تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


الحلـــــول الإســـــعافـيـة.. تفاقــــم المعضــلــــــة

قاعدة الحدث
السبت 5-11-2011
إعداد - فؤاد الوادي

تعيش دول منطقة اليورو السبع عشرة كابوسا مخيفا جراء الأزمة المالية التي بدأت تجتاحها شيئا فشيئا من كل الأطراف وهو الأمر الذي يهدد بانهيار هذا الاتحاد الاقتصادي الأكبر في العالم ،

خاصة في ظل انسداد واضح في الأفق لحل منظور رغم استخدام الاتحاد لعدة حلول اسعافية لإنقاذ بعض الدول التي باتت في قلب العاصفة ، إلا أن ذلك لم يساهم بحل الأزمة بل على العكس تماما أدى الى مفاقمتها عبر زيادة الأعباء المالية على دول اليورو التي يرزح بعضها في الأصل تحت ضغط الديون الخارجية والاضطرابات الاقتصادية الداخلية.‏

ويؤكد محللون وخبراء اقتصاديون أن سلسلة من الألغام الاقتصادية مازالت تنتظر دول اليورو ،وهو ما ألمحت إليه صحيفة (النيويورك تايمز ) الأميركية مؤخرا ،عندما أشارت الى أن النمو الاقتصادي يتباطأ في أوروبا الى حد كبير حتى في ألمانيا الدولة الأقوى اقتصاديا في الاتحاد ، حيث تراجعت فيها الصادرات وتعيش فيها الواردات حالة من الركود في وقت تسعى فيه ايطاليا أيضا إلى إيجاد مخرج ينقذها من عثرتها المالية .‏

بدورها علقت فرنسا مستقبل الاتحاد الأوروبي على مصير اليورو مشيرة على لسان وزير خارجيتها ألان جوبيه ان الاتحاد الاقتصادي والسياسي في قلب أوروبا سيكون في خطر إذا سمح لأزمات الديون السيادية في المنطقة بأن تقضي على العملة الموحدة.‏

وتكافح فرنسا وألمانيا اللتان تعتبران القاطرة الاقتصادية للقارة الأوروبية لتشكيل جبهة موحدة لدعم الثقة في تكتل اليورو مع تزايد الغضب الشعبي والاحتجاجات التي تهدد القارة بأكملها.‏

وفي هذا الشأن أيضا وتعليقا على الأزمة التي تهدد حلف اليورو بأكمله ..قال محافظ البنك المركزي الألماني جينز وايدمان : إن الأحداث والاضطرابات الاقتصادية التي اجتاحت الاتحاد الاقتصادي وضعت حقبة اليورو عند مفترق طرق خطير.‏

الى ذلك قال وزير الخارجية الألماني السابق يوشكا فيشر:إن اليورو قد ينهار نتيجة أزمة الديون، مضيفاً ان الموقف في أوروبا من أخطر ما يمكن ما ينبئ بان بانهيار اليورو اذا استمرت الأمور على هذا الحال .‏

وما يزيد من قتامة المشهد الاقتصادي المستقبلي للقارة العجوز، هو ما كشفته منظمة التنمية والتعاون الاقتصادي في الآونة الأخيرة عن أحدث التقديرات الكئيبة المتعلقة باحتمالات حدوث موجة ركود جديدة ونشوب أزمة اقتصادية في القارة الأوروبية ،في إشارة إلى أزمة الديون السيادية في منطقة اليورو داعية الى ضرورة إعادة رسملة بعض البنوك الأوروبية وتحسين الإدارة المالية في منطقة اليورو.‏

ويتفق الكثير من الخبراء الاقتصاديين على أن الأزمة الأوروبية في طريقها الى التضخم مالم يقرر زعماء القارة إنشاء اتحاد نقدي ومالي أكثر قوة ، وطرد الاقتصاديات الضعيفة أو تقسيمها إلى قسمين بعملات مختلفة.‏

وكانت منطقة اليورو قد تلقت ضربة قاسية عندما استقال كبير الاقتصاديين في البنك المركزي الأوروبي يورغن ستارك فجأة من منصبه مطلع الشهر الماضي ماأدى إلى انخفاض اليورو والأسواق المالية.‏

صحيفة الـ( لوموند) الفرنسية علقت على استقالة ستارك بالقول: إن ستارك كان يعارض بشدة شراء البنك المركزي الأوروبي لسندات دول اليورو المتأزمة مثل اليونان والبرتغال وإيطاليا وإسبانيا واستهلت الصحيفة تعليقها بأن جان كلود تريشيه رئيس البنك المركزي الأوروبي حول البنك إلى (قائد أوركسترا إنقاذ) لليورو.‏

ويخلص العديد من خبراء الاقتصاد الى القول: إن أهم تداعيات هذه الأزمة التي تضرب بعض دول منطقة اليورو هو الخوف من انتقال عدواها إلى دول اليورو السبعة عشرة نتيجة العجز الكبير في ميزانية معظم تلك الدول ،ذلك انه من الناحية الواقعية فإن هذا حدوث هذا السيناريو أمر مرجح الى حد كبير في دول الاتحاد الصغيرة التي تلقت بالفعل مساعدات من الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي مثل إيرلندا والبرتغال، وفي حالة حدوث هذه المشكلة في الدول الكبيرة التي تعاني أيضا من أزمة الديون مثل إيطاليا واسبانيا فإن ذلك سوف يؤدي إلى انهيار الاتحاد الأوروبي.‏

كما ان مستقبل محيط اليورو مهدد بالانهيار بسبب الاضطرابات التي يشهدها سوق المال العالمي خاصة في ظل تباطؤ النمو الاقتصادي الحالي على الصعيدين الأوروبي والعالمي، وذلك بسبب نظام حماية المستثمرين الذي يستوجب على صناديق الاستثمار أو الشركات التي هي في الأصل بنوكا تجارية أن تقوم بدفع بوليصة تأمين للبائعين الذين هم في الأصل مضاربون، وهو ما سوف يصل إلى أعلى مستويات الخسائر في البنوك العالقة بالفعل في الخسائر بسبب تعرضها للدول المتأزمة بالديون.‏

الى ذلك سوف يواجه اليورو وكذلك الأسهم الأوروبية ضغوطا كبيرة ربما تعرضها لتسجل أدنى مستويات لها مقابل العملات ذات العائد المنخفض، بسبب تراجع الثقة في منطقة اليورو التي تسببت في قيام المستثمرين بتحويل استثماراتهم من منطقة اليورو باحثين عن أجواء استثمارية أكثر أمنا، لينتج عنها تباطؤ معدلات النمو بشكل أكبر التي من الممكن أن تقود الاتحاد الأوروبي للدخول في ركود اقتصادي آخر ، كما ستواجه البنوك الأوروبية المتعرضة لديون الدول التي تلفها الأزمات خصوصا البنوك الفرنسية والألمانية تخفيض تصنيفها الائتماني من قبل وكالات التصنيف الائتماني، وهو ما سوف يزيد من معاناتها في الحصول على الأموال التي أقرضتها لتلك الدول .‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية