تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


«الإنسان أغلى ما في الأكوان»

معاً على الطريق
السبت 26-11-2011
قمر كيلاني

لم يعد خافياً على أحد مدى التطور المذهل الذي وصلت اليه البشرية في تفوقها العلمي وانجازاتها التي تستخدم للخير كما تستخدم للشر.. إن أغلب المنجزات العلمية لو دقق الإنسان فيها لوجدها تخدم السلاح والثروة والقتل..

وهم من جهة ثانية يعملون على إشفاء المريض من أمراضه مهما كانت عسيرة وتؤدي الى الموت. وبما أنهم قسموا العالم الى متطور ومتخلف فإن الزمان لاشك سيكون في أيدي المتطورين والعلماء والمخترعين والذين يضيفون كل يوم منجزات جديدة في حق العلم حتى وصلوا الى أعمق أعماقه.. وجعلوا المستحيل ممكناً.. ولكن من يدفع الثمن؟.. إنه العالم الثاني أو الثالث أو المئة بعد الألف هو الذي يدفع هذه الأثمان الباهظة من ثرواته الطبيعية فوق الأرض وتحت الأرض وفي الفضاء. ولن نقول إنهم احتكروا لأنفسهم هذا العلم لأن شيوعه واستخدامه يكون متأخراً وناقصاً قليلاً حتى يُعرف ويُشهر ويصبح في أيدي الجميع بعد أن يكونوا قد اخترعوا ما هو متفوق أكثر وما يرضيهم أكثر.‏

نقول إن العلم أصبح حكراً لهم أو وجهاً من وجوه الاستيلاء على العالم.. حتى الأطفال لم يعودوا غائبين عن هذه النتيجة.. فألعابهم كلها تدور حول الفضاء ومركباته ولعبة الحروب الجهنمية التي تتجسد أمامهم على شاشات الحواسيب وبأبعاد ثلاثة حتى ضمن العالم الافتراضي الذي لم يعد افتراضياً.. وكأن ما يرسمونه هو الذي ينفذ على أرض الواقع.. وضحاياه ليسوا أعداداً معدودة بل شعوباً بأسرها.‏

لم يعد مستغرباً أن يعلن عن ألعاب إلكترونية افتراضية جديدة لحروب ضد هذا الشعب أو ذاك تمهد لما هو آت بعد أن اجتاحت حرب العراق بأضرارها قسماً كبيراً من العالم.. والثروات التي تتدفق بشكل أو بآخر على العلم تجعله يتقدم أكثر فأكثر.. ولعلهم الآن يهيئون لحرب شبه شاملة لشعب في الشرق الأوسط تكون تطبيقاً عملياً لما افترضوه.. ومساكين نحن لأننا نرمي مقولات الفضاء وانجازاته دون أن نخطو خطوة واحدة نحو منشئها وأسبابها وسبل الإمساك بزمامها.‏

أعود وأقول إن الثابت والأكيد والذي من المستحيل على ما يبدو أن تطفأ قيمة الإنسان.. بل على العكس إنها ترتفع لكنه ارتفاع مموه وظاهري ولا يمس صميم حياة الإنسان.. وإلا لما أغدقوا هذا السلاح علينا، لا لنقاتلهم بل لنقاتل بعضنا بعضاً.‏

وكيف يكون الإنسان في رأيهم أغلى ما في الأكوان وهو ليس كذلك؟.. لكن (الافتراض) يكون الى صالحهم عندما يخترقون الكواكب وحتى النجوم ويعملون على تحقيق حياة أخرى ولو بدائية على سطح كوكب ما. وها هي الأنباء تمهد لذلك.. فيقولون للناس عموماً في كل أرجاء المعمورة: إننا وقد فاض بنا هذا الكون لابد أن نخترق أكواناً أخرى تكون جناناً أو شبه جنات في هذا الكوكب الجديد النظيف والمؤهل لأي حياة كنا نرومها على الأرض.‏

فأي حضارة هذه التي نبنيها.. وأي تقدم خلبي يشدنا الى ذلك حتى نفاجأ مرة بعد أخرى أننا لا نرفع قيمة الإنسان ونمجده وإنما للقتل أو للذبح.‏

ومهلاً أيها العلم البراق الساطع.. وأنت تفسد كل ما على الأرض من حنان السماء ومطرها.. ومساواة الارض وسخائها.. ومن كل ما يهيئ حياة رخية رضية للإنسان الآن.‏

فهل نعود لنقتنع أن الإنسان هو أغلى ما في الأكوان.. وتتراجع أيدينا عن مسه بأي سوء ولو كان افتراضياً؟‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية