|
آراء وبالتالي لابد أن يستشف منها ما قد ينطبق على واقع الحال في الزمن الراهن وفي حين يعود القارئ إلى مجريات العام 1957 على سبيل المثال، من حيث علاقته بما يحدث حالياً في منطقتنا العربية عموماً، لا بد أن يضع إصبعه على بعض الأمور التي تؤكد له أن دول الاستعمار القديم، ما زالت تؤمن أن ما استطاعت تحقيقه بالأمس يمكنها تحقيقه في الوقت الحاضر. في العام المذكور، وتحديداً في السادس والعشرين من شهر تشرين الأول منه، بدأت مباحثات سرية في نيويورك بين الرئيس الأميركي في تلك الحقبة«آيزنهاور» وبين رئيس وزراء بريطانيا مكميلان وكان الغرض من المباحثات تعديل مشروع سبق إعداده حول مساعدات تقرر تقديمها إلى دول الشرق الأوسط يحمل اسم مشروع آيزنهاور. وفي سياق المباحثات علم فيما بعد، وإبان رفع السرية عن تفاصيلها، علم أن تكون المساعدات المقدمة إلى دول المنطقة بعد التاريخ المذكور، غير مشروطة، وبرر هذا الإجراء بالقول، وذلك لتمكين السياسة الأنكلو- أميركية من إحراز التقدم، وبمعنى آخر جعل دول المنطقة المستفيدة والتي سوف تستفيد مستقبلاً من المساعدات تحت وصاية الدولتين الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا إلى أمد غير محدود. وفي إطار تفاصيل هذه المباحثات، ذكر أن خروج أي دولة في المنطقة مستفيدة من المساعدات المالية من دائرة نفوذ هذه السياسة، سوف يؤدي إلى القضاء على مصالح الغرب فيما يستدعي اتخاذ أقسى العقوبات بحقها من جانب الدولتين حاملتي الجزرة بيد والعصا بيد أخرى، ومن هنا كانت المواقف العربية في المنطقة متباينة، وذلك بسبب أمرين في هذه المسألة الأمر الأول عدم التخلي عن القرار الوطني لهذه الدولة أو تلك من دول المنطقة والأمر الثاني الاستجابة طوعاً لما عرفت في تلك الحقبة بالنيات الإنسانية ومساعدة الدول الفقيرة على دعم اقتصادها ريثما تنجلى أوضاع المنطقة عموماً في زمن معاناة التداعيات التي سببها العدوان الثلاثي على مصر في العام 1956. إن مثل هذه الأيدي التي تمتد بالجزرة والعصا في آن، لا تزال تحاول فعل ما فعلته في خمسينيات القرن الماضي، ومع علم أصحاب تلك الأيدي أن المحاولة التي بذلت في تلك الفترة لم تجد نفعاً على المدى الطويل، فإنها ما برحت تغض الطرف عن تداعيات على الأرض، بنتيجة يقظة شعوب المنطقة عموماً، وإصرار أبنائها على امتلاك قرارها الوطني، بنتيجة يقظة شعوب المنطقة عموماً، وإصرار أبنائها على امتلاك قرارها الوطني، برغم ما يلحق بهم من أضرار على خلفية العمل على تفويض ما أنجزته شعوبهم على مدى عقود وبات من المستحيل أن تتخطاها تحت أي صيغة لها وجهان كوجهي العملة النقدية الإغراء أو الإرهاب. |
|