تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


سيد الأدلة ..؟!

الافتتاحية
السبت 5-11-2011
بقلم رئيس التحرير: علي قاسم

اعترافان يتلاقيان سياسياً وإعلامياً، ويتقاطعان في المحصلة..

سياسياً كانت الإدارة الأميركية تجاهر بدعوة المسلحين إلى عدم تسليم أنفسهم وتحرضهم على حمل السلاح..‏

وإعلامياً تسابقت قنوات العدوان الإعلامي في إصدار أمر عملياتها.. بعضها لاقى ما يشفي جزءاً من غليله على قلته.. ومعظمها أعيته الحيلة.. فكانت الخيبة من جديد..‏

اللافت أن اعتراف تلك القنوات بوقوع أخطاء، وتحميلها إلى المصادر التي زودتها بتلك الأخبار.. لم يعدل من سياستها.. ولم يبدل من أدواتها.. حتى مصادرها هي ذاتها..‏

في تعاملها مع الحدث السوري أظهرت تلك القنوات مساحات غير مسبوقة دفعت بها إلى ابتكارات لم يعرفها الإعلام من قبل.. وأبرزت إلى حيز الوجود أساليب وطرقاً لم تكن حتى في الخيال..؟!‏

في المحصلة بات الحدث بكل معطياته حقل تجارب لصنوف جديدة من الفبركة.. كان الإعلام فيها صانعاً للحدث افتراضياً، وجاءت استنتاجاته أيضاً افتراضية.. وتفسيراته كذلك.. والأهم أنه سوّق على هذا الأساس..‏

لكن الخطير في الأمر أن إفلاس الإعلام اصطدم في الأغلب بحالة من العجز المزدوج.. نتج عن التناقض في التعامل السياسي.. حيث السياسة التي بنت مواقفها على مشاهد افتراضية وقعت في مصيدة الإعلام وتحولت تدريجياً إلى مجرد تابع ينقاد لاعتباراته رغم اليقين بخطأ الافتراض فيها.‏

فأي مراقب بات اليوم يندهش من تلك «اللافتات» المصنعة بطريقة بدائية وهي تقتحم مشهداً يفتقد إلى أبسط عوامل المصداقية فيه.. وأي متابع سيتساءل عن الخلطة العجيبة التي تركّب منها تلك المشاهد..‏

وأي مراقب أيضاً يصاب بالدهشة من هذا الموقف الأميركي الذي يدعو صراحة إلى العنف واستمرار المسلحين في أعمالهم الإجرامية.‏

كان الاعتقاد أن الاعتراف بالخطأ قد يكون بداية لتصويب المسار.. وهناك من اعتقد أيضاً أن الاتفاق على الخطة العربية يمكن له أن يسهم في التخفيف من مساحة الكذب والافتراء والتضليل، وقد تكون فرصة لتلك القنوات لتعيد النظر فيما ارتكبته، ومناسبة للسياسيين للتقييم من جديد!!‏

لكن.. لا هذا حصل ولا ذاك.. وحافظت بعضها على رتمها العادي.. فيما كانت أغلبها ترفع من وتيرة عدوانها.. وتحريضها.. وكأنها في سباق بين بعضها.. ومع الزمن.‏

بات بالإمكان تخيل الصورة التي تتكرر كل جمعة على الكثير من الشاشات، وتتبع أسماء شهود العيان والناشطين الحقوقيين والسياسيين حتى في أمكنتهم..‏

وبالقدر ذاته بات من السهل معرفة أولئك المتضررين من الحل العربي ومعرفة الذين سيعرقلونه ويضعون العقبات في وجهه.‏

هذا في الإطار العام.. أما في بعض الجزئيات فقد جاء تكرار المشهد ليخلق حالة من العبث المتعمد.. في السياسة والإعلام معاً.‏

ربما قد لايكون التلفيق في هذه الجزئية فجاً فحسب، بل أيضاً ترى فيه محاولة استغباء لعين المشاهد وسمعه.. هذا بالاضافة إلى عقله.‏

لا يستطيع عقل المتابع أن يستمر بهذا التجاهل.. ولايقدر أن يكون دائماً تحت ضغط هذا الحصار الذي تتكالب عليه أدوات الإعلام ومواقف الساسة، وجميعهم لم يعودوا شركاء فحسب، بل مصدراً لسفك الدم والفتنة..!! حيث الاعتراف وإن كان سيد الأدلة.. فإنه في منطقهم، ربما لم يعد دليلاً يعتد به..؟!.‏

هذا على الأقل ما يمكن استنتاجه من آليات التعامل والاصرار على التجييش والتحريض والفبركة من النوع الدنيء والساذج.. والاستمرار بالتعاطي مع تلك المصادر التي ثبت كذبها واصطناعها لأحداث لم تقع..‏

لذلك فإن اعترافهم في الحالين .. لا يغير في واقع الحال.. لا يعيد الدماء التي سفكت.. لا يوقف الفتنة التي أججتها.. ولا يساهم في إنجاح الخطة العربية..‏

لكنه دليل إضافي على أنهم خلف ما حدث في الأشهر الماضية.. ووراء ما جرى.. وكل الدماء التي سالت أصابعهم ملوثة بها..في الإعلام كما هي في السياسة.‏

a-k-67@maktoob.com

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية