تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


الكاتبة ماري داريوسيك.. لا أحب أن تتحول الكتابة لدي إلى مرض يمنعني من الحياة.

ملحق ثقافي
الثلاثاء 24/1/2006
حـــوار ســـعاد زاهـــر

<بدأت الكتابة باكراً.. هل تلك البداية هي التي جعلتك تصقلين أدواتك وتكتشفين هدفك الأدبي؟

<< هدفي منذ كنت صغيرة أن أحتفي بجمال العالم، كنت على العكس من الأطفال الآخرين الذين بدؤوا الكتابة باكراً ثم توقفوا في المراهقة وانتقلوا إلى أشياء أخرى. أنا تابعت الكتابة. وشعرت أنني أندفع باتجاه الخيال فرغم أنني درست في فرنسا إلا أن المدرسة لا تغذي الخيال، إنها تعلم جيداً، تعطي مخططات، وتعلمك كيف تحاك الأشياء. في عمر السبع سنوات بحثت عن خيالي الخاص، وكتبت شعراً ونلت جائزة. ثم انتقلت من الشعر إلى الرواية وفي سن التاسعة عشرة حصلت على جائزة الكتاب اليافعين من صحيفة لوموند. خلال ذلك كله كنت أشعر أن لدي الكثير من الأفكار والحيوية. ولكنني كنت أبدأ بكتابة أفكار عديدة ثم أتركها وأنتقل إلى غيرها.. إلى أن وجدت أن هذه التجارب تحتاج إلى الصبر، الهدوء البطء لأن الكتابة عمل طويل فلا يمكن أن ننجز كتبنا في أيام قليلة. < قلت إن هدفك أن تحتفي بجمال العالم.. وماذا تقولين من خلال هذا الإحتفاء.. ألا تسعين إلى أن يكون لك صوت أيضاً من خلال وجودك الشخصي في الحياة؟ << أحياناً أفكر أنه ليس هدفي أن أقول.. وأعتقد أنه ليس لدي شيء أقوله.. لأن مشاركتي في الحياة السياسية والإجتماعية في فرنسا لها علاقة بكوني مواطنة. أما عملي أن أكتب لا أن أقول، أن أكتب جملاً أكثر حدة لكي أمسك بالعالم. < ماهي المراحل التي تنتقلين خلالها لإكمال عملك الروائي، وماهي التقنيات التي تعتمدينها؟ << لكي أكتب عمل روائي أحلم ثلاثة أو أربعة أشهر قبل البدء بالكتابة، أتأمل الأشياء لفترة طويلة لكي أخلق انفعالاً ما ثم أحاول أن أجد الكلمات التي تصف الانفعالات والمشاعر مع علمي أن المشاعر ليست المادة الأولى للأدب، بل الكلمات. أنني أوجد الجملة التي يفترض أن أقولها من خلال الانفعالات، فمثلاً رأيت ضوء الشمس وهو يغيب عن مدينة تدمر السورية فأنقل هذا الانفعال الذي شعرته حينها إلى كتاباتي في المرحلة الأولى من كتاباتي وفي لحظة معينة من الحلم تبدأ الشخصيات بالتوضيح مع ايقاع خاص بها، يأتي من خلال الصوت الذي أعتمده في الكتابة، بعد ذلك أنتقل للمرحلة الثانية، حيث أكتب كل شيء كما يأتي في ذهني ويمكن أيضاً لذلك أن تستمر أربعة أشهر. المرحلة الأخيرة كما لو كنت مخرجة سينمائية أقوم بالمونتاج لأن الكتابة الأولى تنتج أشياء مبعثرة، أنتقل هنا إلى عمل دقيق على مستوى الجمل.. أعيد قراءتها، وأضبط إيقاعها فيصبح العمل أكثر دقة من جميع النواحي. < ماهي الموضوعات التي تستهويك؟ << كل شيء.. الحب، الحزن..في روايتي «ولادة الأشباح» أتناول قصة امرأة يختفي زوجها أثناء ذهابها لشراء الخبز، والكتاب بكامله لوصف ماذا تعني كلمة قلق وانتظار. في روايتي «دوار البحر» وضعت الفراغ والإنهيار الداخلي. أحياناً لا أفكر بموضوع محدد. بل أكتب ما يأتي إلى ناشر ينتظر كتاباتي ويشجعني على أن يكون لي صوت خاص ومميز في عالم الأدب خاصة في هذا الوقت الذي يختلف عن الكتابة في القرن التاسع عشر. نحن في الألفية الثالثة، أدواتنا. طرق تفكيرنا معالجتنا للموضوعات وطريقة تقديمنا لها مختلفة.. موجة البحر في القرن التاسع عشر ليست كماهي الآن، وقتها كانوا لا ينظرون إلى البحر كانوا يخافون منه، جاء جان جاك روسو وقال لماذا نصف «البلاط»لا البحر الكاتب إميل زولا رأى البحر من زاوية عمل صيادي البحر، وأنا أريد أن أصف موجة مختلفة، أريدها أن تكون موجة نسوية. < الكتابة.. وحياتك الشخصية.. كيف هي العلاقة بينهما؟ << أنا بحاجة لأن تكون لدي حياة تقليدية هادئة، ويكفي المرء أن يكون متزوجاً ولديه أطفال ليكون تقليدياً، وهذه الطريقة في الحياة تعطيني الهدوء والدعة اللتين أحتاجهما كل ماهو متحرك، وما هو غير ميت، الكتابة لاتمنعني أن أحيا كما أريد.. رغم أنني دائماً أريد أن أكتب وأن يقرأني الآخرون، والشيء الوحيد الذي ينافس الكتابة هو السفر، عندها لا يكون لدي حاجة لأن أمسك بورقة، لأن الجمل تكون برأسي، أما عندما أكون في المنزل أكتب كل يوم. ولكن لا أحب أن تكون الكتابة مرضاً يمنعني من أن يكون لدي حياة ومنزل وأطفال-. ت: نبيل نجم‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية