|
ثقافـــــــة أخذنا نشاهد، فيما لانزال، نعد أولاداً، نعرف الأحداث، إن في ناحية من أرض الضيعة، طلع فيها ضوء ليلة، شانية عاصفة، قالوا صاعقة كزلزلة، كشفت عن مسيل يسمع فيه هدير ماء جار، على عمق، تحت الأرض يمكن أن يجعلها إذا ماخرج إلى وجهها، أرضاً تسقى بعد أن كانت أرضاً قفراً جافة لاتحلم حتى بالندى، في سحر ليلة صيف!. وإن في الناس تقدمونا، فقط بجيل الآباء، أو تجايلنا بالولادات، لانذكر الأشياء بغير الظواهر الطارئة، حيث أخذنا نشاهد في دروب الضيعة نهاراً، رجلاً قصير القامة، ضاوي الجسم، بعباءة مشلح كابية اللون تحت رأس مستطار نظر العينين، بطربوش أحمر، هو الآخر قصير، مطعوج الجوانب كحنكي صاحبه المخفسين، يشرق شفتيه إذا ما أخذ نفساً إلى الداخل، أو نفخهما خارجاً، من تحت أنف، لايكاد يمسك بين رأسي الباهم والسبابة!. أي امرأة تمر به، في دروب الضيعة، نهاراً كانت تقول تخشى أن يسمعها، أولاً يكاد كانت تقول: »هذا هو الشيخ محمود السعد، ابن عم الشيخ سليمان المحمد الله يساعده سقف بيته طبّق بغيابه، على امرأته، وأولاده!. وكل رجل كان يراه، كذلك ماشياً، بهيئته وحاله تلك بيده خيزرانه بجوكلان، أول مرة يعهد مثلها في الضيعة، يستند إليها أو يدفع بها، لمظهره البائس، أولاداً صغاراً يلحقون عادة بأصحاب المظاهر الغريبة، لاسيما بلهجتهم الشمالية يطرد كلباً أو دابة، في دروب الضيعة أو صار يحضره، منذ قدومه، في سهرة يسمع عنه ماحكاه، من تطبيق سقف بيته في ترسوس على امرأته وأولاده، في غيابه، فيعجب السامع كيف لم يسقط مثل ذلك الرجل ميتاً، إذ حوّل عن الدرب، إلى مقبرة بجنب الطريق، في أول ترسوس، حيث أوقف يشهد دفن امرأته وابنته، آخر من كشف عنهما سقف البيت!، بجنب الأولاد الستة الأولين وقيل إثر تقبّل العزاء واقفاً: «تفضل كل ترسوس بيتك»، فقال أن يذهب إلى أولاد عمّه في بلاد صافيتي، ولكن أولاد عمه! أولئك لم يكونوا إلا أولاد أم عيسى!. العلامة الشيخ كامل الصالح والد الشاعر محمد كامل الصالح قال أول مارآني، سنة 1948 قال لي: «أنت أول واحد، في أولاد أم عيسى، يأخذ شهادة بكالوريا». أولاد أم عيسى أولاد عم الشيخ محمود السعد الترسوسي، وأنا أول واحد فيهم يأخذ شهادة بكالوريا، على ماشهروا به، على البركة- البساطة والمسكنة، وربما ولا بأس، السبحلة إلى حد البلاهة، هم سبعة شباب أول ماسكنت بهم الضيعة، في بيت أم عيسى، أدركناه بثلاثة حيطان، أمام كهف من فوقه سنديانه، وإلى جانبه بطماية كنا نأكل عنها بما، كنا نغنيه أولاداً، أوائل ثلاثينيات القرن العشرين «تشتبو» تشتبو كل العالم بتحبو ماعدا.. وقد تحولت أم عيسى إلى بيت آخر قريب من الأول في الضيعة، حيث بقي أولادها في أجيال متتالية، يعرفون بأولاد أم عيسى، إلى ماتفرقوا في ضيع أخرى من البلاد، سنذكرها فيما ذهب فيه الشيخ محمود السعد الترسوسي، إلى أولاد عمّه، بآخر ما أدركته سنة 1945 عند ابن عمه، الشيخ عيسى الحراكة، شرقي حمص (سيلي)!. |
|