|
شؤون سياسية كذلك المساعدات الطارئة من شقيقاتها دول الاتحاد الأوروبي، أدت إلى تغيير حكومي أودى بالملياردير سيلفيو برلسكوني وحكومته، وأوصلت إلى تشكيل حكومة تكنواقراط بزعامة الاقتصادي ماريو مونتي. تعد إيطاليا ثالث اقتصاد أوروبي ، وإحدى دول مجموعة العشرين الدولية وهي واحدة من دول الاقتصادات الأوروبية الأقدر والأفضل,وتجنبت بسبب من الأزمات التي تشهدها دول منطقة اليورو والاتحاد الأوروبي منذ شهور، وبخاصة دول الاقتصادات الأقل إمكانية وقدرة (اليونان، إسبانيا، البرتغال، إيرلندا.. الخ). فقد سجلت عقود مابعد الحرب العالمية الثانية تغيرات كثيرة في الحكومات الإيطالية تجاوزت مثيلاتها الأوروبية، وأسقطت العديد من الأحزاب الحاكمة، من يسار الوسط ويمينه أيضاً. إلا أن مايميز الأزمة الإيطالية الراهنة أنها تندرج في سياق الأزمات التي تعصف بدول الاتحاد الأوروبي، وبضمنه دول الاقتصادات المتقدمة، كما أنها تظهر أن المساعدات الأوروبية الاتحادية الطارئة وشروط الاستفادة منها، وماتتطلبه من إجراءات تقشفية حادة مست القطاعات الحكومية والخدماتية، قد أضافت إلى الصعوبات الإيطالية القائمة صعوبة جديدة تمثلت في التظاهرات والاحتجاجات الجماهيرية الواسعة، المطالبة بسقوط حكومة برلسكوني ورغم الإجراءات الطارئة التي اعتمدتها حكومة برلسكوني الهادفة إلى سد العجز المالي وفوائد الديون المستحقة وتقليص التقديمات الحكومية للعديد من القطاعات خاصة الخدمات والضمانات الاجتماعية، فإنها لم تستطع تجاوز الأزمة المالية وتداعياتها كذلك تهدئة الشارع الإيطالي الذي حمل الحكومات الإيطالية المتعاقبة ونهجها وبرامجها الاقتصادية- الاجتماعية أسباب الأزمة الراهنة وتبعاتها. ومثّل سقوط حكومة برلسكوني الثمن المباشر لتداعيات هذه الأزمة كما مثل مجيء الخبير الاقتصادي ماريو مونتي على رأس حكومة تكنواقراط محاولة الانقاذ الوطني للخروج من حالة الاختناق وحل مسألة الديون المالية المترتبة على إيطاليا. مونتي الذي تزعم حكومة تكنواقراط من 16 وزيراً، لاتضم خبراء من تيار يمين الوسط أو يساره أراد من خلالها ترشيد الانفاق ومعالجة الحالة الاقتصادية الراهنة وتهدئة الشارع الإيطالي كذلك طمأنة السوق الدولية المستثمرين الأجانب.. وأعلن فور نيله ثقة البرلمان برنامجه الحكومي وفي الصدارة مسألة توفير 60 مليار يورو خلال سنوات التقشف الحكومي الثلاث القادمة. وإذ يسجل لحكومة مونتي برنامجها الواضح- الشفاف، وتالياً محاربة الفساد وسوء الإدارة.. الخ بوصفها حكومة إنقاذ وطني فإنها تمثل في الوقت نفسه حلاً إدارياً-فوقياً لأزمة تعصف بدول الاتحاد الأوروبي، بوصفه جزءاً من منظومة اقتصادية عالمية وتوجهات متماثلة اقتصادياً واجتماعياً تعاني من الأزمات المتتابعة (الأزمة المالية عامي 2008-2009 وغيرها) وتسجل الأزمة الحالية وصول العديد من دولها إلى حافة الإفلاس. كما تؤكد في الوقت نفسه أن هذه الأزمات لاتمثل إشكاليات وطنية لدول الاتحاد الأوروبي، كونها تشمل مجموع دول الاتحاد(تحاول بعض دوله وخاصة دول الاقتصادات الأقوى ألمانيا وفرنسا..الخ تجنب هذه الأزمة من خلال تبني إجراءات تقشفية استباقية تؤخر هذه الأزمة وتؤجل حدوثها)، وارتباطها إلى حد كبير بالقدرات الاقتصادية لهذا البلد أوذاك. إذ إن المعالجة السريعة لهذه الأزمة تمثلت، حتى تاريخه باعتماد إجراءات تقشفية وصدمات مؤقتة، وتغيير في التركيب الحكومي وهي بمجموعها خطوات على أهميتها لاتمس جوهر الأزمة وأسبابها الحقيقية. وتمثل معالجة فوقية- إرداوية لاتمس النهج والتوجه الاقتصادي - الاجتماعي القائم ولاتقدم بالتالي الحلول الجذرية، التي تتطلب بالضرورة تغييرات في التوجهات والسياسات الاقتصادية. فهل ينجح مونتي في تهدئة الشارع الإيطالي وإخراج إيطاليا من حالة الاختناقات والصعوبات الكبرى التي تواجهها، أم يمثل بتوجهاته الاقتصادية «الإنقاذية» معالجة «ترقيعية» مؤقتة لأزمة إيطالية ودولية أيضاً.. باحث في الشؤون الدولية |
|