تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


لماذا نصير وطنيين أو عشاقاً؟!

آراء
الخميس 27 -10-2011
حسين عبد الكريم

في زمن الحب الجيد الحبيبات يبحثن عن الحبيب الذي بسمعة جيدة ولياقة أخلاقية ووطنية.. مثل الحصان الأصيل الذي يلحقه نسبه.. ومعنى الحصان من الحماية، ومعنى الحب من الوطنية..

جارنا أبو حبيب تزوج، حتى تعب قلبه، وكان يتحدث عن نفسه: وطني بن وطني، أبي حارب الغدر والغدارين، وأنا مثل أبي محارب شديد على جبهة الوطن والوجد.. وزوجته الأخيرة، التي رعت غيابه وفقده كما رعت عشقه لها وزواجه منها، قالت عنه وتقول: أبو حبيب زينة العشاق وأبو الأريحية الوطنية الصادقة.. ولد أبي حبيب يحمل من الأب روحاً حنونة ومصداقية وألفة وصداقة جيدة مع الينابيع والأقرباء والجيران ويعرف الناس بوطنيتهم: هذا وطني محترم، وهذه تشبه الوطن، والأصدقاء إما أوطان للحب وإما راسبون في أبسط مذاكرات الوفاء البلدي وأسهل اختبارات الإخلاص الحي المتواتر أباً عن أبِ وجداً عن جدِ ووفياً عن وفي ومخلصاً عن مخلص..‏‏

بشر بسطاء مثل الوطن.. حنونون مثل شجر التين والزيتون.. وأصفياء مثل المطر وعشق الغيم للغيم والرياح للأغصان العالية..‏‏

الصديق القريب من ولد أبي حبيب سليل الوفاء آت والنقاء الوطني، أدركه الفقر والعوز، رغم أن اسمه ياسر وكنيته صالح.. قلنا له: الفقر على ثيابك وقمصان قلبك وسترة فؤادك.. ووعكة الحاجات على الشرايين والأشرعة فلا تمشي بلا فقرك ولا ترحل من غير غلاظة الحاجات.. حينها أجاب:‏‏

في القلب وطن يكفي لصون الهمة وفي الفؤاد عشق يفي بالغرض ويقي الأفق ويحمي الدروب من شقاء العراء.‏‏

كالمسيح الفادي الذين يغيبون من أجل حب وطني ووفاق وجداني يغيبون عن الجميع وباسم الجميع والباقون يبقون باسم الوطن الجميع ويحبون باسم الكل.. الوطن علاقة العلاقات..‏‏

نصير بكامل وطنيتنا رغم كل الفقر المتاح.. لماذا؟‏‏

لأننا حين ترتدي قلوبنا قمصان الوجد الوطني نصبح أشداء ونصبح أقوياء كا لـ مرحبا والـ أهلاً وسهلاً.. تصوروا أيها الأحباب: رجل في حين ايملك العديد من البنايات، وليس لديه (مرحباً) أو أهلاً وسهلاً وحين اختلال التوازنات الوطنية وجدناه يبيع الوطنية بالغدر.. حتى كرهته زوجته وأخته وكرهه اسمه.. نصير وطنيين ليكبر حبنا البلدي في كل مكان نحيا..‏‏

الوطنيون لا يكرهون ولا يتمنون اليباس لشجرات الآخرين.. وحين يعبرون أين يعبرون تلحق بهم محبتهم وتكبر حول قلوبهم الحقول وتعلو العناقيد وتتجلى، والكون بهم أحلى وأغلى ومن غير الغيرة الوطنية الفقير فقير جداً والأمير بلا أمارة.. والغني يتقاعد بالتقادم ويهلك غناه كحقل قمح مصاب بالتسوس.‏‏

إما وطنيون أو وطنيون بكامل عافيتنا الوطنية.‏‏

الفرق بين الإنسان والإنسان الإنسانية أو عدمها.. وبين الوطني والوطني منسوب الوطنية..‏‏

والفقر لا نزعجه أو نفر منه.. بل نطحنه ونرشه على موائد كلامنا ووفائنا وصداقاتنا التي لا تنتهي لا يوجد وطني عاشق يجوع أو يتشرد.. لابد أن يعثر عن منطق لقلبه وأن يهتدي لملاذ لأشواقه ومحبته.. والوقت الوطني استثنائي وعلى أهبة التسامح والشبع عكس الوقت الخائن الملوث دائم النهم والشعور بالتقهقر والكراهية. جارتنا الجميلة قبل خروجها من بيتها البسيط تهيئ العديد من الابتسامات والضحكات اليسيرة وتحكي حين تحكي.. وما أجمل حكيها وعدم حكيها:‏‏

الوطن الذي يستطيع الحب وينجب المحبين ألا يستحق الضحك والابتسامات مهما تجاسرت على أفئدتنا الأحزان والحسرات والكوارث؟‏‏

نستحق أن نبتسم ونضحك لنخبر مآسينا أننا مازلنا على قيد الحياة وأهبة العطاء اللائق... العطاء الوطني لايذبل بالعطش ولا يصاب بالعفونة جراء التغيرات.. الجارة الحسناء تصبح علينا بالخير وتهدي القلوب السلام والضحكات النثرية.. وتقول: الضحكات الشعرية تحتاج حباً من النوع الثقيل..‏‏

رغم الأحزان الضارية مثل وحوش الغابات البائسة واليائسة لم يزل في الوطن العديد من أجود أنواع الحب والوفاء والجيرة والصداقات واللقاءات.. ورغم فداحة الوقت الخائن واللئيم والغربي المسموم والفكري العفن مثل تفاحات يئست من لقاء أشعة الشمس فاهترأت في ضيقها. الوطن يؤلف وقتاً وطنياً وعشقاً وطنياً وصفاءً وطنياً ويبتكر أوقاتاً وطنية (فرطاً) وصداقات وطنية بـ (الجملة) و(المفرق) يحتاج كل قلب على حدة وتحتاجها القلوب دفعة واحدة. وقت وطني في مواجهة وقت لعين وقاتل وعفن.. في خزانات الوجدان لا يبقى إلا وقتان: واحد للوطن وواحد للعشق والوطن.. وبين الوقتين يضيع ويلتقي جمال كثير وفقر وقهر وسرور وحنين وفي كل المرات والأزمات والفجائع الكبرى أو الصغرى لا تقوم الكراهيات وعفونة الأفكار مقام الألفة الوطنية والعشق الوطني ولا وقت يعلو فوق وقت الوجدان والوطن..‏‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية