|
مجتــمـــــع في سورية وحدها، كل شيء مميز، حتى الأم، دافئة الحضن كريمة الخصال، مهدها حضارات الأمم، ونساء التاريخ، أصلها من قداسة البتول مريم، وحزن الخنساء، وكبرياء زنوبيا ومحبة عشتار ومقاومة جميلة بو حيرد. من رحمها تولد الحياة ويولد الرجال فحين يحمل الرجل صفات المروءة والشهامة والقوة، يقولون: «رحم من رباك» ويحيون «البطن الذي حمله». تنحني لك الهامات وتخضع لحزنك المقامات يا أم الشهيد وحدك من تهبين رجالاً من رحمك تودعيهم رحم الأرض، وتطلقين زغرودة فرح منداة بدمع يعجز عن الوقوف بين الهدب والجفن. تزفين عريساً كان الدم حمام زفافه. ينطفئ لحزنك كل حزن فمخاض الأيام وسهر الليالي وأنت ترقبين برعمك الصغير، يشتد ويصبح غصناً قوياً، عتياً، وعصياً على الانكسار تنتظرين فرحه وأولاده. لكنك تتوقفين عن الحلم، حين تناديه سورية فلا تبخلين بروحك المعلقة بأطراف ثوبه. أنت يا أم تختارين قدرك، فتمنحين الشهادة شرف صبرك الأسطوري. تهبين للصبر صبراً وللضعف قوة وللفناء الخلود، أنت سورية التي تختفي تحت الرماد، ويوجعها الحزن، تذرف الدموع، لكنها تنتفض كطائر الفينيق من تحت ركام الموت والخوف، لتريهم القوة والعزيمة ومعنى الحياة والوجود ومعنى الوطن. أنت أجمل الأمهات، تصيبين الحاقدين بالصدمة يبتسمون وهم يحصون عدد شهدائنا والقلوب التي مزقوها لكنهم يذهلون حين يرونك صامدة، صابرة، والحياة عندك مازالت مستمرة. تعلنين للكون أن لا قيمة للحياة بلا تضحيات ولا قيمة للزمن الفارغ من محتواه إذا لم نملأه بالقوة والحياة والحب والكبرياء. من صبرك من عنفوانك وكرمك اللا محدود، نتعلم كم هو غال الوطن، وكم رخيصة أرواحنا في سبيله. |
|