تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


هنـــــا دمشــــق..!!

الافتتاحية
الخميس 27 -10-2011
بقلم رئيس التحرير عـلي قــاسـم

هنا يمكث التاريخ.. وهنا تعبق كنوزه.. وهذه دمشق مرة أخرى تحتضن الحكاية السورية، تسترجع ذاكرة ذلك التاريخ وتسجل في صفحاته سطوراً جديدة في لحظة يقف عندها الحد الفاصل.

هذا الحد الفاصل تتلقفه هتافات الملايين السورية، فيرجع صداها من سفح قاسيون المطل على ساحة الأمويين حيث الذاكرة ..والتاريخ .. وحكايات الحضارة الممتدة فينا آلاف السنين.‏

لا نستطيع أن نكون خارج هذه الذاكرة.. لا يمكننا أن نغلق التاريخ ونحن صنّاعه.. ليس بمقدورنا تجاهل سطوره الممهورة بسواعد القادمين إليها ليقولوا كلمتهم من جديد.‏

حاولوا أن يجردونا من تلك الذاكرة.. وحاولوا أن يمحوا بعض صفحات التاريخ وأن يتجاهلوا بعضه، وأحياناً كله.. لكنهم يصطدمون من جديد.. بأننا أكثر تمسكاً بتاريخنا وأشد إيماناً بذاكرتنا.. حيث الحضارة المرسومة على جنبات هذا التاريخ تعيد بعضاً مما تخيلوا أنهم يرهنونه للصدفة.. والصدفة لا تصنع تاريخاً.. لا تكوّن ذاكرة ولا ترسم وجداناً.‏

نحن هنا.. والتاريخ لنا.. نحن هنا والذاكرة تعلمنا.. نحن هنا والرسالة تكتب بسطورها وحروفها وجداناً ينغمس فينا.. هكذا توحدت راياتنا.. والبعض خرج من عباءته.. ومن ياقوت وطنه.. يتلطى جانباً.‏

أبوابنا المفتوحة ونوافذنا المشرعة تحمل لنا حكايات من الغد لم تولد بعد.. وتوطن فينا يقين اللحظة.. التي نتشارك فيها من جديد حلماً طالما عملنا من أجله.. وطالما كنا نبحث دائماً عنه.‏

هذه دمشق وساحتها.. هذه دمشق وشوارعها.. وهذا قاسيون شاهد أبدي على عظمتها.. هنا يقف وزواره لا بد أن يلحظوا تلك الساحة وشوارعها الممتدة فينا امتداد التاريخ.. لا بد أن يروا صورتنا وأن يسمعوا مباشرة أصوات الملايين التي اكتظت بها.. وقاسيون هو الشاهد.. على سفحه الممتد كان الصدى يتردد.. فهل سمعوا أصواتنا.. وهل أدركوا كيف يحدد السوريون طريقهم.. وكيف هم دائماً خارج حسابات الآخرين.. بعيدون عن معادلاتهم؟!‏

لا ننتظر إجاباتهم.. ولا نقبل تأويلاتهم ولا حتى تفسيراتهم.. لأننا كنا دائماً الأقدر على الإجابة والأصدق في التأويل.. والأجدر في التفسير..‏

نياتنا الصادقة دائماً هي طريقنا.. آمنا بالعمل العربي الصادق والجاد.. ورفضنا أي تأويل خارجه أو بعيداً عنه.. كنا الساعين إليه.. والحريصين عليه.. والمؤمنين به.. لكننا أيضاً الرافضون أن يكون غير ذلك.. أو أن يكون بوابة للنيل من قرارنا المستقل.. أو نافذة للتأثير في توجهنا.‏

ساحة الأمويين أمس كانت شاهداً.. كانت رسالة السوريين بكل أطيافهم.. بكل فئاتهم.. كتبتها الملايين بحضورها.. بزحفها المبكر لتملأ الشوارع الممتدة إلى الأمويين.. لتقول لهم هذه سورية وفيكم من يعرفها.. وبعضكم ربما تجاهلها.. وقليل منكم تغاضى عما يعرفه.. وساق فيما تجاهله..‏

كثيرون تجاهلوها.. أو تجاهلوا بعضاً مما يعرفونه جيداً.. وكثيرون أيضاً تغاضوا عن ذلك.. لكنهم عادوا ولو بعد حين.. مانتمناه ألا تكون عودتهم متأخرة كثيراً .. لأن سورية التي طالما تعاملت دائماً بسمو.. وتسامح.. مازالت تملك المقدرة لذلك.. لكن ليس إلى مالا نهاية .. خصوصاً حين يكون الثمن دماً سورياً يراق ومسؤولية بعضه على الأقل أن هناك من بالغ كثيراً في تجاهل هذه الحقائق.. وغالى في التحريض.. وفي الذهاب بعيداً بمغالاته..‏

ساحة الأمويين أمس كتبت رسالتها.. هتافات الملايين فيها.. صوت سوري واضح لا لبس فيه ولا غموض.. لا يخلو من نصيحة مخلصة.. لكل من يتجاهل أو يتغافل.. فهل وصل هذا الصوت؟!‏

نتمنى أن يُسمع جيداً لأننا متأكدون أنه وصل.. وأن يتم التمعن في الرسالة وقد قرئت جيداً!!.‏

a-k-67@maktoob.com

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية