة اليوم بين الإسبان كانت بسبب وجود أول حلبة مصارعة ثيران في إسبانيا والتي أنشئت عام 1785م, في عهد فيليب الثاني, وهي أقدم ساحات الثيران في إسبانيا, وتتسع هذه الساحة لخمسة الآلاف متفرج. وفي المدينة بوابة فيليب الخامس التي بنيت على البوابة العربية القديمة وتم إنشاؤها عام 1741, وتعود إلى عهد ملوك بني الأحمر في القرن الرابع عشر ،ويرى آخرون أنها تعود إلى عهد الملك أبي مالك المريني. ومن أهم شوارع رندة أيضا شارع أرمينيان ويبدأ هذا الشارع من الجسر الجديد عند ساحة إسبانيا, ويمتد هذا الشارع داخل رندة القديمة, وإلى بوابة المقابر والتي تقع في الجهة الجنوبية للمدينة, وهذه الجهة هي أقل الجهات منعة, وهذه البوابة هي أحد أبواب الأسوار, ويعود تاريخها إلى نهاية القرن الثالث عشر في عهد ملوك بني الأحمر. وخلف هذه البوابة توجد كنيسة إسبيريتو سانتو وقد بنيت هذه الكنيسة بعد سقوط رندة بأعوام قليلة, وهي كنيسة مبنية على الطراز القوطي. وفي نفس شارع أرمينيان توجد ساحة مسماة على اسم الشاعر الأندلسي بأبي البقاء الرندي . واسم هذه الساحة ساحة أبي البقاء المطلة على شارع أرمينيان. وأبو البقاء الرندي شاعر شهير دخلت قصيدته التي يرثي فيها الأندلس في المناهج الدراسية العربية ،وهو أبو البقاء صالح بن يزيد بن صالح الرندي نسبة إلى مدينة (رندة) الأندلسية ،وقد ولد فيها عام 1204 وتوفي عام 1285 ، أي قبل سقوط (رندة )بمئتي عام . وكثيرون يظنون أنه يرثي الأندلس كلها ،ولكن قصائده تحكي عن بدايات تقهقر العرب في الأندلس،حيث عاصر الفتن والاضطرابات التي حدثت من الداخل والخارج في بلاد الإندلس وشهد سقوط معظم القواعد الأندلسية في يد الأسبان، وحياتُه التفصيلية تكاد تكون مجهولة، ولولا شهرة هذه القصيدة وتناقلها بين الناس ما ذكرته كتب الأدب، وإن كان له غيرها مما لم يشتهر. وكان بارعاً في نظم الكلام ونثره. وكذلك أجاد في المدح والغزل والوصف والزهد. إلا أن شهرته تعود إلى قصيدة نظمها بعد سقوط عدد من المدن الأندلسية. وفي قصيدته التي نظمها ليستنصر أهل العدوة الإفريقية من المرينيين عندما أخذ ابن الأحمر محمد بن يوسف أول سلاطين غرناطة في التنازل للإسبان عن عدد من القلاع والمدن إرضاء لهم وأملا في أن يبقى ذلك على حكمه غير المستقر في غرناطة وتعرف قصيدته بمرثية الأندلس. ومطلع قصيدته: لِـكُلِّ شَـيءٍ إِذا مـا تَمّ نُقصانُ فَـلا يُـغَرَّ بِـطيبِ العَيشِ إِنسانُ هِـيَ الأُمُـورُ كَما شاهَدتُها دُوَلٌ مَـن سَـرّهُ زَمَـن سـاءَتهُ أَزمانُ دهـى الـجَزيرَة أَمـرٌ لا عَزاءَ لَهُ هَـوَى لَـهُ أُحُـدٌ وَانهَدَّ ثَهلانُ فـاِسأل بَـلَنسِيةً مـا شَأنُ مرسِيَةٍ وَأَيـنَ شـاطِبة أَم أيـنَ جـيّانُ؟ وَأَيـن قُـرطُبة دارُ الـعُلُومِ فَكَم مِـن عـالِمٍ قَدسَما فِيها لَهُ شانُ قَـوَاعد كُـنَّ أَركـانَ البِلادِ فَما عَـسى الـبَقاءُ إِذا لَم تَبقَ أَركانُ يـا غـافِلاً وَلَـهُ في الدهرِ مَوعِظَةٌ إِن كُـنتَ فـي سنَةٍ فالدهرُ يَقظانُ ومن مشاهير رندة ابن عباد الرندي ،وهو صوفي ،ولد في مدينة رُندة سنة 1371م. وتبقى الإشارة إلى مهندس اسباني يقارب اسمه اسم مدينة ( رندة ) وهو (دورانده) الذي شارك في تصميم وتنفيذ عدد من معالم دمشق منها مبنى محطة الحجاز ،ومبنى العابد في عام في ساحة المرجة ،وأحب أن يقضي بقية حياته في دمشق وان يوارى في ثراها. |
|