تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


قراءة في حدث.. وعد شرف

آراء
الخميس 27 -10-2011
د. اسكندر لوقا

شهد العام 1914 ، كما شهدت أعوام تالية أخرى العديد من الوعود التي قطعت للعرب ولم تنفذ، وذلك لاعتبارات لا بد أن يكون قراء التاريخ الحديث قد وضعوا أيديهم واكتشفوا خلفياتها.

على الصعيد المتصل، نقرأ على سبيل المثال، نقرأ عن الوعد الذي قطعه على نفسه، وباسم حكومته، المستر«ستورس» السكرتير الشرقي لدار المندوب السامي في مصر، برسالته التي بعث بها إلى الأمير عبدالله بن الحسين وجاء فيها بالحرف:«إن حكومتي على أتم الاستعداد لتقديم كل مساعدة ممكنة للعرب، وفي مقدمتها مقاومة المستعمرين العثمانيين في بلاد الشام».ولأن مثل هذا الوعد لا يمكن أن يصدر من قبل الحكومة البريطانية بالمجان وبلا مقابل، فقد اشترط المستر«ستورس» كي تفي حكومته بوعدها أن يؤيد العرب الحلفاء في حربهم ضد السلطنة العثمانية التي كانت قد أعلنت حربها على دولهم إلى جانب ألمانيا.‏‏‏

وبطبيعة الحال، فقد استجاب العرب، بحسن نية وبقلب طيب، لهذا الشرط، فكان ما كان وانسحب المستعمرون العثمانيون من بلاد الشام إبان انتهاء الحرب العالمية الأولى في سنة 1918كما هو معروف.‏‏‏

ولكن، ما لم يكن معروفاً حتى ذلك التاريخ تفاصيل الجرم الذي ارتكب بحق العرب قبل سنتين من انتهاء الحرب، بإبرام الاتفاقية المشؤومة، اتفاقية سايكس - بيكو التي بموجبها ضرب الوعد بعرض الحائط، وباتت نوايا دول الحلفاء مكشوفة في سياق مخطط وضع دول المنطقة تحت وصاية المستعمر الفرنسي والمستعمر البريطاني، فكانت سورية ولبنان من حصة الفرنسيين والعراق وفلسطين من حصة البريطانيين، وبذلك اكتملت حلقة التآمر على حاضر ومستقبل دول المنطقة، وما نشهده اليوم من معالم الصراع على المنطقة بين الفرنسيين والبريطانيين من جهة وبينهما وبين الأميركيين من جهة أخرى، لا يعدو كونه تأكيداً لخيانة الوعد الذي أبرم للعرب منذ بدايات القرن الماضي، وبالتالي لم يكن وعد شرف كما كان عرب تلك الحقبة يعتقدون.‏‏‏

إن ثمة العديد من الوعود التي يمكن أن يعود إليها المتتبع للسياسة الاستعمارية في العصر الحالي، وهي في مجملها وعود لم تكن ذات مصداقية كما ثبت ذلك على مدى السنوات، وقد دفعت أمتنا العربية، من محيطها إلى خليجها، الثمن باهظاً لقاء تعاملها مع المستعمرين بحسن نية وبقلب طيب، وكان جزاؤهم ما نشهده على ساحاتنا العربية في أيامنا هذه، أيضاً من مغرب الوطن العربي إلى مشرقه.‏‏‏

ولهذه الاعتبارات، بات المواطن العربي لا يثق بوعد، حتى إذا وصفه معطيه بقوله إنه«وعد شرف»، لأن مفهوم الشرف عند العرب غيره عند الطامعين باحتلال أراضيهم، وأمثلة التاريخ شاهدة على هذه المعادلة وهي أكثر من أن تحصى.‏‏‏

Dr-louka@maktoob.com ‏‏‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية