|
عين المجتمع لا كما يريده الآخرون أن يكون ، و هناك داخل بلاط مملكته ... تتساقط الأقنعة ... و تفك الياقات وربطات العنق الخانقة ، و تخلع الكعوب العالية ، و تحل الأحزمة الضيقة ، و تمسح مساحيق التجميل ، لتتكشف الملامح على حقيقتها دون مواربات أو مجاملات اجتماعية فرضت نفسها لتواصل ناجح ، يضمن الاستمرارية .. بل والتألق في العمل ، و يؤهل لمزيد من الأصدقاء والأحباب و الخلان ، بقليل من الصراحة ، و كم كبير من النفاق و الرياء . تلك أقنعة عصرية .. و لكنها غير مخصصة لشد البشرة و التخلص من الترهلات و تجاعيد الزمن ، بل للتواري خلفها و لامتلاك القدرة على اختراق القلوب والعقول ، فلكي تكون عصريا و مواكبا لتطور العلاقات الاجتماعية التي مسها جنون التكنولوجيا بوسائلها المتعددة ، ما عليك سوى اقتناء أقنعة متنوعة ، تتلون حسب المواقف و الأشخاص و المصالح الشخصية . و كلما تطورت الحياة و ازدادت عصرية ، ستطرح .. للأسف.. مجموعة جديدة من الأقنعة حسب آخر صيحات الموضة ، لتحوير المبادئ و القيم ، و الخروج بما هو مستحدث منها ، و بفضل هذه الأقنعة تتغير ملامحنا و تصرفاتنا ، حتى مع أقرب الناس إلينا ، وربما قد يأتي اليوم الذي نضطر فيه لارتدائها أمام مرآة ذاتنا خوفا من حقيقتنا . فإن كنت عصريا .. لا تنس قبل الخروج من حرم عالمك ، أن تحسن اختيار ما يناسب يومك من الأقنعة التي تسهل أمورك و تمهد طريقك في عملك .. و تضمن لك مكانا بين أصدقائك ، و الحب من أقاربك و جيرانك ، إلا أنه ربما هناك من يفضل أن ينعت بالتخلف والرجعية ألف مرة ، على أن يخالف قيمه و مبادئه ، ويشوه داخله قبل وجهه ، عندها لن تنفع مباضع أشهر الجراحين لتجميل ما تم إفساده أخلاقيا وقيميا... |
|