تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


سقوط الزيف

البقعة الساخنة
الخميس 3-11-2011
مصطفى المقداد

ما الذي يدفع الحكومة السورية للموافقة على المبادرة العربية المنبثقة عن قرار مجلس جامعة الدول العربية، على الرغم من إيمانها القاطع بأن تلك اللجنة لاتمتلك كل عوامل الموضوعية

للحكم على مجريات الأمور في سورية، وإدراكها أن ما صرحت به لايرتكز إلى معلومات مؤكدة، في حين يستند إلى تقارير إعلامية مفبركة، ومصادر لاتكتسب المصداقية في نقل حقيقة الأوضاع في أي منطقة من المناطق؟..‏

وهل كان متوقعاً أن توافق سورية على الورقة النهائية للمبادرة العربية برئاسة دولة قطر وخاصة في اعتماد القاهرة كمركز للحوار المفترض أن يتم تحت قبة الجامعة؟.‏

باعتقادي أن الدبلوماسية السورية تثبت يوماً بعد آخر قدرتها الكبيرة على إدارة المفاوضات حتى في أشد الحالات ضغطاً وعدوانية، فهي قد ذهبت بعيداً في الخوض في تفاصيل المبادرة ومناقشة حيثياتها، والاتفاق على إدخال بعض التعديلات عليها بما يحفظ وحدة البلاد، ويحافظ على سيادتها، ويبقى في الوقت نفسه على علاقات من الثقة المتبادلة مابين سورية والدول العربية كلها في إطار منظمة جامعة الدول العربية.‏

ولكن ما الذي يمكن أن يحدث بعد الموافقة السورية على المبادرة.‏

أكثر من سيناريو للمستقبل يمكن تصوره أبسطها أن تمضي عملية الحوار مابين الحكومة والمعارضة بسهولة ويسر، و يتم الاتفاق على صيغة قانونية تضمن الوصول إلى سورية حديثة ذات تعددية سياسية وتتم فيها انتخابات محلية وتشريعية ورئاسية وفق الصورة المثلى لما يتم عرضه من قبل المتفائلين الساعين لتجاوز هذه الأزمة، وكل أزمة فرعية يمكن أن تنشأ عنها..‏

ولكن ثمة سيناريو آخر بدأت تظهر بوادره منذ اللحظة الأولى لإعلان سورية قبولها المبادرة العربية فقد تداعى الكثير من رموز المعارضة الخارجية إلى رفض الحوار، نعم رفض الحوار - الجانب الأبرز والعامل الوحيد الكفيل بالتوصل إلى صيغة وطنية مشتركة لتجاوز الأزمة سياسياً واقتصادياً واجتماعياً.‏

وأمام حالة الرفض ماذا سيكون موقف الجامعة العربية، وبالتحديد ماذا ستقول لجنة المبادرة برئاسة قطر وكيف سيكون ردها في حال أصر أحد هؤلاء المعارضين الموجودين في عواصم الغرب على رفض اللقاء الحواري.‏

وباعتقادي أن هذا ماسيحصل فعلاً ذلك أن البعض المعارض لايرغب في الحوار، ولايريده أصلاً ومادعوة الجامعة إلا ذريعة سقطت لاعتقادهم أن سورية سترفض حوارهم، كونهم يدركون أنهم لايمثلون إلا أنفسهم، وأن لاقاعدة شعبية لهم داخل سورية، ولكن الرياح سارت خلافاً لأهوائهم، ووجدوا أنفسهم مجردين من كل ذريعة، وقادم الأيام سيزيد حالة الفرز جلاء ووضوحاً.‏

وستظهر حقيقة من يؤمنون بالحوار فعلاً، وبين من يملؤون المحطات الفضائية صراخاً يدعون خلاله للقتل، وهم لايعرفون للحوار طريقاً.‏

الموافقة السورية أولى مراحل كشف الزيف، ذلك أن الرغبة أكيدة في تنفيذ المشروع الإصلاحي بغض النظر عن المواقف العربية والدولية.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية