تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


تشرين الأول.. أربعة فصول في شهر واحد .. وأحياناً في يوم

استراحة
السبت 22-10-2011
محمد قاسم الخليل

يعد تشرين الأول فترة انتقالية بين الصيف والشتاء، ولكنه يتميز بانخفاض الحرارة بشكل واضح عن الشهر السابق، وبشكل عام تنكسر حدة الحرارة العالية التي شهدتها المنطقة العربية صيفا، وتستمر هذه الفترة الانتقالية حتى نهاية تشرين الأول

وقد تمتد إلى الأسبوع الأول من تشرين الثاني، ونشهد خلال الشهر اختفاء رياح السموم، لتبقى نسمات منعشة في الظل وتبدأ درجة الحرارة في الانخفاض سريعاً، كما نشهد بداية الرطوبة.‏

ويبدو تشرين الأول الشهر الأوضح تعبيرا عن الخريف بين شهور هذا الفصل من السنة، لكن يمكن ان نسميه شهر الفصول الأربعة دون أن نبخسه حقه، حيث تكون بعض أيام الشهر حارة ولاسيما في أسبوعه الأول وقد تكون معتدلة كما في أسبوعه الثاني وقد تكون خريفية تهب فيها الرياح وتتساقط الأوراق كما في أسبوعه الثالث، وقد تكون باردة كما في أسبوعه الأخير، وقد لاحظنا بوضوح هذه التقلبات المناخية خلال الفترة الماضية من الشهر.‏

لكن المفارقة الطريفة في تشرين الأول أن نشهد الفصول الأربعة خلال يوم واحد من أيامه، فنجده باردا في الصباح والمساء وحارا عند الظهيرة، ومعتدلا من العصر إلى غروب الشمس، وكانت برودة المناخ واضحة في الليل لذلك ينصح بارتداء اللباس الخريفي، وحسب حرارة الجو.‏

وبسبب هذه الرياح يلقب تشرين الأول شعبياً أبو الشراقي، نسبة إلى الرياح الساخنة القادمة من جهة الشرق، وأحيانا تصبح شمالية رطبة قليلا، كما هو الملاحظ هذه الأيام، وأحيانا أخرى تصبح ساكنة عندما تنقطع عنا الرياح من جميع الجهات، وتسبب ما يسمى (الجو السديمي) أو المغبر وقد مرت بنا هذه الحالة منذ أيام، ولم تطل على منطقة دمشق لكنها مكثت مدة أطول في المحافظات الشرقية، وهي أيضا حالة طبيعية وليست استثنائية.‏

وقد عرف العرب قديما تقسيماً مميزا لمواسم السنة، واستفادوا منه في معرفة مناخهم، وتوقع طقسهم، ورغم ارتباط هذا التقويم الدقيق بظهور النجوم متعاقبة على امتداد السنة حيث يظهر كل 13 يوما تقريباً نجم مختلف، في محاولة لربط تقويمهم بتوقيت ثابت لا يتغير، يختلف عن توقيت السنة القمرية.‏

ففي السادس عشر من تشرين الأول يبدأ فصل الوسم في التقويم المناخي العربي، ويستمر حتى الخامس من كانون الأول ومدته 52 يوما، وبعض الحاسبين والملمين بالطوالع يدخلونه قبل هذا التاريخ في العاشر من تشرين الأول تقريبا، وفي أوله يظهر نجم العواء.‏

والوسم في اللغة العربية أثر الكي، والوسام، والوسمة: ما وسم به الحيوان من ضروب النقوش، وهو في علم الجغرافيا: النوء الذي يحل بعد نوء (سهيل) مباشرة، وفي نهايته يحل نوء المربعنية، ويمكن أيضاً تحديد دخول الوسم بدقة بالمشاهدة وذلك إذا تعامدت الشعرى مع سهيل فجراً.‏

ونوء الوسم (ليس نجما) انما هي صفة، اتصفت بها مجموعة الأيام التي (ينزل فيها المطر) حيث أن ذلك المطر النازل فيها (يسم) الأرض بالاخضرار، فينتج عنه الفقع، والشيح، والروض، والنفل، وجميع الأعشاب البرية، لذلك قالوا عنه وسما.‏

ويشتمل نوء (الوسم) على (أربعة) منازل وهي منازل العواء والسماك والغفر من مجموعة نجوم من برج العذراء، ومنزلة الزبانا احدى كفتي برج الميزان.‏

وتكون السماء خلال تشرين الأول أكثر صفاء من أي شهر آخر ليلا ونهارا، وبنفس الوقت لا يوجد بين الأرض والقمر غبار أو إشعاعات تحجب الرؤية الصافية، ولهذا يمكن أن نرى الأهلة ومنها هلال شهر ذي الحجة في هذا العام بوضوح ودون التباس، ومن المتوقع أن نراه بعد غروب الخامس من تشرين الثاني، وسبب صفاء الجو في هذا الشهر الرياح اللطيفة التي تنقي الجو من الغبار والدخان داخل الغلاف الجوي.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية