تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


همجيـة ربيعهـم

رؤية
الخميس 27 -10-2011
وفاء صبيح

مقتله ذكرني بأسامة بن لادن, رغم الفوارق بينهما في جنسية المنفذين وطريقة القتل.

ذابحو القذافي والذين مثلوا وشمتوا فيه حياً وميتاً هم سُمر الملامح، عرب اللسان من أبناء جلدته,‏

فيما منحت آلاف الرصاصات ميتة لائقة لجسد بن لادن النحيل, ذبح القذافي كان على الطريقة الإسلامية، فقد ساقوه الى المذبحة بصيحات التكبير وكأنه شاة, وزادوا كرنفال الدم صخباً بان فعلوا فيه الأفاعيل, قبيل مقتله وبعده, من تلك التي لاتخطر ببال سكان الغابات.‏

المشترك الاكبر بين الاثنين, وهو ما أخشاه كثيرا, تلك الثقافة الجاثمة خلف المشهد, التي تغذي دوافع الانتقام، ثقافة الاحتفاء بالقتل, التي تسوقه على انه فرحة وعيد, أتذكرون يوم مقتل بن لادن, كيف ان الإعلام الغربي والموازي ضخما الحدث على انه يستحق رفع الأنخاب.‏

الأسبوع الماضي مارسوا طقوس العيد ورفع الأنخاب مجدداً, وهم يحتفلون بمقتل القذافي عبر التذكير على مرحلة مابعده، متجاهلين التفاصيل والحيثيات والهمجيات والثأريات التي مورست عليه، فكم من راو لقصة القبض عليه وقتله، وكم فاحت من أفواه الرواة روائح الفرح بنصر من وهم، أراد الإعلام ومالكوه وموجهوه تحويل عملية القبض الى دراما احتفالية تقرن النصر بإقامة المحاكم الميدانية.‏

المشهدية الدموية التي ختم بها «ثوار» ليبيا ربيعهم، وهم ينتقمون ببربرية من القذافي, والزهو بالعربدة على جسده الميت, كانت رسالة أبلغ من رصاصة للعرب ولغيرهم, رسالة جعلتني أفضل ألف مرة البقاء في سبات شتوي, ان كان هذا خياري الوحيد, على التطلع الى ربيع قان لايزهر إلا بالدم.‏

ما أجمل الخريف والشتاء بعيداً عن همجية ربيعهم.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية