|
الافتتـاحية وهذه ليست تهمة، بل تفاخر بها الإدارة الأميركية وتؤكدها وثائقها ومواقفها..!! السؤال.. لماذا هذا الحضور الأميركي المباشر؟ وكيف لدولة عظمى أن تكشف عن تورطها المباشر وتدخلها السافر على هذا النحو.. وماهي الرسالة التي تريد إيصالها..؟!. في قضية الرسالة تتعدد الأوجه.. وتكثر العناوين المُـرسلة إليهم.. وهي تحمل في طياتها ملامح انخراط مباشر في الأزمة، يعكس إلى حد كبير يأساً أميركياً من فعالية الوكلاء من جهة وافتضاح محدودية قدراتهم من جهة ثانية!. أما مايطغى على المشهد اليوم والذي تحدث عنه الكثير من المحللين والمتابعين، فهو هذا التورط الأميركي.. في القراءات الأولية ينضح الموقف بحد ذاته بالعدائية التي تمارسها ضد سورية وضد الشعب السوري حيث ليس هناك في الدنيا من يستطيع أن يبرر وقوفها مع المسلحين إلا بمنطق من يعمل على سفك الدم السوري مهما تعددت المسميات وتلونت اليافطات وتنوعت الشعارات.. وفي الحسابات الأعمق قليلاً، فإن الخيبة الأميركية الناتجة عن صدمة الاتفاق مع الجامعة العربية دفعت بها للمسارعة إلى احتواء الارتدادات الناتجة والتي يمكن لها أن تقوّض المشروع الأميركي المعد تجاه سورية من أساسه، بل ربما كانت أوسع قليلاً من مساحته، باعتبار أن الاتفاق يؤسس لفعل عربي لا تريده واشنطن ولا ترغب به، وقد يخرج عن الطوق الأميركي ويتمرد على «التعليمات» الأميركية.. خصوصاً أن الأجواء ترجح هذا الاحتمال. أما من حيث النتيجة، فإن الإدارة الأميركية سارعت إلى العمل على خطين متوازيين، الأول يتعلق بدخولها المباشر في دعم المسلحين والثاني عبر الإفصاح عما هو مطلوب من بعض الدول العربية، من خلال تحريضها على المقاطعة السياسية والاقتصادية.. ودفعت بكل أوراقها إلى الواجهة مباشرة ودون رتوش، حيث لائحة التعليمات التي صدرت عن الخارجية الأميركية، كانت مدعّمة بنشاط سياسي دبلوماسي موازٍ عبر مبعوثيها الذين جالوا في المنطقة على عجل وخصوصاً في العواصم المجاورة لمنع أي انزلاق قد يجعل من كل العقوبات الأميركية وما تبعها من إجراءات فاقدةً لجدواها..!! وإلا فما معنى جولة معاون وزير الخزانة الأميركي؟!. كل ذلك مع تصعيد في نبرة القنوات الشريكة بسفك الدم السوري. الخطير في المسألة أن الإدارة التي لا تخفي عجزها عن تنفيذ مخططها، ترمي بسلتها إلى طاولة الجامعة العربية وبعض أطرافها.. تريد أن تحملها وزر ماعجزت عنه.. وأن تعوض مافشلت هي في تحقيقه.. والأخطر، أنها تمارس سطوتها السياسية في جر الجامعة وتلك الأطراف أيضاً إلى حيث لايحق لهم.. ولا يجوز تحت أي مسمى، وما هو فوق طاقتهم. لانعتقد أن أحداً من العرب لايدرك ذلك.. ونجزم في الوقت ذاته أن الجامعة تعرف جيداً ماهي صلاحياتها.. والقيمون عليها يفترض أنهم اطلعوا جيداً على ميثاقها ومايتطلبه.. وفي حده الأدنى موقفاً رافضاً للغة التحريض وإدانة هذا التورط الأميركي وتلك المطالب العلنية التي تمثل انتهاكاً صارخاً للجامعة ودورها وميثاقها. مانأمله، حتى اليوم، أن يكون تحرك الجامعة سريعاً.. أن تنفي تهمةً، تجهد الإدارة الأميركية كي تلبسها لها.. وأن تمارس الدول العربية قرارها المستقل.. وتثبت فيه أنها لاتتحرك وفق الأوامر الأميركية.. ولا تستجيب لتعليماتها.. وأن الـ «ريمونت كونترول» الأميركي تجاه العرب تعطل هذه المرة.. وهو استحقاق عربي بامتياز يستحق التأمل والتمعن.. وبعض الجهد لإدراك أنه المخرج الوحيد من السطوة الأميركية التي تجيّر المنطقة لخدمة مصالحها ومصالح ربيبتها إسرائيل. استحقاق عربي أمام اختبار لا ننفي صعوبته.. لكننا نجزم أنه ليس مستحيلاً.. ولاهو خارج القدرة العربية وإمكانياتها.. بقليل من الإرادة وحسن النية.. إرادة.. وإن تعطلت بعضَ الوقت.. فلايمكن أن تكون كذلك طوال الوقت.. وحسن نية يريدون التشكيك فيها.. لكننا نتمسك بها.. وما نأمله -نحن على الأقل- أن مايقود الجهد العربي.. ومايحركه.. هو حسن النية والرغبة الصادقة في تجاوز الأزمة وليس أي شيء آخر..!!. |
|