|
إضاءات فالواضح للمتابع لما يجري من إرهاب وقتل وعنف وتدمير أن المشكلة هي أن إرهاباً يعصف بالمنطقة وينتقل من مكان إلى آخر دونما استئذان والكل يتحدث عن أخطاره وتداعياته على الجميع ولكن لا أحد يتحرك بالاتجاه الصحيح ويعالج جذر المشكلة وأساسها. إن الحديث عن حل سياسي يستدعي وجود تصوّر مشترك عن طبيعة المشكلة وتشخيص لها في حقيقتها لا كما يتصوّرها أو يصوِّرها الآخرون من منظورهم الخاص أو مصالحهم؛ فالمشكلة أو القضية من وجهة نظرنا -ونحن في قلب المعركة- أننا نواجه إرهاباً منظماً مدعوماً ومُغذّى ومُغطّى سياسياً من قوى بعينها لا تخطئها عين تفتح حدودها للإرهابيين والمجرمين وتغدق عليهم الأموال والسلاح، وتوفر لهم الغطاء السياسي والإعلامي وتسعى لشرعنة سلوكهم الإجرامي عبر تسميات مضللة مخادعة تحوّل المجرم إلى معارض معتدل أو غير معتدل حسب الحاجة والوظيفة والدور، وأمام هذا النفاق والكذب والتضليل لا تتوفر على الإطلاق أية درجة أو مستوى من المصداقية أو الثقة بتعامل جاد مع هكذا طرح لدى أية جهة معنية بما يجري وفي مقدمة ذلك السلطة الوطنية السورية وآية ذلك أن ما يجري على الساحة والميدان يخالف ويناقض تماماً ما يصدر عبر منابر الإعلام أو اللقاءات والمؤتمرات وسواها من مجالات توفر فرصة لإطلاق مبادرات أو دعوات للحل من قوى بعينها. إن المتابع للشأن السياسي يدرك أن حراكا بدأ يتشكل على المستوى الاقليمي والدولي تعلوا فيه لغة الحوار السياسي والحلول والمبادرات على ما سواها من تصريحات نارية وخطاب عالي النبرة يصدر من هذه الجهة أو تلك، ولكن هذا لا يكفي فلابد من أن يتحوّل ذلك إلى التزام وعمل وسلوك يتوافق ويتسق ويتساوق مع مضامينه وفحواه لا العكس، من هنا تبرز أهمية عدم الانجرار وراء العواطف والأهواء والرغبات والتركيز على الميدان الذي يبدو للجميع أنه الوحيد الفاعل والمؤثر في باقي السياقات بمعنى أن ساحة المواجهة مع الإرهابيين وغيرهم من مجاميع عسكرية وإرهابية هي التي تدفع باتجاه تغيير المواقف وقلب المعالات، وما المبادرات السياسية إلا مخرجات لما يجري على الأرض وما يتحقق من إنجازات في الميدان في مواجهة الإرهاب بكل تسمياته إضافة الى أن أغلب القوى المنخرطة في الحرب على الشعب السوري لا يبدو أنها على استعداد لتغيير مواقفها والإقرار بفشلها إلا بعد أن تلفحها نار الإرهاب وهذا ما بدأ يحصل في أكثر من مكان وهو ما يفسر الى حدٍّ بعيد بعض التحوّل في المواقف أو التكتيك السياسي الذي نلحظه راهناً عند بعض الأطراف. إن الاعتقاد بأن التحالف بمواجهة الإرهاب لن يكون إلا في سياقه الأمني هو اعتقاد خاطئ وثمة تجربة للأوروبيين في ذلك فإن كان ثمة تحالف في الحرب على الإرهاب فهذا يقتضي العمل الواضح والصريح والإعلان عن المواقف علانية وليس في الأروقة والغرف السرية إضافة إلى ربط كل ذلك بالموقف السياسي من الحرب على سورية ومقاربتها بمواقف جديدة تقر بالواقع وبحقيقة ما يجري وبدور السلطة الوطنية السورية والجيش والشعب السوري في مواجهة الإرهاب وكسر عموده الفقري. إن ما يجري في سورية هو كما قال السيد الرئيس بشار الأسد مواجهة بين مكونين الشعب السوري من جهة، والإرهاب من الجهة الأخرى، ولا حديث عن حلّ إن لم يضع مسألة القضاء على الإرهاب واجتثاثه أولوية تتقدم على ما عداها. من هنا تأتي أهمية الإقرار بذلك ليكون منطلقاً وأساساً قوياً لولوج أي مسار سياسي يساهم في الخروج من هذه الأزمة وبداية تلمّس طريق الخلاص والوصول إلى حالة الاستقرار في سورية والمنطقة على وجه العموم. |
|