تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


الأسرةبين متطلبات الأبناء وضغط الحاجات

مجتــمـــــع
السبت 26-11-2011
ابتسام هيفا

لايخفى على أحد منا عشق السيدات إلى التسوق ..فقد تذهب الأم إلى السوق لشراء بعض الحاجيات لأطفالها فنراها تحصل على كل مايعجبها حتى

‏‏

وإن كانت ليست بحاجة إلى جميع هذه الأشياء ... وأصبحنا نرى في معظم المنازل تخمة في الملبس والمأكل وحتى ألعاب الأطفال .. وهكذا ودون أن نشعر يتعود أطفالنا على اقتناء كل مايرغبون به بمجرد الإشارة بيدهم إلى هذا الشيء .‏‏

ونبرر هذه الحالة عند الأهل بأن الصغار هم أشد حاجة من الكبار في طلباتهم وأكثر إلحاحاً في تلبيتها وذلك بحكم طبيعة الطفولة وحاجاتها النفسية والنمائية ورغبتها في امتلاك كل شيء من دون تقدير للأمور المحيطة بالأسرة وبظروفها الاقتصادية .‏‏

تأمين المستلزمات‏‏

ينظر الطفل إلى والديه بثقة وقناعة على أنهما قادران على تلبية مطالبه من دون حساب أوتردد ...وهذا صحيح من حيث المبدأ باعتبارهما المسؤولين بصورة مباشرة وأساسية عن تربيته وتأمين المستلزمات الضرورية لنموه وبالتالي أداء مهمتهما التربوية وإنجاحها على الوجه الأكمل...‏‏

قد يسأل أحدهم سؤالاً ملحاً هنا ... هل يستطيع الوالدان دائماً أن يؤمنوا بسهولة كل مايريد أطفالهم ويطلبون..ومن دون عوائق أوصعوبات ؟!...‏‏

لاشك أن للطفل حاجات أساسية وحاجات ثانوية ومن الضروري أن يدرك الوالدان هذه الحاجات ويعودا أطفالهما وفي وقت مبكر على التمييز بين هذه الحاجات ومتطلبات تلبيتها فيتم التركيز على ماهو ضروري منها، والأكثر ضرورة بالنسبة للأطفال وذلك من خلال المناقشة الهادئة والواعية التي تتناسب مع سن الطفل، والمقارنة الذكية والواضحة بين أولويات متطلبات الأطفال والوصول بهم إلى الاقتناع الإيجابي ...‏‏

مسؤولية الأم ..‏‏

وتقع مسؤولية ذلك على الوالدين معاً ، وإن كانت مسؤولية الأم أكبر من مسؤولية الأب بالنظر إلى غريزة الأمومة التي تحركها وتزيد من حبها لطفلها إلى درجة الرضوخ التام أحياناً أمام رغباته وطلباته فتراها دائماً تسأل طفلها ماذا تريد؟ أتريد هذا أم ذاك؟ ماذا تأكل ؟ هل أحضر لك شيئاً ؟‏‏

إن هذه الأسئلة ومايرافقها من استعداد لتلبية أي حاجة يريدها الطفل كفيلة بأن توقظ لديه الكثير من الرغبات والطلبات التي تتحول إلى استهلاك لامبرر له ، لأنه يخرج عن نطاق الحاجات الضرورية واللازمة لحياة الطل النمائية (جسدية ونفسية ) ولاسيما إذا كان الاستهلاك من مواد البذخ والتباهي التي تكلف أثماناً باهظة على حساب الوضع الاقتصادي للأسرة وعند ذلك ينطلق القول الدارج: «كل طفل لايعرف قيمة النقود لايعرف قيمة الجهد المبذول للحصول عليها» .‏‏

الطفل وأقرانه...‏‏

يرى الطفل رفاقه في المدرسة وأقرانه في الحي ومن بيئات اجتماعية واقتصادية مختلفة فيعجب بما يلبس بعضهم أو يملكون أو يشترون ويأكلون ويرغب في تقليدهم ...وهنا تكمن المشكلة حيث يجد الوالدان أنهما في وضع حرج أمام الطفل ولاسيما إذا لم يستطيعا تأمين مايطلب أسوة بالأطفال الآخرين وهنا يتساءل الوالدان ما الحل المناسب؟!...‏‏

يجيب على هذا التساؤل الاقتصادي محمد أديب قائلاً : لاشك أن الرفض المطلق في هذه الحال لايجوز كما أن الاستجابة المطلقة غير مجدية بالنسبة للوالدين ولذلك فمن المفيد أن يعمد الوالدان إلى تأمين بعض الحاجات للطفل، وبعد إعطائه مجموعة من البدائل للأشياء التي يطلبها وتبيان الإمكانات المادية المتاحة للأسرة ليقارن فيما بينها ويختار منها بحرية ...بحيث لايترك ذلك أي انطباع سلبي لديه ويحافظ بالتالي على مكانة الأسرة في نظره و تقديرها.‏‏

وكما يقول المربي الكبير انطون مكارينكو : يجب على الأطفال أن يفهموا جيداً وفي سن مبكرة إن أمكن أن النقود التي يجلبها الأهل إلى البيت لاتشكل فقط شيئاً مريحاً يمكن إنفاقه ولكنها أيضاً أجر مقابل عمل اجتماعي كبير ومفيد... وعلى الإنسان منذ سنواته الأولى أن يعرف قيمة الجهد المبذول لإنتاج الخيرات المادية .‏‏

أخيراً :‏‏

إن على الأهل ممثلين بالوالدين توضيح الحقيقة البسيطة لأولادهم وهي أنه من غير الممكن اقتناء أي شيء لمجرد الرغبة فيه وإنما هناك أوضاع اقتصادية أسرية يجب أخذها في الحسبان، وهنا تبرز قدرة الوالدين على التصرف بحكمة ودراية بحيث يتعود الطفل منذ صغره على تقويم الأمور بنفسه ليصل إلى اختيار ماهو ضروري منها بعد أن يوضع في إطار المعطيات والإمكانات المتوافرة في الأسرة بصدق وصراحة ..‏‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية