السينما الصهيونية المضامين الديماغوجية في مواجة المضامين الإنسانية
ملحق ثقافي الثلاثاء 24/1/2006 الكتاب : السينما الصهيونية شاشة للتضليل . الكاتب : محمد عبيدو. الناشر : دار كنعان ـ دمشق . ـ عبد الستار إسماعيل باتت السينما والإعلام السينمائي من أهم الوسائل والآليات نشرًا للثقافة وتكريس للأيديولوجيا .. فقد اتخذت الصهيونية من مجال السينما كوسيلة لتزييف حقيقة الصراع العربي الصهيوني .
إلى الحد الذي تتمكن فيه من توريث قناعة مسبقة ومجهزة لتجنيدها في خدمة أهدافها ، والحيلولة دون الغور في الحقيقة وسبر أعماقها.. فمن البدايات وحتى العام 948 1 يعمل الكاتب على تفسير وتفكيك بعض الأفلام التي أنتجتها السينما الصهيونية في ذلك الوقت لما وصلت إلى ما يقارب الأربعين فيلماً. منها" قضية دريفوس" لعام 1899. " الماعز تبحث عن الحشائش" لعام 1900 وهي من أوائل الأفلام الصهيونية كما رصدها المؤرخون. ... أما أول ما ظهر من الأشرطة الضخمة المستوحاة من العهد القديم كان " جوديت من بوتليا" عام 1913 . الذي أخرجه دافيد غريفين ـ مخرج فيلم " مولد أمة" الذي يعد أكثر الأفلام الصامتة عنصرية ـ ...أما أفلام" عبر النيران". " الوعد الكبير" ." بيت أبي" . " الأرض" فقد تم إنتاجها تمهيداً لإعلان إنشاء الكيان الصهيوني. أما الأثنان والسبعون والمائة فيلماً وهو عدد لا بأس به من الأفلام الأمريكية الإسرائيلية والأوربية وكان إنتاجها وعرضها ما بين 1948 و 2002 . فهو ما يتناوله الكاتب في الفصول الأخرى من الكتاب . مستعيناً في ذلك بعدد من المراجع العربية المتوفرة في الصحف والكتب. منها " الرواد" عام 1948. " دافيد وباتشبيع" عام 1952. "الوصايا العشرة" عام 1956 . " الخروج " عام 1960. وهو الذي وقع عليه الاختيار ليكون فيلم الافتتاح لمهرجان " كان" عام 1961.... "معركة سيناء "عام 1968. " ملف القدس" لعام 1971 ".... ومن الأفلام أيضاً أفضل دماغ" عام 1984. " قوة دلتا" لعام 1986 ويبين المؤلف أن أخطر ما يتضمنه هذا الفيلم، حسب تعبير الناقد أمير العمري، هو محاولة الوقيعة بين الأديان على نحو ممجوج، والإساءة المتعمدة للدين الإسلامي، مع تملق المشاعر المسيحية واليهودية. فهو أولا، يصور المسلمين باعتبارهم قتلة ودمويين، ينتمون إلى عالماً متخلفاً يحكمه العنف، يسعون للقضاء على الحضارة الغربية المسيحية التي يتمتع فيها اليهود بالحرية. ويطول الحديث ليشمل أفلام أخرى كـ " صداقة امرأتين" لعام 1993. " أكاذيب حقيقية" لعام 1994 وفيلم " لائحة شيندلر" للعام نفسه حيث حاز هذا الفيلم على سبع جوائز أوسكار. فيلم " الباترويت" الذي عرض في مهرجان " كان" لعام 1998" الحصار" لعام 1999. " قواعد الارتباط" لعام 2002... يذهب المؤلف إلى تعريف السينما الصهيونية بأنها السينما التي تخدم بشكل مباشر أو غير مباشر المفاهيم والأهداف الصهيونية المنبثقة عن بروتوكولات حكماء صهيون ـ الظاهرة منها والخفية ـ والتي تسهم إسهاماً وثيقاً جزئياً أو كلياً في حملات الدعاية الصهيونية وليست السينما الصهيونية بالتالي، هي فقط السينما التي يصنعها السينمائيون اليهود ولكنها السينما التي يصنعها هؤلاء وغيرهم، وتتبنى الدعاوى الصهيونية وتبرير كافة الأعمال القمعية الوحشية التي يرتكبها الصهاينة داخل وخارج الأرض المحتلة وتحاول تشويه صورة العربي وحقيقة الصراع العربي ـ الصهيوني. ويبين الكاتب أن الحركة الصهيونية انتبهت منذ مؤتمرها الأول في بال عام 1896 أي بعد سنوات قليلة جداً من ولادة السينما إلى أهمية هذا الاختراع الحيوي.. وأهمية الدور الإعلامي والدعائي الخطير الذي يمكن أن يلعبه في سياق الترويج للفكرة الصهيونية. ويشير الكاتب إلى أن الإطلاع على واقع السينما الصهيونية يلعب دوراً شديد الأهمية في إطار الصراع الوجودي بيننا وبين الكيان الصهيوني. فمنذ قيام الكيان الصهيوني وحتى اليوم والسينما الصهيونية سواء كان داخل الكيان أم خارجه تعمل من اجل خدمة الأغراض السياسية والاقتصادية والعسكرية للكيان الصهيوني، وتحاول أن توهم المشاهد بان " إسرائيل" ما هي إلا واحة ديمقراطية وسط صحراء الجهل والتخلف العربي، وأن اليهود إنما عادوا إلى أرضهم الموعودة. وأن العرب " متوحشون وإرهابيون" ، وأن الإرهاب جزء من تكوينهم النفسي والجسدي. كما أن السينما الصهيونية داخل الكيان الصهيوني تحاول تجاوز أزمتها الدائمة والمرافقة لها في نهوضها وكبواتها، تلك الأزمة المستمدة من أزمة الكيان الصهيوني، حيث أنه قام على أساس غير طبيعي، يتمثل في اغتصاب أرض الغير، والسينما الصهيونية تعمل ضمن هذا الإطار، لذلك نراها تحاول جاهدة تجاوز حالة الوضع الاغتصابي، وعند الدراسة النقدية نجد أن السينما الصهيونية داخل الكيان الصهيوني مشبعة بالمضامين الديماغوجية، وتخلو من المضامين الإنسانية، بمحاولة تزوير الحقائق وتضليل المشاهد، ناهيك عن تشبعها بالمضامين العنصرية والعجرفة المنطلقة من العدوانية العسكرية... وتبدو هنا أهمية المفعول المباشر للسينما الصهيونية، وتكمن نتيجة ذلك في مدى مناصرة شرائح واسعة من الناس ، في الغرب خاصة، للمسألة الصهيونية، فقد استعمل الكيان الصهيوني لذلك العناصر الدرامية، والسيكولوجية والتاريخية والدينية والجمالية. ووظف التصرفات النازية لحسابه الخاص، جاعلاً قصة الستة ملايين يهودي مذبحة التاريخ المعاصر الوحيدة وضحية ذلك التاريخ التي لا تغتفر. ظهرت البصمات الصهيونية الأولى في السينما العالمية، في هليود، حيث كان هناك سبع شركات سينمائية كبرى هي : مترو غولد وين ماير، فوكس بارمونت، مولومبيا ، يونيفر سال، وارنر، ويونيتد أتست، وكل مؤسسي هذه الشركات كانوا من اليهود.. وكلما ظهر في هوليود ممثل جديد أو ممثلة جديدة فتح الصهاينة أعينهم جيداً ليرصدوا احتمالات النجاح، وإمكانات استثمار هذا النجاح في فيلم يخدم خطط الكيان الصهيوني الإعلامية والسياسية. وحول إخضاع الرأسمال الصهيوني كل نجوم السينما الكبار لنفوذه سأل أحد الصحفيين العرب الممثل الأمريكي شارلتون هستون عن الأسباب فأجابه بأنه : " لا يستطيع أن يرفض ما يمليه رأس المال السينمائي في هوليود، وأنه كممثل لا يمكن أن يرفض عبارة في حوار شريط سينمائي لها أي مغزى صهيوني، فهذا يضعه في القائمة السوداء ويقضي عليه نهائياً". ثم توالت عمليات الإنتاج للأفلام الصهيونية فيما بعد في دول أخرى كبريطانيا والسويد والمجر... عبر شركات سينمائية أوربية وأمريكية طبقاً للبنى السياسية الإمبريالية التي تحددها توجهاتها. فالدعاية الصهيونية في السينما العالمية متسللة بشكل عميق، والدوائر الصهيونية لا تترك فرصة عالمية لتثبيت وجودها. فما من مهرجان دولي إلا وفيه أفلام وصحفيون ومكاتب إعلامية للبرهنة على ذلك الوجود..
|