تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


دعونا منهم..!!

على الملأ
الاثنين 10-8-2015
علي محمود جديد

بغض النظر عن الكثير من العقليات الاتكاليّة السائدة، فإنَّ المرسوم التشريعي رقم ( 19 ) لعام 2015 الذي أصدره السيد رئيس الجمهورية في أوائل أيار الماضي، والذي يُجيز إحداث شركات سورية قابضة مساهمة مغفلة خاصة،

بناء على دراسات اجتماعية واقتصادية وتنظيمية، وذلك من أجل إدارة واستثمار أملاك الوحدات الإدارية أو جزء منها، بغض النظر عن تلك العقليات فإن مثل هذا التشريع جديرٌ بالكثير من الاغتباط، نظراً لما يُمكن أن يحمل في آفاقه وبين ثناياه الكثير من الحالات والنشاطات الحضارية والراقية، المثيرة للانشراح بل وللفرح، والتي يمكنها أن تساهم في حل الكثير من المعضلات الخدمية وحتى الاقتصادية للمجتمع، وهذا المرسوم في الواقع يمكن أن نُعوّل عليه كثيراً في وضع حدٍّ نهائي للإمكانيات الهائلة الضائعة التي تمتلكها، أو تستطيع أن تفعلها بعض البلديات ولا تعرف كيف تستثمرها، أو ربما تعرف..‏

ولكن بطريقة الفاسدين فيها، الذين يبذلون جهودهم المضنية من أجل تأمين مصالحهم الشخصية هُمْ، وترك مصالح الناس ضمن متاهاتٍ جنونيّة، إن عرف الواحد منهم كيف يدخلها فلن يستطيع أن يعرف سبيلاً للخروج..!‏

فقد أجاز هذا المرسوم الحضاري فعلاً للوحدات الإدارية، تأسيس مثل هذه الشركات التي يمكن أن تكلفها بمهام إدارة المناطق التنظيمية، كأن تقوم بإجراءات منح تراخيص البناء ومراقبة تنفيذها ومنح إجازات السكن ومطابقة إفراز الأقسام المنفذة وذلك لصالح الوحدة الإدارية وتحت رقابتها، وهذا يعني تطويق المناطق التنظيمية تماماً، وإيقاف مهازل مخالفات البناء، والسيطرة التامة على المكان، ورصده جيداً من أي مخالفات، ولن يعود بعد ذلك أي مصلحة لأحد بالتغاضي عن مثل تلك المخالفات، لأنها تعني بالنهاية ضرب لمصلحة الشركة بالتخلّي عن استحقاقاتها، وهذا التخلّي إن حقق مصلحة لبعض الفاسدين المحتملين في الشركة القابضة فإن هذا يتنافى مع مصلحة الوحدة الإدارية، كما أن تخلي الوحدة الإدارية عن بعض سلطاتها في تسهيل بعض المخالفات فإن هذا لن يكون لمصلحة الشركة القابضة، وبالتالي لن يرى النور ولا النجاح.‏

ومن مهام هذه الشركة القابضة أو الشركات التابعة أيضاً تحصيل جميع الرسوم والبدلات والغرامات المتعلقة بأعمالها لصالح الوحدة الإدارية، وهذا يعني أيضاً وقف مهازل إشاحة النظر عن المخالفات والتغاضي عن الرسوم والبدلات لقاء حفنة من الرشاوى، فهذا لن يعود وارداً أيضاً.‏

ومن المهام المحتملة إحداث وإدارة مراكز خدمة المواطن، وهذا يعني انتهاء زمن المتاهات والسعي الحثيث لتأمين مصلحة المواطن، والعناية به، لأنَّ مصلحته صارت من مصلحة الشركة القابضة، فكلما أنجزت مصالح الناس، كلما ازداد دخلها وتنامت أرباحها، فهي ستسعى لتحقيق المطالب والمصالح للناس كي تزداد أرباحها.‏

المخيف في الأمر الآن هو عدم الاستيعاب الشعبي لهذا المرسوم الحضاري، والعودة من جديد لعدم الاكتراث بانتخابات الإدارة المحلية كما يجب، فالأمر لم يعد يحتمل سوى التركيز على من ننتخب، وندرك جيداً أننا إن لم نُدلِ بأصواتنا في مكانها الصحيح، فهذا يعني أننا لن نعي أهمية ما يمكن أن نجنيه كمجتمع من ثمرات هذا المرسوم الحضاري المنضوي على حالة من الذكاء الشديد في نبش هذه الطريقة بالتعاطي مع الأمور، لذلك فقط علينا الكفّ عن انتخاب أي أحد، وعلينا التركيز في الاختيار، فقد سئمنا من أولئك الذين تعوّدوا على الفساد، دعونا منهم .. دعوهم منّا، دعوهم وحالهم .. اعتبروهم ماتوا .. فاحسنوا دفن موتاكم .. واستريحوا.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية