|
مجتــمـــــع ولعل أجمل ما قيل عن العيد إنه فيه:( تسمو النفوس وتتسامى .. متغاضية عن أخطاء الآخرين وتصفو القلوب بطرد الحقد والغل من شغافها وتشفى النفوس بالعودة عن الخطيئةوالخطأ. ورغم أنها كلمات قليلة في عددها... لكنها عميقة وكبيرة في معناها. ولعل أبرز المعاني التي يفرزها العيد أنه عيد التسامح بين الناس ومناسبة للمشاركة مع الآخرين الفرح والزيارات ونشر الود والمحبة بين المتعايدين. أي أنه بمعناه العميق عيد يجمع شتات الأهل والأقارب... فيلتقون بعد غياب ويتذكرون بعد نسيان ويلتقون فيما عزت عليه باقي شهور وأيام السنة وسط الانهماك في مشاغل الحياة والركض اللاهب وراء متطلباتها وهمومها. وسائل عصرية ومما لا شك فيه أن كل شيء تغير والتطور والتغيير سنة الحياة... لكن هناك أشياء حميمية وجميلة يجب أن نحتفظ بها ونحافظ عليها حتى لو واكبنا العصرنة والحداثة، مثل التواصل المباشر بين الأهل والأقارب والجيران في الأعياد والمناسبات سوى إلى لأنها توطد أواصر المحبة والألفة وتمحو الجفاء والفرقة وهي السمة الأبرز من سمات العيد فهل بقيت كذلك؟ ربما التغير الذي طرأ على المجتمع واستخدم وسائل الاتصال الحديثة(هواتف- نت- إيميلات- مسجات) كرست مفهوم التواصل عن بعد بين الناس لأنهم باتوا يستسهلون هذه الوسائل، ولأنها أقل كلفة ولا تتطلب أي إجراءات مثل السفر أو زيارة المنازل وتكبد عناء المواصلات وترتيب المواعيد وإدراج جداول الزيارات ضمنها. وهنا تحول بعض الأشخاص إلى جزر معزولة متمركزين حول أنفسهم وانطوائيين حول شؤونهم ولا يتواصلون مع الأخرين إلا من خلال رسائل الكترونية جامدة خالية من المشاعر والتواصل المباشر مع الآخرين. جاهزة كوجبات معلبة إن استخدام الرسائل عبر الهواتف النقالة في إرسال عبارات التهنئة والمباركة أو حتى في التغزية ... بات واقعاً اجتماعياً يعتمده الكثير من الناس... والبعض وصفها أنها مثل الوجبات السريعة المعلبة المعدة مسبقاً.. ولا تحتاج سوى إلى كبسة رز.. فتصل وتفي بالمطلوب.وهي إما كانت في برنامج الهاتف أو تم حفظها في المسودات أو أرسلت من قبل أشخاص وتم تدويرها من بعد بين الناس... ولاسيما إذا كانت جميلة المحتوى معبرة وقصيرة فتم حفظها ليعاد إرسالها مرة أخرى بتعديل أو من دونه... والبعض يقول إنها مجرد كلمات مؤطره ومجهزة...تغيب عنها الأحاسيس وتنطفئ فيها المشاعر ...باردة لا دفء ولا نبض فيها فلا يبقى منها سوى كلمات خاوية لا حياة فيها. أما فئة الشباب فإنهم يدافعون عنها بقوة ويقولون إنها وسيلة حديثة سهلة ومريحة وتناسب عصرنا الذي يعتمد على التكنولوجيا في كل تفاصيله وأسلوبه.. فهي عملية ومريحة... وسهلة وغير مكلفة ووسيلة فعالة في التواصل ...ولما لا وهي تعبر عن روح الشباب في الانطلاق والسرعة والتماشي مع هذا العصر واللجوء إلى مثل هذه الوسائل لم يعد من الأمور المستهجنة في مجتمعنا، فالبعض لديه مشاغله وهمومه... وطبيعة الحياة التي أفرزت معطياتها تتطلب هذه الوسيلة من التواصل الاجتماعي.... وآخرون يتذرعون أن وقتهم لا يسمح بالقيام بالزيارات أو حتى الاستقبال.. وهذه وسيلة تغني عن القيام بالواجبات الاجتماعية عدا عن الهروب من التورط في مصاريف مالية تزهق ميزانيتهم كتقديم الهدايا والعيديات. عبرها.. مقالب وهفوات هناك من يتفنن في إرسال الرسائل عبر الهواتف .. حتى بات لها محترفوها المخضرمون... ومؤلفيها وكتابها... وأصبحت لها كتب تعلم فن الرسائل على الهواتف وانتشرت بين الباعة وفي المكتبات وعلى الأرصفة وهنا لا بد من الإشارة إلى أنه أصبحت الرسائل فناً يتدرج من الجميل إلى القصير وإلى الطريف أحياناً من الرسائل التي تشتعل حباً وشوقاً إلى الرصينة الجادة. وبعضهم ذكر أنه وصلته باليوم الواحد في أحد الأيام عدة رسائل متكررة ومن عدة أشخاص متباعدين في المكان وذات محتوى واحد... وبدون أي تعديل في حين قد تصل للبعض رسائل من أشخاص غير متوقعين... وقد حملت هذه الرسائل في حروفها الفرح والمفاجأة فأعادت بكلماتها القليلة دفء القلب وأنعشت الروح ، بعدما ظن هذا الشخص أنه دخل عالم النسيان والجفاء والهجران في الوقت ذاته هناك من يعاتب ويلوم الآخرين لعدم وصول رسائلهم إليه في المناسبات أو الأعياد...والعتب لديه مرفوع. عالم رقمي إن اعتماد الناس على الرسائل الهاتفية الجاهزة... أو المعدة سابقاً كوسيلة للتواصل والتقارب والتهنئة هي واحدة من نتاج العالم الرقمي الذي تعاصره فكل شيء صار رقمياً وتح ركه الأرقام... إنها إحدى إرهاصات المجتمع الحديث، وأن تصل رسالة إلينا تهنئنا بالعيد.... خير من أن لاتصل. |
|