تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


الإصلاحات الجذرية.. تبدأ بمراجعة الميثاق وتنتهي بالانعتاق من الهيمنة

قاعدة الحدث
الخميس 20-10-2011
إعداد- دينا الحمد

ربما يكون السؤال الأهم الذي يطرح عند الحديث عن إصلاح الأمم المتحدة هو: كيف السبيل لإصلاح المنظمة الدولية بحيث يكون لرأي دول العالم البالغة 193 أو معظمها هو الرأي الفاعل

وهو الصوت الأقوى لكل قضايا العالم وليس رأي عدة قوى عظمى في مقدمتها أميركا التي تسيطر على القرار الأممي وتوجهه الوجهة التي تريد؟!.‏

من خلال الإجابة عن هذا السؤال الهام يمكن القول: إن إصلاح المنظمة الأممية يبدأ من سحب البساط من تحت القوى الكبرى وفي مقدمتها الولايات المتحدة التي تهيمن على قرارات مجلس الأمن الدولي وتستخدمة كمطية لتنفيذ سياساتها ومصالحها من خلال نفوذها في المجلس واستخدامها لحق النقض الفيتو.‏

وبهذه الصورة فقط يمكن فعلاً الانطلاق نحو دور جديد تكون بموجبة الأمم المتحدة قادرة على حل القضايا الشائكة في العالم وفرض القانون الدولي على كل من ينتهك القوانين الدولية وفي مقدمتها لجم الكيان الاسرائيلي وإجباره على تطبيق مئات القرارات الدولية التي داست عليها وبقيت حبراً على ورق لأن الولايات المتحدة لم تسمح بذلك.‏

وهذا الأمر يستدعي من الدول الأعضاء في الأمم المتحدة أن توحد جهودها ليكون صوتها هو المسموع وهوالأقوى ولتكون إرادتها هي السائدة لطي حقبة الهيمنة على قرارات المنظمة الدولية وطريقة إدارة الأزمات من قبل قوى محددة وفي مقدمتها أميركا التي تكرس كل جهدها للتستر على جرائم اسرائيل واغتصابها للحقوق العربية وممارستها لكل أنواع الإرهاب بحق الشعب الفلسطيني.‏

وقد أشار الدكتور حسن نافعة المحلل السياسي المصري إلى التحديات الكبيرة التي تواجهها الأمم المتحدة والتي أصبحت بموجبها مشلولة مثل تحقيق السلم والأمن الدوليين وأكد نافعة في دراسة له عن هذا الموضوع أن المنظمة الدولية نشأت في لحظة فريدة أملتها تحالفات غير طبيعية فرضتها ضرورات الحرب العالمية الثانية وتعايشت الأمم المتحدة وتكيفت مع نظام ثنائي القطبية تستعر بين عناصره نار الحرب الباردة.‏

ويضيف نافعة أن فترة الحرب الباردة حاولت الأمم المتحدة لعب دور في نقطتين هما تصفية الاستعمار وقضية التنمية، لكن مع انهيار الاتحاد السوفييتي دخلت المنظمة الدولية في عهد جديد من عملها تسوده الهيمنة الأميركية وظهر ذلك من خلال نشاطها في عمليات حفظ السلام في أكثر من دولة ترغب أميركا بدخولها تحت ستار الأمم المتحدة.‏

ويشير الكاتب إلى أن الحماسة التي أبدتها المنظمة الدولية في بعض الملفات مثل تحرير الكويت لم تنسحب على الأزمات الأخرى مثل أزمة الصراع العربي الإسرائيلي وسكوتها على مئات المجازر التي ترتكبها إسرائيل ما يؤكد أن المنظمة الدولية تتعامل بمبدأ ازدواجية المعايير مع الأزمات.‏

ويؤكد الكثير من الباحثين أنه تبين بعد أحداث الحادي عشر من أيلول أن محاولات أميركا للهيمنة على العالم قد جاءت تحت غطاء من الأمم المتحدة وهذا الموقف يناقض بشكل صارخ فلسفة الأمن الجماعي وبالتالي بات من العسير على الأمم المتحدة أن تمارس دورها المطلوب إلا إذا قامت بإصلاحات جدرية على رأسها مراجعة ميثاقها.‏

ويرى قانونيون دوليون أن اصلاح الأمم المتحدة يستدعي نقل صلاحيات مجلس الأمن الدولي إلى الجمعية العامة لأن ذلك يخرج الأمور من السيطرة الأميركية والغربية على قرار المجلس ناهيك عن توسيع أعضاء المجلس الدائمين وتقييد استخدام الفيتو كما يجب أن يتحول مجلس الأمن إلى أداة لتنفيذ قرارات الجمعية العامة لأنها تمثل دول العالم قاطبة صغيرها وكبيرها وبشكل متساو فضلا عن احترام أحكام محكمة العدل الدولية، واليوم يرى العالم كيف تهمش الجمعية العامة ولا ينفذ لها أي قرار إلا إذا وافق مجلس الأمن عليه.‏

والواقع إن هذا الاتجاه في الاصلاح يأتي من خلال اعتبار الجمعية العامة برلماناً للعالم وإعطاء هذا البرلمان العالمي نفس صلاحيات أي برلمان في أي دولة وهي أن يكون أداة التشريع ويكون مجلس الأمن أداة التنفيذ ومحكمة العدل الدولية هي السلطة القضائية.‏

وأخيراً لابد أن تمارس الجمعية العامة كل الصلاحيات المكتوبة في الميثاق من الفصل الأول إلى الفصل الـ 19 وما لم يتحقق ذلك فإن الأمم المتحدة ستبقى مكبلة وسيكون مصيرها التهميش المطلق وخصوصاً أن الامبراطورية الأميركية تجد في أي توجهات إصلاحية للمنظمة الدولية تقييداً ليدها الطولى وإضراراً بمصالحها ولذلك ستظل تسعى إلى تكريس الواقع الحالي للأمم المتحدة فهل تسمح دول العالم باستمرار الوضع على ما هو عليه؟!.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية