|
الافتتـاحية الأمر ليس نكتة سياسية سمجة.. ولا هو تحليل افتراضي.. كما أنه لا يدخل من باب التنجيم السياسي المزدهر هذه الأيام.. بل واقع تؤكده التسريبات القادمة من العاصمة الأميركية. هذا ربما يفسر جانباً من خفايا الزيارة التي يقوم بها وزير الخارجية القطري لواشنطن ولقاءاته مع المسؤولين الأميركيين واستغلال المنابر الأميركية لبث المزيد من التحريض والتجييش في وقت لم يعد من العسير الاستدلال على ما يدور في الغرف المغلقة. ما فات الوزير القطري أن ما عجزت عنه أوامر العمليات الأميركية لن تنجح فيه التورمات القطرية، والسبب ليس لضحالة ما لديه فقط، وإنما لأسباب أخرى تتعلق أولاً وأخيراً بانكشاف حجم التورم الذي أصاب الدور القطري، حيث بدا استقواؤه بالأميركيين محاولة لإعادة النفخ في هذا الدور من جهة، مقابل استجداء الإدارة الأميركية بتأجيل الإعلان عن فشل ما قامت به من جهة ثانية. ما نقوله ليس استنتاجاً.. لكن يمكن تلمسه في التعاطي الإعلامي والسياسي مع زيارة حمد إلى واشنطن: حين أظهرت تناغماً مع هذين الاتجاهين ودون أي حرج، بل ذهبت بعض وسائل الإعلام الأميركية إلى الحديث علناً عن التعديلات التي تم التوصل إليها لإعادة تصويب الحملة مدعمة بأدوات ووسائل جديدة. ما هو مؤكد أن الحماسة الأميركية لأفكار الوزير القطري لم تكن بمستوى ما كان يأمله، وأنه في كل لقاءاته لاقى لغة من العتاب لم تتمكن الدبلوماسية من إخفائها، وإن حملة التجييش السياسي والاستنفار الإعلامي استهلكت أدواتها دون أن تحقق ما هو مطلوب، بل ثمة تراجع واضح نتيجة التآكل الحاصل. هذه الحقيقة الصادمة حركت لدى الوزير القطري هواجس لا حصر لها، فخط العودة الذي قطع أوصاله منذ لحظة انخراطه في المخطط لن يجد منه حتى قشة الغريق، وتشبثه ببقايا التشظيات المتوافرة بين يديه، لن تساعده على الاستمرار أكثر. فسورية أقوى، وكل المحاولات للنيل منها باءت بالفشل الذريع.. وعلى أدوات المؤامرة ومديريها تدور الدوائر!! تلك الهواجس على ما يبدو هي التي تشعل مخاوفه، بل ترسم على ملامحه مؤشرات خيبة لا تقتصر على فشله في المخطط، وإنما أيضاً علامات الاستفهام حول مستقبله السياسي، ومستقبل إمارته التي تزداد حولها التساؤلات في ظل تسريبات متتالية عن خلافات تطفو على السطح وإن بقيت حتى اللحظة خارج التداول الإعلامي إلا على نطاق ضيق. المقامرة القطرية لم تنته هنا.. هذا مؤكد.. لكن أيضاً الاستمرار فيها محفوف بارتدادات لن تقف عند حدود الفشل وإعلان صريح بالإفلاس، بل تمتد إلى مساحات تطول الأدوار الأخرى التي شاركت في المغامرة دون أن تحسب خط الرجعة، وبعضها على الأقل بالغ في تورطه.. وكما تورمت الحالة القطرية، تورمت لديه الأوهام وبنى عليها حساباته التي تواجه هي الأخرى مأزق الفشل ذاته. وبتقاطع الهواجس المقلقة لدى أدوات المؤامرة كما هي لدى مديري المخطط ومنفذيه، تتسارع إلى الذهن مجموعة من الانطباعات التي سرعان ما ظهرت بوضوح في التعابير الصادمة لهم التي تخرج من غير مكان.. وحتى المواقف التي كانت مستنسخة لوقت قريب تتمايز في بعض جوانبها عن سياق خطاب أغرق المشهد في مفردات مستوردة وفي تعابير حُملت على الخطاب وأغلبها جاء عبر أمر العمليات الأميركي المتواتر على مدى الأشهر الماضية. الحقيقة الصادمة تلك لدى الأدوات والمديرين للمخطط تتفاوت حدتها، وبالقدر ذاته أيضاً تتفاوت فرص أو نوافذ الاستدراك لديها، فمنها من لم يقطع خط الرجعة نهائياً.. وبعضها حافظ على بعض المنافذ.. والبعض الآخر ندرك جيداً أنه قطعها نهائياً والدلائل ذلك التمايز في ارتدادات الفشل والإفلاس لدى كل طرف. الواضح أن بين تلك الأدوات من يملك الفرصة لإعادة الحسابات وقراءة المعادلات المتشكلة.. وفيها أيضاً من يدرك أن الباب الموارب على الأقل يتيح لها النفاذ وأن التباينات القائمة تتيح منافذ ما زالت قابلة للاستخدام وتوفر لها ممرات عبور آمنة وبأقل الخسائر.. فهل هم فاعلون؟!! |
|