تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


بين الحكومي والشعبي

البقعة الساخنة
الخميس 27 -10-2011
مصطفى المقداد

تتخذ الأزمة في سورية مسارات متباينة ما بين فترة وأخرى تبعاً للعوامل الخارجية ذات التأثيرات الواضحة في تحركات الشارع في معظم مناطق التوتر والاحتجاج وجميع مناطق المواجهات المسلحة ،

فما يتم في الداخل من قتل وتخريب واختطاف في بعض المناطق إنما يأتي تنفيذاً لما يتم صوغ تفاصيله في أكثر من عاصمة إقليمية ودولية ، وتختلف الأساليب وفقاً لقدرة الشعب والدولة على امتصاص الصدمة وإعادة توجيهها ، فيتغير الأسلوب من حيث الشكل أو المكان ، لكن المضمون يبقى ذاته .. ذلك المضمون التخريبي الهادف إلى زيادة إراقة الدماء ، والإمعان في التخريب المادي والمعنوي ..‏

وبالقدر الذي تبدي فيه الدولة رغبة في المضي بالعملية الإصلاحية قدماً ودون أن تعير الخارج وتطوراته أي اهتمام ، نجد أن الهجمة الإعلامية والسياسية ما زالت تستعر في محاولات متكررة لزيادة حدة التوتر الداخلي ، من خلال الإيحاء لبعض الداخل أنهم يلقون دعماً وتأييداً ، فيما الحقيقة تتمثل في دفع الكثير من المواطنين نحو الموت المجاني تحقيقاً لأطماع المخطط وتفاصيله اليومية .‏

ومن هنا كانت مسرحية استدعاء السفير الأميركي في دمشق روبرت فورد إلى واشنطن بذريعة الخوف على سلامته جراء عملية التحريض الإعلامي الذي تقوم به أجهزتنا ووسائل إعلامنا المحلية ضده ، وتتناسى الإدارة الأميركية في مسرحيتها الطفولية الساذجة الحقائق التي تقدمها تقارير بعثتها الدبلوماسية في دمشق والتي تؤكد أن الحكومة السورية وبنية نظامها الإداري وهيكلها التنظيمي في كل القطاعات قد أبدت تماسكاً وقوة كانت مفاجئة لجميع المراقبين فطبيعة النظام السياسي كانت وما زالت على مدى السنوات الماضية محكمة وقوية ومتماسكة تؤكد سيطرة الدولة على جميع قطاعاتها وإداراتها بما يضمن تطبيق القوانين وتحقيق مصالح جميع فئات الشعب المختلفة .‏

هذا في الجانب الحكومي والرسمي ، أما في الجانب الشعبي فقد كان التماسك أكثر وضوحاً وفاعلية على الأرض في الوقت الذي يتقاطر فيه سيل الفيديوهات ومقاطع يوتيوب وتويتر المفبركة والتقارير الوصفية التي تذهب بعيداً في استغفال المشاهدين ، من خلال كتابة تعليقات لا تتناسب ومقاطع المواد الفيلمية المعروضة على الشاشات .‏

لقد أبدى القطاع الشعبي قدرة على كشف الأكاذيب فيما قدم الوقائع الحقيقية بشأن التفافه حول مشروع الإصلاح وإيمانه به أساساً للانتقال نحو سورية الحديثة ذات التعددية الحزبية والسياسية والمشاركة الشعبية في ظل قوانين ضامنة لتلك المشاركة ، يتوجهها دستور من المتوقع إقراره شعبياً في الربع الأول من مطلع العام القادم.‏

ومثلت التظاهرات الشعبية والنشاطات السياسية والاجتماعية والفنية دليلا على حجم التأييد في مواجهة ادعاءات الرفض التي تستقوي بمحطات فضائية ووسائل إعلام كبيرة ارتبطت بمخطط التخريب الكبير ويوماً بعد آخر يبرهن أبناء شعبنا على رغبتهم الصادقة في الإسراع بتنفيذ إجراءات العملية الإصلاحية مدركين أنها تحتاج زمناً لتكون نتائجها واضحة ، وتظهر بجلاء تلك النتائج كحصيلة رشيدة للقرارات والمراسيم والقوانين التي تم إقرارها ضمن لجان نزرت نفسها لخدمة وطنها .. ومن المتوقع أن يكون مؤتمر الحوار الوطني أحد الأشكال الأكثر بروزاً في تنفيذ المشروع الاصلاحي والذي سينهي الأزمة ويرد كيد مخططيها وكان قدر سورية أن تحقق تلك الانتصارات دوماً..‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية