تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


«القتل.. دون جهد»

معاً على الطريق
السبت 12-11-2011
قمــر كيـلاني

حين وقعت أول جريمة في تاريخ البشرية عندما قتل قابيل أخاه هابيل شهقت الملائكة.. وارتجت الأرض.. وبكت خيوط المطر من السماء.. وفزعت الطيور من أعشاشها.. وبدأ الندم يطفح في صدر قابيل.. وكانت بداية الألم.. وأحس قابيل أنه لا بد أن يخفي هذا الجسد الهامد حتى لا يراه أحد ولو كان هو نفسه.. وقصة الغراب معه معروفة. ولقد استغربت الأرض من هذا الفعل الشنيع.. لكنه كان بذرة شيطان لن يتخلى عن الإنسان حتى يدفعه الى الدم.

ومن هنا نقول إن واجب المسلمين في الكفارة وفي الاستغفار وفي الاهتداء الى طريق الله أن يذبح كل عام شاة أو أي نوع من أنواع الذبائح ويوزعها على الفقراء، ولابد أننا نرى في كل بيت إسلامي وفي القارات الخمس من يقيمون هذه الشعيرة وربما لا يعرفون ما مداها وعمقها التاريخي أو الديني. ومرة كنت في إحدى دول آسيا الوسطى ومضيفونا من الكتّاب والشعراء والأدباء قد وضعوا على الأرض ما يسمونه (الطبلية)، والتفوا حول الطعام كما كان الأمر فيما سبق من الأيام فالتفت الى جارتي فسمعتها تقول: (بسميليا).. فسألتها: ما هذا الدعاء؟ قالت: لا أعرف لكنه كلام مقدس يقال قبل تناول الطعام.. وهي بالطبع لا تعرف أنه تحريف لعبارة (بسم الله).‏

وها هي البشرية تمشي نحو أقدارها بينما المسلمون يعرفون ما الأضحية وما الهدي الخ...، ولا يتم الأمر بالطبع إلا من خلال الرواسخ من العقائد التي تناوبت عليها سنون وسنون بين كل مقاتل أو مجاهد الى أن وصلنا الى حد أصبح القتل فيه ألعوبة بين أيدي الأطفال.. يصورونه للتسلية والمزاح والضحك.. وقد يضعون أصابع أطفالنا فوق الحدث الشنيع أي القتل حتى تقوى قلوبهم فيقتلون في العالم الافتراضي على أمل أن يطبقوا ذلك على العالم الواقعي. وهكذا تسير الأمور بين الشعوب المتخلفة والشعوب التي يسمونها المتقدمة فهي التي تملك التكنولوجيا.. وهي التي تحاول أن تمحو بأصابعها الشيطانية كل ما له صلة بالرأفة والحنان والتسامح حتى في ميدان العلم نفسه.. فكم يبجل الغرب هؤلاء المخترعين والمكتشفين ويصنفونهم في مراتب الأولياء والصالحين لأنهم اخترعوا هذا أو ذاك من وسائل الحضارة والرفاهية؟ أليس ذلك مما يبعدهم عن السماء كلياً بأديانها وعقائدها وكل ما يملأ أرواح بنيها بالطمأنينة والسكينة؟‏

قد نقرأ نحن في القرن الحادي والعشرين ما رسخه أجداد البشرية من قيم عليا وأخلاق فاضلة فإذا بها الآن تُمسح من القلب والوجدان.. وكأنه نوع من الطغيان على حرية الإنسان.. هذه الحرية التي تتمدد مثل مارد القمقم حتى لم نعد نعرف لها حدوداً ولا مقدمات ولا نتائج. أما ما يناسب طبيعة الإنسان كانسان فعليه أن يحاربها من أجل المزيد من هذه التكنولوجيا حتى يود أحدنا أن يتحقق له كل شيء وهو ممدد في فراشه، أليس يفعل الانترنت كل هذا لو أراد الإنسان المعاصر؟‏

اجتهدوا إذاً أيها المتخلفون الراكدون في البحيرات الآسنة.. و اسعوا لأن تخرجوا الى النور والتنوير فتقبضوا على زمام الأمور مهما كانت من المستحيل. وبعد أن وصلنا الى القنبلة الهيدروجينية نمد أعيننا نحو ما يسمى النانو تكنولوجيا.. والله أعلم بالأسرار وشاهد على كل الأخبار.‏

ما يدفعنا الى التفكر في ماضي البشرية منذ أن عبدوا الحجر والشجر الى أن أصبحوا لا يُعرف منهم أهل الحضر من أهل المدر أن نستهدي الى ما يرطب أرواحنا ويهدئ ثوراتنا النفسية، ولعلنا نأخذ جرعة من هواء في وديان سحيقة لنتعرف ولو الى شعرة من الحقيقة.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية