تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


الصحوة المريبة والفجور الأميركي

البقعة الساخنة
السبت 12-11-2011
علي نصر الله

ينام العرب عشرات السنين على فشلهم المتكرر في تسجيل خطوة رمزية توحي للآخر بأن لدى العرب مؤسسات للعمل المشترك.. وفجأة يستيقظون، ويصحو العرب على واقع جديد لايرضيهم أقل

من الالتزام بمهل زمنية مريبة لتنفيذ خطط لا أحد يعرف أين رسمت وكيف ولدت ولماذا وضعت؟!.‏

من أين يمكن للمرء أن يبدأ.. من العراق الذي ضيعه العرب بموقف ستبقى سجلات جامعتهم تحفظه للتاريخ لعنة تلاحق أمينها العام وبعضاً ممن سهل مرور القوات الأميركية براً وبحراً وجواً لتدمير العراق..‏

من أين نبدأ.. من العراق أم من فلسطين الحق العربي التاريخي المهدور بإرادات نفطية عطلت الإرادة القومية غير مرة لكنها لم تعطل مرة واحدة تدفق الإيرادات النفطية إلى خزائن أميركا والغرب؟!.‏

عرف العام 2002 بدعة أطلق عليها المبادرة العربية للسلام التي كادت أن تمزق الأمة قبل التوافق عليها، وعندما تم اعتمادها رفضتها إسرائيل بعد أقل من ساعتين على إعلانها رغم قبول العالم الغربي «المتحضر» بها!.‏

ورغم الرفض الإسرائيلي للمبادرة.. عرف العام 2002 لجاناً عربية وزارية لمتابعة المبادرة وأخرى لتسويقها.. ونحن على أعتاب 2012 وهذه اللجان تواصل اجتماعاتها رغم وضوح وفجور الرد الإسرائيلي والغربي والأميركي.. لماذا؟!.‏

لماذا تواصل اللجان الوزارية العربية اجتماعاتها المفرغة من أي معنى طالما أنها أسقطت من حساباتها الإجراءات التالية:‏

1- الالتزام العربي الصارم والحازم بمقاطعة إسرائيل.‏

2-استخدام كل أشكال الضغط على الحكومات الغربية نفطياً واقتصادياً ودبلوماسياً مالم تتخذ إجراءات عقابية فعلية تجاه إسرائيل.‏

3- التوجه إلى مجلس الأمن لإدانة إسرائيل وإجبارها على تنفيذ القرارات الدولية.‏

4- مطالبة مجلس الأمن التحرك تحت الفصل السابع لإرغام إسرائيل الخضوع للإرادة الدولية.‏

5- عدم التنازل عن خيار الحرب على إسرائيل لتحرير القدس وباقي الأراضي الفلسطينية المحتلة إذا ما فشلت المبادرة...‏

مهلاً.. نحن لانحلم ومازلنا واقعيين نعرف مآلات بعض الأعراب وتحالفاتهم، لكننا نستغرب كل هذا الضعف الذي يبديه بعضهم مع إسرائيل مقابل وقاحة التعاطي الحاصل مع الملف الليبي (مثلاً) حيث جعلت الجامعة العربية من نفسها جسر عبور للناتو لتدمير ليبيا واحتلالها وإعلان الوصاية والانتداب عليها ربما لعشرات السنين.. لماذا؟!.‏

هل كانت ليبيا عدواً للعرب وللجامعة، هل كانت تمثل تهديداً للنظام العربي الرسمي، هل هددت ليبيا مستقبل الأمة وتجاوزت في ذلك الخطر الإسرائيلي كي يستدعى الناتو عربياً ومن خارج مجلس الأمن الدولي؟!.‏

واليوم نسأل: لماذا تسمح الجامعة لأميركا أن تقوض عملها عبر التحريض المعلن ضد سورية، لماذا لاترد على تصريحات البيت الأبيض، ولماذا تتصل بأطراف خارجية تعلن عداءها لسورية، وإذا كان مجلس اسطنبول اللاشرعي قد أعلن رفضه للخطة العربية فلماذا التشاور مع أنقرة التي تستضيف وتحرض وتمول وتسلح المجموعات الإرهابية؟!.‏

لماذا تتبنى الجامعة روايات إعلامية مفبركة كاذبة وتتجاهل الوقائع على الأرض، لماذا لاتستكشف بنفسها، لماذا تطالب بوقف العنف ثم لاتستهجن دعوة واشنطن المسلحين لعدم تسليم أنفسهم وأسلحتهم، ألا تخشى أن يفهم تجاهلها هذا أنه موافقة على البيانات التحريضية الأميركية؟!.‏

كيف للجامعة أن تضع إرهاب المجموعات المسلحة وتصدي الدولة السورية لتطبيق القانون في المستوى ذاته والسلة ذاتها، ألا ينطوي ذلك على أداء سياسي فيه مايكفي من الريبة كي يفجر مبادرتها خاصة أن التصريحات الفرنسية هي الأخرى لم تحظ برد دفاعي من الجامعة؟!.‏

على أي حال.. ستبقى سورية متمسكة بموقفها وبدورها القومي، و ستبدي كل ترحيب وتعاون مع كل جهد عربي مخلص وصادق، وستواصل برامج الإصلاح والحوار الوطني لتكون النموذج، ولتبقى القلعة الحصينة المدافعة عن قضايا الأمة، ولن تسمح للإرهاب والتطرف أن يعبث بأمنها واستقرارها، ولا لتحالف الأعراب والأغراب والحالمين بالأدوار الإمبراطورية أن يحولوا أو يحرفوا مسارات الصراع خدمة لإسرائيل والولايات المتحدة.‏

ali.na_66@yahoo.com

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية