النزعة الاجتماعية في شعر الصعاليك
ملحق ثقافي الثلاثاء 24/1/2006 انس باير ليست دراسة شعر الصعاليك بالمسألة السهلة، وإنما هي مسألة يكتنفها بعض الغموض والصعوبة، وغموضها يرجع إلى طبيعة العصر نفسه- العصر الجاهلي- حيث أن تاريخ الأدب العربي في صورته الدقيقة الثابتة، يبدأ من ظهور الإسلام، حيث جمع العرب بكيان متماسك، وحسبنا أن نقول:
إننا لا نكاد نعرف من العصر الجاهلي حتى قبيل ظهور الإسلام، إذا أنه طائفة من الأستطير، ويؤيد ذلك أن معلومات هذا العصر، لم تدون إلا في عصور متأخرة، ومن هنا نشأت وترعرعت فكرة الشك، فيما وصل إلينا من زشعار وأخبار عن هذا العصر. ولهذا جاءت دراسة الأستاذ موفق فوزي الجبر، المعنونة بـ « النزعة الاجتماعية في شعر الصعاليك» لتجلو هذا الغموض وتظهر كنهه، وقد بين في موضع ما من مقدمة الكتاب، سبب تأليفه، حيث قال: « استهواني موضوع الصعاليك، فقفز هذا الموضوع إلى ذهني لأن باحثي الأدب لم يقفوا عنده، وأخذت أسهمه في الصعود- لأهمية دراسته- ليس ذلك من منطلق تاريخهم، إنما من نشاطهم وحياتهم القاسية، وكونهم دعاة للمساواة الاجتماعية السمحة». فهذه الدراسة أماطت اللثام عن هؤلاء الشعراد الصعاليك، حيث لم تكن صورة هؤلاء واضحة في أذهان الناس، بل كانت تكسوها غيوم قاتمة تحجب كثيرا عن مسارها وأهدافها ومعالمها، وأزاحت هذه الغيوم لينبثق نورهم، وتشع شمسهم الساطعة في الأفق، ولتبدو صورتهم جلية للأنام. كما أن هؤلاء الصعاليك ثلة من شعراء العرب تمردوا على عادات وتقاليد المجتمع منه، وحققوا لأنفسهم أصالة عالية في حب العمل والإخلاص والتفاني من أجل الفقراء المستضعفين، وفي عهدهم بزغ نور العدالة والتوازن الاجتماعي في حياتهم وأشعارهم.. وكأنما كتب على هؤلاء المشردين في آفاق الأرض أن يظلوا أيضا مشردين في بطون الكتب، فحاولت هذه الدراسة أن تمسح غبار الزمن عن هؤلاء،وأن تبين حالهم،وكيف كانوا يعانون شظف العيش وقساوة الحياة من أجل الناس المستضعفين .
|