|
ملحق ثقافي
سواء أكان هذا الانفعال سلبياً أو إيجابياً، وما ذهاب الفنان إلى مرسمه إلا دافع من دوافع أحاسيسه ودواخله لتكون عصارة دنيا ألم أو فرح يختصره بما يمتلك على ورقة.. صغيرة.. لهذا قال بيكاسو:«ليس المهم ما ينتجه الفنان بل المهم هو الفنان نفسه وما هو عليه.». فكثيراً وغالباِ ما ترى قلب الفنان على سطح لوحته. والطبيعة هي عنوان النقاء والرومانسية والخيال المجنح إذا ما تبدت عن شاعر» أو فنان أو أديب.بمقدوري الآن أن أستوقف خيالي، وأنا أقف أمام تلك.. اللوحات، وأسأل نفسي أمام ذلك المنزل العتيق التي تحيط به الأشجار البائسة.. كم حزن واستحزن عبد الرحمن مهنا على واقع مرير جعل عالمه الداخلي ينطبع بين الريف والمدينة ليأخذ عن الإنسان جل همومه ولعله ناضل كثيراً وهو يمر.. بمراحله المختلفة حتى كاد الفرح يفارقه تماماً محاولاً أن تنطوي بأحلامه مطامح وتطلعات الناس وإرادتهم.. دونما قصد كما كان «بيكاسو» ولعل نهجه الواقعي جعلني أتأمل تلك اللوحات التي أراد أن يغطيها بقليل من التساؤل وكثير من القلق على عالم بات جائعاً للقيم والمثل والأخلاق. أليس مهماً أن يتمكن الرسام من استنطاق الطبيعة لتكون أكثر من يعبر عن حالات المجتمع وتطوراته خلال ضحكها واضطرابها، وبكائها.. وقلت:«الرسام» لأنني أبين أن كلمة رسام لا تقل علواً عن كلمة فنان..وكلاهما يتوحد في القيمة التاريخية فالرسام من يترك عمله رسماً إلى الأزل والفنان من يأتي بقيمة جديدة فالدافع الوجداني وهو محرض الموهبة، دفع الفنان مهنا ليقدم لنا صورة المدينة بطريقة تجعلنا نكتشف أمام اللوحة ونحس بكل ما يجول في شوارعها وأقبيتها وحدائقها من.. تناقضات فترعف ريشته وتتجلى موهبته لنشعر بخطورة الأزمة ونحرض أشواقنا على خلاص لا بد من أن نتأهب له مهما كان الثمن وبما أستحضره من أهمية لا بدلي أن أوضح ما استطاع دمجه خلال لوحاته بما يسمعه من ألحان وأنغام كأصوات البلابل ونقيضه هدير المحركات، وبين ما يراه من شؤم وبؤس ونقيضه قليل فرح يدفى في التقاط دقيق لعجائب المخلوقات التي كون لوحته من عطاءاتها.. حتى نتعلم نحن بدورنا كيف نستقرىء عوالم اللوحة ونفك مكوناتها الداخلية والخارجية، ولاسيما إذا كانت من فنان مبدع رسام يمتلك أدواته، وأراني أدرك خلال تلك اللوحات أن الفنان مضى يلم بالرؤى الفنية فيدرك كيف يتعامل.. من البصر فيما يقع عليه من شكل وظل وضوء مؤمناً بأن الرسام مفروض عليه التمكن من كلية الموضوع الذي يجب أن يراه.. الإنسان في لوحته المعبرة التي أراد لها الفنان أن قلم بوحده العاطفة والمادة، بإدراكه ومفهومه.. بحس رفيع، متجاوزاً تكرار الذات متفقاً مع قول لوكونت: «إن ما هو شخصي وذاتي هو طريقة الفنان وذوقه الخاص، أو ما يسمى الأسلوب شرط أن لا يقع الفنان في نهاية المطاف.. ضحية إسلوبه فيكرره باستمرار.» وعندما سألني سلفان عليان القيوم.. إلا ترى أن مهنا كرر نفسه في هاتين اللوحتين مشيراً إلى المسجد والكنيسة قلت له: إن هذا ليس تكراراً.. إنه رؤية موحدة...لدينين سماويين.. دلالة انتماء مطلق لأصل عريق. فإذا كان معرضه هذا في المركز الثقافي الروسي الذي يزيد الثلاثين لوحة تخصص بالطبيعة فلماذا لا أعترف أن عبد الرحمن مهنا صاحب تجربة واسعة وطويلة وله حضوره وألقه. |
|