|
شؤون سياسية والتي تهدف إلى تفتيت المجتمع المصري عبر إيجاد صراعات دينية تستنزف مقدرات مصر الاقتصادية والسياسية والاجتماعية وتؤدي إلى شكل تام في جميع المجالات. لابد من التأكيد على مسألة أن ماجرى ويجري على ميدان التحرير الآن له أسبابه ودوافعه، ويبدو أن المطلوب أخذ الأمور إلى أماكن ومساحات مطلوبة وبشدة من قبل الإدارة الأميركية والتي تريد المنطقة العربية ضعيفة مفككة كي تستطيع إسرائيل الاستمرار في وجودها، وهذا يجعل الأمور مرشحة للتصعيد وبأشكال مختلفة. ولابد من الوقوف على هذا الواقع وكيف يرى الشباب في مصر وخارج مصر والمراقبين مجريات الأمور على أرض الواقع، وهل فعلاً ماحدث ويحدث في ميدان التحرير قادر على إيجاد مجالات واعدة للشباب المصري؟ أم العكس تتضاءل الفرص أمامهم لغموض الآمال والكساد الاقتصادي وغيرها من الأسباب؟. البعض يرى أنه لابد من عودة الدور المصري القومي والعربي، وكانت على الدوام الثنائية سورية ومصر تشكل الأساسي في تحطيم ماتحلم به إسرائيل على الدوام ولجم مطامعها في المنطقة، والبعض الآخر يرى أنه في ظل الهيمنة الأميركية ودور بعض الدول العربية المتعاظم الذي ينفذ ماتريده الولايات يجعل الأمر معقداً، وهذا يجعل مايجري في مصر مرشح اًلاحتمالات عديدة ومختلفة لإبعاد مصر بكل الوسائل عن خطها القومي والعربي الذي يمكن أن تسترجعه بشكل أوبآخر، و كل ذلك مرهون بعزيمة الشعب المصري. بعد أكثر من سبعة أشهر على انطلاقة (الربيع العربي) كما يحلو للولايات المتحدة أن تسميها، وسقوط حسني مبارك لايزال الموقف في مصر بعيداً عن الهدوء والاستقرار، وخصوصاً أن مايحدث في ميدان التحرير حالياً يؤكد ذلك من خلال التصعيد الأخير، والذي جعل ميدان التحرير يزدحم بجموع المحتجين من جديد تحت تسميات وشعارات مختلفة منها على سبيل المثال إطالة أمد محاكمة مبارك وأعوانه من رموز السلطة المخلوعين، وموضوع الانتخابات التي طال انتظارها، إضافة إلى المجلس العسكري واستبداله بمجلس رئاسي و... الخ. كل ذلك يعطي مؤشرات على الترقب المتوتر والغموض الذي يتخبط المجتمع المصري. الملاحظ أن النشاط السياسي لبعض الشباب المصري المستعدين للعودة إلى ميدان التحرير يؤكد على شحنة احتجاجية كبيرة، وهذا مايفسر العودة إلى ميدان التحرير وبقوة، ويرى بعض المراقبين على مواقع التواصل الاجتماعي الشبابية انتقادات لاذعة للمجلس الأعلى للقوات المسلحة ودعوات للاستنكار الشديد، ما يسوق الدليل على أن الكثيرين من شباب مصر مسيسون جداً، و يشعرون بخيبة أمل من مسار الأمور، ذلك لأن مستقبل الديمقراطية المصرية لايزال مجهول المصير، فيما تسير الأوضاع الاقتصادية من سيء إلى أسوأ، تدني مؤشرات النمو الاقتصادي وتقلص السياحة زادا من حدة البطالة في البلاد، وهذا مايزيد من معاناة الشباب المصري الذين هم أول من يتضرر من هذه الظاهرة. والسؤال المفصلي الذي يطرح نفسه والحال هذه، هل ستتوفر علىمصر في القريب العاجل الفرص والإمكانيات التي طال انتظارها لكي يحقق جيل الشباب طموحاته العريضة، أم إن غياب الاستقرار السياسي والاقتصادي سيسد لأمد طويل جميع الآفاق أمام الشباب الذين لديهم طموحات كبيرة تم التعبير عنها من خلال ميدان التحرير والتي انتهت بالبداية بإسقاط حسني مبارك، والآن يريدون مجلساً رئاسياً بديلاً عن المجلس العسكري و... الخ. وهذا يجعلنا نطرح أسئلة عديدة وفي مقدمتها هل مصر بقواها السياسية المتصارعة جاهزة لخوض أول انتخابات ديمقراطية؟ ما حال موازين القوة في خضم المعركة الانتخابية؟. أين يقف الاخوان المسلمون؟ وماذا عن المعسكر الليبرالي؟ والسؤال الأكثر إلحاحاً هل المجلس الأعلى العسكري مستعد لتسليم الصلاحيات إلى سلطة مدنية؟. يبدو أن الاتفاق بين المجلس الأعلى للقوات المسلحة المصرية وأبرز الأحزاب السياسية بخصوص ترتيبات إجراء الانتخابات البرلمانية لم يسفر عن تخفيف حدة التوتر السياسي في البلاد، وتبعث المخاوف الأساسية من احتمال استمرار العمل بقانون الطوارئ ومن إمكان مشاركة أعضاء الحزب الحاكم السابق والمقربين إلى نظام حسني مبارك في الانتخابات كما تشعر القوى الديمقراطية التي لعبت دوراً بارزاً بما تحقق في مصر بالقلق من الغموض المرتبط بموعد إجراء الانتخابات الرئاسية والتي يعتبرونها موضوعاً مهماً لتحقيق تطلعاتهم في الوصول إلى حالة من الاستقرار والهدوء، والأهم من هذا وذاك ينظرهم هو احتمال بقاء السلطة بيد القيادة العسكرية حتى بعد انتخاب مجلس الشعب الجديد. البعض من مكونات الشعب المصري يرى أن المجلس العسكري يمكن أن يظل يسيّر السلطة لأجل غير مسمى، ما يجعل هذا المجلس يرسم أبعاد الموقف السياسي في مصر من خلال التحكم بالأجهزة الأمنية وبالسلطة التنفيذية بحجة الحفاظ على الاستقرار في المرحلة الانتقالية والحيلولة دون انزلاق الأوضاع إلى حالة الفوضى، وعلى هذه الخلفية تكتسب أهمية بالغة مسألة التعاون السياسي بين أطراف المثلث إن صح التعبير المكون المجلس العسكري برئاسة المشير محمد حسين الطنطاوي و(الاخوان المسلمين) الذين يسيرون في مقدمة الحملة الانتخابية والقوى الديمقراطية الليبرالية بمن فيها شباب ميدان التحرير، فكل طرف من هذه الأطراف لديه إمكانية لتعبئة الناخبين، والأهم أن لديه رؤيته الخاصة لمسار تطور البلاد مستقبلاً. في ظل مايجري في ميدان التحرير مرة أخرى والجموع التي تطالب باستبدال المجلس العسكري بمجلس رئاسي تمهيداً للوصول إلى انتخابات رئاسية تصل بمصر إلى مرحلة الاستقرار، الأمر الآخر هو تأكيد المجلس العسكري بأنه لايستطيع ولايمكن ترك البلاد للمجهول والفوضى التي تشكل تخريباً لمكونات الدولة في مصر. بين ما يحصل على أرض الواقع في ميدان التحرير، وبين مايريده المجلس العسكري تأخذ الأمور حالة من عدم الاستقرار وسلوك الفوضى التي كان حصيلتها عدد من القتلى، وهذا مايجعل الكثير من المراقبين للحديث إلى أين تتجه الأمور في مصر، وخصوصاً أن الولايات المتحدة الأميركية لها استراتيجيتها على المنطقة من جهة ومن جهة أخرى هي تريد أن تبقى مصر على مواقفها السابقة لأن ذلك يخدم مصلحة إسرائيل أولاً وأخيراً. ومن هنا لابد من القول: إن القوى الوطنية تدرك مايحاك لمصر، ومنا هنا لابد من القول: إن المعطيات على الواقع تعطي مؤشرات على أن الأزمة ليست لها نهاية سريعة، وخصوصاً أنه توجد محاولات من بعض الأقطار العربية بالإضافة إلى الولايات المتحدة الأميركية لإبعاد مصر عن أي نفس قومي أو عربي كون ذلك يشكل تهديداً مباشراً لإسرائيل؟!. |
|