تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


حدود السلطات المختلفة في إسرائيل وإشكالاتها

شؤون سياسية
الأحد 8-1-2012
نبيل السهلي

مع ارتفاع عدد اليهود الأشكناز في فلسطين خاصة عبر أبواب الهجرة التي سهلتها بريطانيا ، اقترح البريطانيون تشكيل مؤتمر حاخامي مشترك يضم مجلساً مصغراً لكل من الأشكناز والسفارديم ،

فضلاً عن مجلس حاخامي أعلى مشترك ، و قد طبق هذا النظام في عام 1921 ، إضافة إلى إنشاء هيكلية للمحاكم اليهودية في فلسطين و بالتحديد في مدينة القدس .‏

واستمر العمل في هذه التراتبية بعد إنشاء الدولة العبرية في أيار من عام 1948 ، و ذلك رغم إرساء أسس الأنظمة القضائية العلمانية والعسكرية ، كما أضيف إلى النظام المذكور وزارة الشؤون الدينية التي يشرف عليها الحزب السياسي الديني الذي دخل الائتلاف الحكومي ، و كان يدعى سابقاً «مزراحي» ، و من ثم لاحقاً الحزب الوطني الديني المفدال، و قد استقر كبار الحاخامات المحليين منذ عام 1988 في مدن فلسطين المحتلة الكبرى ، و بالتساوي في كل مدينة ، حاخام يمثل اليهود الغربيين الأشكناز و آخر يمثل اليهود الشرقيين السفارديم ، و قد تم إنشاء مجالس دينية محلية في إطار وزارة الشؤون الدينية ، حيث تقدم تلك المجالس الخدمات الدينية المختلفـــة ، و تشرف في ذات الوقت على المسالخ و الملاحم ، وتعنى في ذات الوقت بالقوانين الشرعية المتعلقة بالمواد الغذائية ، داخل المؤسسات العامة ، كما تقوم المجالس بمراقبة حالات الطلاق والزواج .و تشير الإحصاءات الإسرائيلية لعام 2011 ، أن عدد اليهود في إسرائيل قد بلغ (5.6) مليون يهودي ، منهم (40) في المائة يهود أشكناز من أصول أمريكية و أوروبية، و (36) في المائة يهود شرقيين سفارديم ، من أصول أفريقية و أسيوية ، في حين يشكل اليهود لأب يهودي مولود في فلسطين ، أي يهود الصابرا (24) في المائة من إجمالي مجموع اليهود في الدولة العبرية ، وتعود أصول غالبية الفئة الأخيرة إلى الدول الأوروبية الغربية.‏

لقد ضمن الإعلان الرسمي لإقامة إسرائيل عام 1948 بنوداً حول حرية العبادة لكافة المجموعات داخل المجتمع الإسرائيلي وأصبحت وزارة الشؤون الدينية في الدولة العبرية ، تشرف على مراقبة و دعم المجالس الدينية المحلية و تلك العائدة للجماعات غير اليهودية ، المسيحية ، الإسلامية ، و الدرزية التي تصفها الأدبيات الإسرائيلية بقومية و طائفة لها عاداتها و تقاليدها و هويتها الخاصة .‏

وأنشأت السلطات الإسرائيلية في عام 1965 نظاماً مستقلاً للمحاكم الدرزية محاولة لتمييز هذه الطائفة عن غيرها من الطوائف غير اليهودية في الدولة العبرية ، و فرضت وزارة الأديان الإسرائيلية سلطتها المباشرة على الأوقاف الدينية الإسلامية بعد أن كانت تدار من الطائفة نفسها ، كما أشرفت الوزارة المذكورة على الأقسام التابعة لوزارتي الداخلية و الرعاية الاجتماعية .و إلى جانب المحاكم المسيحية و الإسلامية و الدرزية ، كان هناك أيضاً نظام آخر من المحاكم الأرثوذكسية اليهودية الموازية لها، و تعمل بشكل مستقل عن المحاكم الحاخامية ، و كانت تشرف هذه المحاكم على شؤون المتشددين الأرثوذكس كحزب «أغودات إسرائيل» ، و جماعة «ناطوري كارتا» و غيرها من المجموعات ، حيث لم يذعن المتشددين من اليهود لسلطة الدولة الرسمية ، و ما ينبثق عنها كوزارة الشؤون الدينية و المجلس الحاخامي في إسرائيل .وتبعاً لذلك فإن أعضاء حزب أغودات إسرائيل و الطائفة التي ينتمون إليها لمجلس خاص مؤلف من حكماء التوراة الذي يعمل بوصفه المحكمة الحاخامية العليا للمتشددين الأرثوذكس، و في عام 1983 حصلت تعقيدات أخرى في المؤسسة الدينية في إسرائيل تمثلت بانسحاب ، عوفاديا يوسف الحاخام الأكبر لطائفة اليهود الشرقيين السفارديم من المجلس الحاخامي الرسمي في الدولة العبرية ،احتجاجاً على إخفاقه في عدم انتخابه لمنصبه مرة ثانية ، و شكل عوفاديا يوسف بعد ذلك المجلس السفاردي الأرثوذكسي المتشدد و الحزب السياسي الخاص بجماعته ، و دعاه حزب شاس ، أي حزب حراس التوراة ، و منذ عام 1983 لم يغب ممثلو الحزب المذكور من عضوية الكنيست الإسرائيلي البالغ عددهم (120) عضواً .‏

مما تقدم يظهر جلياً أن المؤسسة الدينية في إسرائيل تعاني من صعوبات كثيرة ، في المقدمة منها غياب السلطة القضائية المدنية ، فأمور الزواج و الطلاق و الإرث و التبني مرجعيتها تعود إلى رجال الدين المسـلمين و المسيحيين و اليهود ، و يعتبر ذلك من الصعوبات الكبيرة التي تواجه السلطات التشريعية في الدولة العبرية ، إضافة لذلك تبرز صعوبة كبيرة تتمثل في خضوع العلمانيين في كافة الطوائف المذكورة لرجال الدين فيها).‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية