تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


ميثاقهــا .. بيــن آمــال العـــرب وأدراج النســيان

قاعدة الحدث
الخميس 24-11-2011
إعداد: راغب العطية

ظهر التنظيم الاقليمي ليؤكد نشاط الدولة وفعاليتها في إطار المجتمع الدولي، والعلاقات الدولية ووسيلة من أجل توثيق العلاقات المختلفة بين دول وشعوب متجاورة تجمع بينها وحدة الأصل واللغة أو المصالح المشتركة،

والمنظمات الاقليمية هي نوع من الاتحاد أو التعاهد الدولي لا يمس حرية الدولة المشتركة فيه أو استقلالها.‏‏

وتتخذ هذه الدول من هذه المنظمات أداة ووسيلة لتوثيق علاقاتها وتنسيق التعاون بينها في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والعلمية وغيرها، ومن أجل الدفاع عن مصالحها وكيانها ووجودها السياسي والاقليمي ضد عدوان أجنبي.‏‏

‏‏

ولقد أتاح ميثاق الأمم المتحدة وجود هذا النوع من المنظمات الاقليمية شريطة أن تتلاءم أهدافها مع أهداف ومبادئ الأمم المتحدة، وأن تسهم في ترسيخ الأمن والسلام الدوليين.‏‏

ولقد ظهر التنظيم الدولي الاقليمي في مناطق مختلفة من العالم في أميركا وفي أوروبا قبل الحرب العالمية الثانية، وفي مناطق أخرى بعد الحرب الثانية مثل جامعة الدول العربية، والوحدة الإفريقية والاتحاد الأوروبي إلى غير ذلك.‏‏

وتضمن ميثاق الجامعة العربية تحديداً للأهداف التي وجدت الجامعة من أجل تحقيقها وأهمها تحقيق التعاون بين الدول العربية في المسائل السياسية وذلك من خلال توثيق الصلات والعلاقات المختلفة وتنسيق خططها السياسية حسب نص «المادة الثانية» من الميثاق باعتبار أن تحقيق مظاهر التعاون والتنسيق بين الدول العربية يمثل أحد العوامل الأساسية التي تقوم عليها قوة العرب وبالتالي تسهم في مواجهتهم للمخططات الصهيونية والاستعمارية.‏‏

ويعتبر التعاون السياسي مقدمة وقاعدة التعاون في المجالات الأخرى التي حددها الميثاق بالشؤون الاقتصادية والمالية ويدخل في ذلك التبادل التجاري والجمارك والعملة وأمور الزراعة والصناعة، بالإضافة إلى شؤون المواصلات التي يدخل في إطارها السكك الحديدية والطرق والطيران والملاحة والبرق والبريد.‏‏

ويضم التعاون أيضاً الشؤون الثقافية، الاجتماعية، الصحية، بالإضافة لشؤون الجنسية والجوازات والتأشيرات وتنفيذ الأحكام وتسليم المجرمين.‏‏

ومن الأهداف صيانة استقلال الدول العربية واحترام سيادتها ومواجهة التكالب الاستعماري على الوطن العربي وثرواته والسبيل الوحيد والقوي لمواجهة هذه المخططات هو العمل العربي المشترك.‏‏

كما تضمنت المادتان الخامسة والسادسة من الميثاق هدف المحافظة على السلام والأمن العربيين، فالجامعة تعمل على تطويق المنازعات بين الدول الأعضاء وإنهائها وتعمل على ترسيخ السلام والأمن من خلال رفض اللجوء إلى القوة واستخدامها في فض النزاعات التي يمكن أن تقوم بين هذه الدول، والتأكيد على ضرورة عرضها على مجلس الجامعة لحلها من خلال التحكيم والوساطة.‏‏

ومن الأهداف التي قامت لأجلها الجامعة هو النظر في مصالح البلاد العربية بشكل عام، ما يؤكد وحدة مصير الدول العربية ككل سواء المشتركة منها في الجامعة أم التي بقيت خارجها لعدم حصولها على الاستقلال التام.‏‏

وحدد ملحق خاص بالتعاون مع البلاد العربية غير المشتركة في مجلس الجامعة بالإضافة للميثاق طريقة التعاون مع هذه الدول ومساعدتها وذلك من خلال اشتراكها في اللجان الفنية المختلفة، وتطوير التعاون معها إلى أبعد مدى، وضرورة التعرف على حاجاتها وتفهم أمانيها وآمالها، والعمل على إصلاح أحوالها وتأمين مستقبلها.‏‏

ومن الأهداف أيضاً التعاون مع المنظمات الدولية بهدف حفظ الأمن والسلام في العالم كون أن نجاح الجامعة في تحقيق مهامها يفرض عليها إقامة علاقات واسعة خارج إطارها الاقليمي من أجل الاستفادة من الجهود الدولية المبذولة والخبرات المختلفة وفي الوقت نفسه تسهم بشكل فعال في خدمة السلام والأمن الدوليين.‏‏

وحدد الميثاق جملة من المبادئ أهمها: - المساواة بين الدول الأعضاء. - المحافظة على سيادة الدول الأعضاء. - مبدأ عدم التدخل في شؤون الدول الأعضاء. - فض المنازعات بالطرق السلمية. - المساعدة المتبادلة.‏‏

ويرى الباحثون والكتاب العرب أن جامعة الدول العربية لم تستطع أن تقوم بالدور المطلوب في تعزيز العمل العربي المشترك ومواجهة التحديات الخارجية والاستعمارية وأنها ظلت جامدة من الناحية الهيكلية رغم مرور أكثر من ستة عقود على قيامها لأنها لم تخضع لأي عملية مراجعة إصلاحية من قبل الدول الأعضاء.‏‏

وأول مرة يتم فيها اقتراح تعديلات على ميثاق الجامعة كان في قمة الجزائر آذار 2005 حيث تم اقتراح إدخال ثلاثة تعديلات تقضي بإضافة مادة جديدة لإنشاء برلمان عربي، وتعديل الفقرة الثانية من المادة السادسة كالآتي «تصدر التدابير اللازمة لدفع الاعتداء على دولة عربية على أن يصدر القرار بتوافق الآراء، وفي حال تعذر ذلك يصدر القرار بثلثي الأعضاء»، والتعديل الثالث خاص بالمادة السابعة والمتعلقة بقواعد التصويت، وتدخل هذه التعديلات حيز التنفيذ بعد تصديق غالبية الدول الأعضاء.‏‏

وصدق على هذه التعديلات خمس دول عربية هي الأردن، اليمن، مصر، الجزائر، البحرين.‏‏

وجاءت اقتراحات تعديلات الميثاق بعد دراسات عديدة تقدمت بها عدد من الدول العربية لتطوير عمل الجامعة لمواجهة التحديات المتزايدة التي تواجه المنطقة بعد أن أثارت العديد من المشكلات خلافات حادة داخل الجامعة كالملف العراقي والملف الفلسطيني بالإضافة إلى الضغوط التي تمارسها الولايات المتحدة الأميركية على بعض الدول.‏‏

ويقول الباحث الدكتور كمال محمد الأسطل رئيس قسم العلوم السياسية سابقاً بجامعة الأزهر في غزة: إن دعوات الإصلاح العربية لم تكن سوى رد فعل احترازي من أجل مواجهة الضغوطات الخارجية وعلى رأسها الأميركية أكثر من كونها مبادرات عربية نابعة من ضغوطات داخلية.‏‏

ويضيف الأسطل: لعل أبرز المبادرات العربية الحكومية وغير الحكومية لإصلاح الجامعة كانت السعودية والمصرية واليمنية والقطرية والليبية والسودانية، لكن الأمين العام السابق للجامعة عمرو موسى قام بدمج المبادرات في ورقة واحدة لإصلاح الجامعة تحقق التقارب بين المقترحات والأفكار المختلفة للدول العربية.‏‏

كما اتفقت سورية ومصر والسعودية على رؤية موحدة لتطوير الجامعة وهو ما تبلور في مقترح تقدمت به الدول الثلاث إلى الأمانة العامة.‏‏

والواقع أن العلاقات بين الدول العربية لا تستقيم إلا إذا توافر لها مقدار معقول من الثقة المتبادلة، ولا يمكن تحقيق مثل هذه الثقة إلا بإرساء قواعد للعلاقات، أهمها المصارحة والحوار الحر والشفافية، ولتكن المشروعات المطروحة الآن لإصلاح الجامعة والعمل العربي المشترك هي نقطة البداية في هذا التصحيح.‏‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية