تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


كلمة أولى المحكية والفصحى: التواصل الحضاري!

ملحق ثقافي
الثلاثاء 24/1/2006
حسين عبد الكريم

أي واعٍ، لا يشكّ في مقدرة التخريب والتزوير التي تعززها وتحميها وتسعى بها سياسات الانحطاط الغربية المحتكمة إلى مقولات الجشع، والهمجية الكونية، والتدميرية. العربية المحكية والفصحى تعيشان في زمن مشحون ومطعون بسياسات الانحطاط، والتزوير وإلغاء الآخر..

والانحطاط مصطلح يعني أولا: غياب الدافع الإنساني والحضاري، وهذا ما تريده وتبتغيه، وتعمل من أجله القوى التدميرية الانحطاطية في الغرب.. لكن هذا السلوك التدميري لا يجعلنا نؤخذ بالتزوير،وفظاعة الخراب، وننساق وراء تعبيرات ومصطلحات التدميريين الغربيين: العربية الفصحى تنحدر،وهي مهددة بأن تحذف من قائمة اللغات العالمية وغير ذلك من العناوين والتأويلات.. الفصحى والمحكية في تواصل حضاري منذ مبتدأ النشاط اللغوي الراقي الذي أبدعه وأغناه عبر المراحل والأجيال، الإنسان العربي. والذين يظنون- جهلا، أو سوء نية أن العربية الفصحى حين تتكىء إلى المحكية تنحدر، يخطئون! ويخطئون أكثر حين يأخذهم الظّن بأن العربية الفصحى في هذا الوقت الراهن، وفي جميع الأوقات غير متطورة، وغير حضارية! والحضاري والحضارية، أعني بهما: الزخم الإنساني، والعلمي والإبداعي والبلاغي والفقهي، والأسطوري والرمزي والدلالي، وكل ملمح حملته هذه العربية الفصحى،ومن قبل ومن بعد، حملته معها « المحكية» وقدمته للآخرين، فكان فعلا حضاريا، وأثرّ في الآخرين تأثيرا حضارياً، ولم يُدمّر وعيا، أو يهدد بتخريب الثقافات الأخرى! ما تعانيه الثقافة العربية في أحوالها جميعا هو الهجمة التخريبية « التزويرية الغربية» المحتكمة إلى قناعات الجشع، والسيطرة على الآخر وإلغائه.. وهنا يظهر الفرق جليا بين السلوك الحضاري وغير الحضاري. رغم كل الانحطاط الكوني الذي خصّ الحضارة العربية بنصيب وافر من التشويه،والأكاذيب، والقهر والطغيان، لم يزل الإنسان العربي يمتلك ملمحين أساسين جوهريين جدا، في تكوينه الروحي، والإنساني وفي نسيجه وقوام شخصيته، الملمح الأول: لغته الحضارية، ومعها الثقافة بكل تعريفاتها واشتقاقاتها قديما وحديثا، ولا ينفصل القديم عن الحديث، وليس هذا من باب التغني بالأمجاد السالفة، بل هو الراهن والواضح. والملمح الثاني: المقاومة التي أشارت إشارات بليغة إلى حضارية وإنسانية العربي. الدم العربي هو الهمزة العالية للتوصل إلى النطق بالحق، وهو حرف فصل وحسم في مواجهة التدمير والتشويه والإلغاء. العربية الفصحى، ومعها المحكية، ومعهما كلّ الثقافة العربية، في حالة خلاقة من النهوض والمقاومة رغم الانحطاط الغربي الأسود جدا،ومراميه وسلوكاته الأكثر سوادا من أي حلم كوني، متفّحم بفعل البشاعة والطمع والاحتكام إلى التخريب، لا إلى الحضاري.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية