تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


تلاميذنا والمفردات النابية .. غياب لدور المدرسة أم الأهل .. ؟

مجتمع
السبت 29 -10-2011
فردوس دياب

تعتبر الأسرة المؤثر الأول في حياة الطفل، فمنها يتعلم اللغة ويتشرب القيم الثقافية و الاجتماعية، وعندما يصبح في المراحل الأولى من الاعتماد على الذات وخاصة بعد قدرته على المشي وتواصله اللغوي مع دائرة أوسع من الأسرة كالمدرسة مثلا ،

يبدأ باكتساب عادات سلوكية جديدة قد تكون دخيلة على الأسرة ، ويبدأ هنا الطفل بتقليد الألفاظ والكلمات التي يرددها دون وعي بمعانيها ، وتشكل الألفاظ النابية أحد مكتسبات الطفل من بيئته المحيطة ، لكنها من الأمور السلبية المؤرقة للأسرة وللروضة أو المدرسة معا.‏

ابني يغيظني..‏

السيدة ام بسام تحدثت بحرج شديد عن طفليها اللذين يستخدمان كلمات نابية قاسية جدا داخل المنزل وخارجه وهذا مايشكل لها حرجا شديدا امام اهلها وجيرانها ،مضيفة ان مرد سلوك طفليها يعود جزء منه الى الشارع والجزء الاكبر الى زملائه في المدرسة .‏

وعن كيفية تصرفها ازاء هذه الحالة قالت ام بسام ان اول شئ فعلته منعتهما من الخروج الى الشارع ، ولم تتردد بمعاقبتهما عن طريق الحرمان من المصروف واحيانا ضربهما .. متسائلة في الوقت ذاته عن دور المدرسة والمعلم في معالجة سلوكيات طفليها وبقية الاطفال الذين اكتسبوا منهم هذه السلوكيات .‏

بدورها السيدة ميسون (موظفة ) قالت ان طفلها الذي لم يبلغ من العمر ثماني سنوات يقوم بترديد كلمات خارجة جدا عن الادب سواء معها او ومع والده .. ليس ذلك فقط بل مع اهلها واصدقائها وزملاءها في العمل مايسبب لها احراجا كبيرا دفعها الى تركه بالبيت وعدم اصطحابه الى أي مكان تقوم بزيارته وكذلك تأنيبه واحيانا ضربه .. وعن الاسباب التي ادت الى اكتساب طفلها لهذه السلوكيات عزت السيدة ميسون ذلك الى المدرسة بشكل كبير معللة ذلك ان طفلها قبل دخوله للمدرسة لم يكن يتلفظ بهكذا الفاظ.‏

لفت الانتباه..‏

ويقسم الباحثون التربويون الألفاظ النابية التي يستخدمها الأطفال الى ثلاث فئات ..الاولى وهي التجديف وتعني الكلام الذي يعبر عن عدم احترام الأمور الدينية أو المقدسة والثانية الشتم وهي الكلام الذي يعكس تمني الأذى لشخص ما مثل اللعنات واخيرا الكلمات الفاحشة.‏

ومن اهم الأسباب الكامنة وراء اللجوء إلى الألفاظ النابية هي لفت الانتباه وكذلك إعطاء الراشدين شعورا بالصدمة حيث يجد الطفل انه من الممتع جدا للطفل أن يصدم الكبار ويعطيهم شعورا بعدم الارتياح ، لأنك عندما تقوم بصدم شخص ما فإنك تشعر بالتفوق عليه ومن الاسباب ايضا هو التفريغ الانفعالي حيث يميل الأطفال إلى الشتم بطريقة قهرية عندما يشعرون بالإحباط أو الغضب ففي ذلك تحرر من التوتر الجسدي الناتج عن المشاعر السلبية وهناك ايضا التحدي حيث تمثل الألفاظ النابية بالنسبة للبعض طريقة للتحدي ، فقد يكونون من بيئة أسرية تحرم استخدام الشتائم بشدة ، وبالتالي فإن الطفل المتمرد يريد أن يؤكد استقلاليته.‏

دور المعلم ..‏

وعن دور المعلم في معالجة هذه السلوكيات توجهنا بالسؤال الى عدة اختصاصيين تربويين ،حيث اكدوا جميعهم على ان دور المعلم هام جدا وكفيل بالتخلص من مشاكل الأطفال السلوكية وخاصة استخدامهم للألفاظ النابية .. موضحين ان هناك بعض النقاط الهامة التي تساعد المعلم او المعلمة في بناء علاقة جيدة وفي نفس الوقت تكون قدوة للطلاب في الاتصال الجيد ولعل اهمها تقبل الأطفال والإحجام عن إهانتهم أو رفضهم أو السخرية منهم ، بالرغم من بعض السلوكيات الخاطئة التي قد تبدر منهم ، فهذا يحتاج للصبر في التعامل معهم ،والابتعاد عن النقد قدر الإمكان وتشجيع الصفات الحميدة لدى الأطفال وتعزيزها عن طريق توجيه الثناء والمديح وإظهار التعاطف والحب والاحترام لهم بالاضافة الى مشاركة الأطفال بطرق إيجابية وملائمة في أوقات مناسبة واستخدام مهارات الاتصال غير اللفظي التي لا تقل أهمية عن مهارات الاتصال اللفظي كتعابير الوجه ذلك ان الوجه المبتسم يعطي الطفل إحساسا بالأمل والتشجيع والاهتمام بما يقوله أو يفعله، على خلاف الوجه العبوس الذي يعكس عدم الاهتمام والرفض ،وايضا هناك الدعابات والضحك التي تساعد الطفل على الاسترخاء والوثوق بالمعلم وتخلق أجواء مريحة دافئة بالاضافة الى التواصل بالنظر مع الطفل خلال التحدث إليه، مع مراعاة الاقتراب منه بشكل تدريجي و استخدام اللمس كالتربيت على كتف الطفل وان تحاول المعلمة بأن تظهر اهتمامها به وايضا هناك الصمت و احترام رغبة الطفل في اختيار مشاركته، وتجنب حث الأطفال على التحدث رغماً عنهم والسماح لهم بأخذ وقت كاف لإشراك الآخرين في خبراتهم ومن النقاط ايضا في بناء علاقة جيدة بين الاطفال استخدام وسائل اتصال مختلفة لتسهيل عملية تعبير الأطفال عن أنفسهم ومنها الرسم والموسيقى والغناء والكتابة والتمثيل، حيث يتم تفريغ الطاقة العدوانية وبالتالي تخف حدة استخدام الألفاظ البذيئة ويجب ان تعرف المعلمة بأن الأطفال يتواصلون من خلال مشاعرهم حتى لو لم يستخدموا الكلمات.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية