|
قاعدة الحدث تلك الجامعة التي تقف عاجزة تماماً حيث تنام في دروجها معظم اتفاقياتها وعلى رأسها اتفاقية الدفاع المشترك التي بقيت حبراً على ورق رغم احتلال فلسطين والعراق والهجمات الشرسة التي تتعرض لها معظم البلدان العربية كالصومال وسورية ولبنان حيث أصبحت بوصلة الجامعة وخصوصاً في الآونة الأخيرة مرتبطة بشكل واضح بمصالح الدول الاستعمارية. خلال العقود الماضية لم تسجل القمم العربية إلا قليلاً من النجاحات تجسدت بمواقفها الصلبة على صعيد الحرب من حيث اللجوء إليها أو تأييدها أو الاستعداد لها كقمتي الاسكندرية والقاهرة عام 1964 اللتين انبثقت عنهما قرارات تاريخية مثل تأسيس منظمة التحرير والقيادة الموحدة والتصدي لمشاريع تحويل نهر الأردن أو قمة الخرطوم التي انعقدت بعد عدوان عام 1967 وصلبت الموقف العربي وقررت دعم دول المواجهة ومهدت لحرب تشرين التحريرية عام 1973. ولكن بالمقابل يظهر عجز الجامعة وخضوعها للاملاءات الغربية واضحاً بما يخص كلاً من فلسطين والعراق وسورية ولبنان والسودان وغيرها. فعلى مدار تاريخ القضية الفلسطينية تبنت بعض الدول العربية مواقف هزيلة ومتخاذلة لم تساعد في حماية فلسطين من العدوان والإجرام الصيوني واتسمت مواقف بعضها الآخر بالتساوق مع الدول الغربية في مشاريعها لتسوية قضية فلسطين وبالتواطؤ مع الاحتلال الصهيوني ضد طموحات الشعب الفلسطيني. لذلك نجد أن محصلة بعض المواقف الرسمية العربية عملياً ساهمت بتقدم المشروع الصهيوني وانتهاك حقوق الشعب الفلسطيني واستمرار معاناته الناجمة عن الاحتلال وممارساته العدوانية والقمعية الوحشية والناجمة أيضاً عن محاصرة الشعب الفلسطيني وبمشاركة بعض الدول العربية بشكل مباشر أوغير مباشر، ولم يسلم الفلسطينيون في الشتات من تواطؤ بعض الدول العربية ضدهم حيث ظلوا مهمشين سياسياً ومحاصرين ضمن مخيماتهم ومحرمين من الحد الأدنى من حقوقهم السياسية والإنسانية التي تيسر لهم العمل السياسي من أجل قضيتهم لحد أنهم لم يملكوا في كثير من الدول العربية حق الخروج في مسيرات تضامنية لنصرة المسجد الأقصى. ولطالما اقتصرت القرارات العربية المنبثقة عن الجامعة العربية والمتعلقة بالصراع العربي الصهيوني والقضية الفلسطينية على الإعراب عن القلق وعبارات الإدانة والمناشدة من دون وضع أي آليات عملية وحقيقية للتنفيذ، كما أن هذه القرارات لم تستجب يوماً لتحديات الوضع في فلسطين والمتمثلة بتصعيد السياسات الصهيونية في ارتكاب المجازر والاغتيالات وهدم مئات المنازل كما حدث في رفح ويحدث الآن ضمن خطط الاستيطان الاسرائيلي وهذه القرارات لم ترتقِ لدرجة التهديد بتجميد المعاهدات الصهيونية مع بعض الدول العربية أو إغلاق السفارات الاسرائيلية في العديد من العواصم العربية، وتذكر بعض المصادر أن معظم الدول العربية رفضت دفع الحصص المالية المطلوبة منها منذ مؤتمر القمة الذي عقد مباشرة في أعقاب اندلاع الانتفاضة في 28 أيلول عام 2000 ناهيك أن بعض الدول العربية رفضت في هذه القمة أيضا الزيادة النظرية للدعم الفلسطيني غير المطبق أساساً بقيمة (50 ) مليون دولار لتصبح 100 مليون دولار كل ستة أشهر ولا بد من التذكير بأن هناك التزاماً غربياً رسمياً بتخفيف دعم الانتفاضة والمقاومة في فلسطين تم اقراره في قمة شرم الشيخ التي تمت بحضور الرئيس الأميركي الأسبق جورج بوش وعدد من ا لقادة العرب بما فيهم رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس وقد تحايلت قرارات بعض القمم العربية التي عقدت من أجل فلسطين على حق اللاجئين بالعودة إلى ديارهم وممتلكاتهم في مناطق 48 وفقاً لقرار الأمم المتحدة رقم 194 وذلك بإعادة تأكيدها على البند الوارد فيما يسمى بمبادرة السلام العربية الذي يقول بالنص (حل مشكلة اللاجئين الفلسطينيين بشكل متفق عليه وفق القرار 194) اذ أن عبارة متفق عليه تنسف عملياً القرار الذي يؤكد على حق العودة والتعويض معاً. ولا بد من الاشارة الى أن وثيقة جنيف التي جرى التوقيع عليها بين صهاينة ونفر من المتنفذين في السلطة الفلسطينية والتي تشطب حق العودة استندت اساساً إلى ما يسمى مبادرة السلام العربية. أما في الشأن العراقي فقد احتلت العراق ومهد لاحتلالها عام 2003 وقوف جامعة الدول العربية صامتة هي وقراراتها لا بل أن بعض قرارات قمتها بشأن العراق لم تدن القرار باحتلال العراق ولم تحمل سلطات الاحتلال مسؤولية التنكيل والتعذيب الذي اقترفته قوات الاحتلال الأميركي بحق الاسرى والمعتقلين العراقيين واكتفت بإدانة الجنود الأميركيين وطالبت بمحاسبتهم متجاهلة التقارير الأميركية بشأن مسؤولية القيادات العسكرية وإدارة الاحتلال والبنتاغون. واليوم وفرت جامعة الدول العربية غطاء رسمياً لاحتلال ليبيا وتخريبها ونهب ثرواتها في ظل ما يسمى الربيع العربي المزعوم . ثم أتى قرار الجامعة العربية بتعليق عضوية سورية في الجامعة ليكون الشعرة التي قصمت ظهر البعير ويدلنا بشكل أو بآخر على أنه لا يمكن الاعتماد على قرارات الجامعة العربية ضمن سياق عملها وانصياعها للاملاءات الغربية إذ إنها تدفع ببعضها إلى التهلكة من أجل المصالح الضيقة لبعض الدول الأعضاء فيها . ومن ينظر إلى قرار تعليق عضوية سورية في الجامعة العربية مؤخراً يدرك تماماً أن هذا القرار جاء بضغوط أميركية بحتة خصوصاً أن أميركا فشلت بإصدار قرار ضد سورية في مجلس الأمن الدولي ما يشير إلى أن الجامعة العربية أصبحت أداة تستخدم لتمرير ما لا يمكن تمريره دولياً ضد العرب . وأكبر دليل على ذلك الترحيب الذي لقيه قرار الجامعة العربية بتعليق عضوية سورية من الدول الغربية ما يجعل هذا الترحيب شاهداً على أن القوى الاستعمارية باتت تلعب دوراً كبيراً في مثل هذه القرارات العربية وليس من فراغ القول بأن تطورات الساحة العربية أثبتت أن قرارات الجامعة تأتي لمصالح بعينها بدليل أن قرار الجامعة بشأن ليبيا شكل الضوء الأحضر للناتو بالتدخل في هذا البلد . إذاً هذا يقودنا إلى أن الجامعة العربية باتت تعاني من ازدواجية المعايير في التعاطي مع القضايا العربية فبدل أن تسخر هذه الجامعة ما لديها من طاقات على طريق معالجة قضايا الدول العربية برؤية منطقية بما يخدم مصالح هذه الدول وشعوبها في مواجهة الاعداء المتربصين لها، تتحول إلى ند في حالات معينة كالحالة السورية والتي جاء قرار تعليق عضويتها مؤخراً في الظرف الذي يبحث فيه الغرب عن المسوغ الذي يريد من ورائه العمل لإزالة العقبات أمام تمدد الكيان الصهيوني في المنطقة وهي العقبات المتمثلة في جبهات الممانعة والمقاومة. وللأسف فإن معظم الدول العربية باستثناء سورية ومن يماثلها في مواقفها يلتزمون بالكامل بأي قرارات تصدرها القمم العربية إذا جاءت من خلال إملاءات أميركية وخاصة تجاه العراق وفلسطين حيث تأتي تلك الاملاءات من خلال رسائل رسمية ترسلها الإدارات الأميركية المتعاقبة إلى الزعماء العرب قبل انعقاد القمم. كما أن بعض الدول العربية في الجامعة تلتزم بأي قرارات تصدر عن قمم عالمية اقتصادية أوسياسية يشاركون فيها خاصة إذا جاءت بدعوة أميركية مثل قمة العشرين الاقتصادية أو قمم مكافحة الإرهاب ولكن من النادر أن يلتزم الغرب بأي قرارات تصدرعن قمم أو اجتماعات عربية. وفي ظل عجز الجامعة العربية وخضوعها للإملاءات وتفتت القرار العربي الموحد والميل الفردي لبعض الدول العربية تجاه مصالحها مع الغرب على حساب المصلحة العربية فإن العمل العربي المشترك والمستقبل العربي بحاجة إلى عملية إنقاذ حقيقية وإلا أصبح مستقبل العرب في خطر!!. |
|