|
معا ً على الطريق أسئلة تطرق بقوة أفكار السوريين جميعاً بصورة ملحة، ويتابعها العالم بكثير من الترقب والانتظار، فالأزمة التي عاشتها سورية على امتداد أربع سنوات ونصف السنة تقريباً أدخلت المنطقة والعالم في حالة مستجدة من العلاقات الدولية التي رسمت ملامح جديدة من تلك العلاقات، الأمر الذي يفسر هذا الاهتمام العالمي الكبير بالمسألة السورية الراهنة وما يمكن أن تحمله من تأثيرات على المستويين الإقليمي والدولي؟ يبدي العالم كله اهتماماً على ضرورة إيجاد حل سياسي لهذه الأزمة المركبة والمعقدة والمتداخلة، وهو اعتراف أولي بأن أسبابها الحقيقية تكمن في التدخل الخارجي الصارخ، ودعم الإرهاب بطريقة غير مسبوقة ودخول الإرهاب في حالة غير مسبوقة من التوحش والقتل، أما الحل المنطقي وفق الرؤية العالمية والشرعية الدولية والمواثيق والاتفاقيات الصادرة عن الأمم المتحدة والمستندة إلى القانون الدولي فإنها تقر بسلطة الشعب السوري بكل اتجاهاته ومواقفه في اختيار طريقة الحل السياسي التي تمثل مصالحه بعيداً عن التأثيرات الخارجية. هذه الصورة المبسطة للأسباب والحل ليست كذلك فيما إذا اقتربنا من التطبيق العملي والواقعي لعوامل ومجريات الحل الممكن، فما زالت الدول والأجهزة المتورطة في العدوان أصلاً مستمرة في مواقفها الفعلية من خلال عدائها لسورية ومتابعة تمويل ودعم وتسليم الإرهابيين، ومدهم بكل وسائل الموت والقتل والتدمير، على الرغم من صدور تصريحات تعد بمحاربة الإرهاب الممثل بداعش وحدها من جانب الأطراف التي قادت العدوان سابقاً، ولها ذريعة في ذلك تتمثل في الخوف من مخاطر داعش التي تتهدد المجتمعات كلها دون استثناء فكيف سيكون الحل؟. ليست الإجابة من البساطة بمكان، فمن كان يقود العدوان، وما زال حتى اليوم لا يمكن أن يتحول بين عشية وضحاها إلى متعاون مع سورية التي أخذت على عاتقها وعاتق جيشها الباسل مهمة التصدي للإرهاب الذي يدمر في سورية تحت مسوغات مطلبية كاذبة، لكن المشكلة الحقيقية التي تعيشها تلك الدول هي أن خطر داعش أمر واقع وليس مجرد أوهام وتهويمات، وأن من ساعد في تعزيز دور داعش هو الأكثر تخوفاً من خطرها باعتبارها تمثل حالة سرطانية غير قابلة للاحتواء إلا بطريقة البتر الجراحي، وهذا ما يفسر إعلان المملكة السعودية عن عزمها على كشف خلايا الإرهابيين المنتشرة فيها، وخاصة تلك الخلايا النائمة. وباعتقادي فإن التسريبات الإعلامية عن لقاءات ورسائل متبادلة بين الأطراف ذات العلاقة المباشرة بالأزمة تمثل عملية جس نبض واختبار نوايا فيما بين الأطراف كلها، فهنا تختلف المصالح المرحلية والإقليمية عن المصالح الدولية والعالمية، فعلى الرغم من أن مواجهة الإرهاب مصلحة دولية، وبالتالي هو في مصلحة الدول التي صدرته قبل سورية نفسها، إلا أن المبالغة في العدوان تجعل الأمر قابلاً للتردد مع استمرار تقديم الخسائر، وحدها سورية حددت آلية وطريقة وأسلوب هذه المواجهة، فمع الترحيب بأي مبادرة يمكن أن تحمل بوادر حل سياسي يوقف القتل -رغم ضعفها- فإن الجيش العربي السوري يواصل مهمته المقدسة في الدفاع عن الشعب السوري ومصالحه، والدفاع عن العالم المتمدن كله في مواجهة الإرهاب، لأنها تدرك أن واقع الميدان سيكون له الدور الوحيد في تحديد خطوط الحل السياسي، ما ينذر بالمزيد من التوسع في العدوان في الفترة القادمة. |
|