|
ثقافة لتكون أرضها خصبة تضم جميع أطياف المجتمع، شمسها تسطع في القلوب وهي سليلة الأمجاد الوطنية يكفيها أنها حفيدة الرجل الوطني الذي ذاع صيته في جميع أنحاء المعمورة، يحمل لواء الحرية والاستقلال.. إنها الأديبة كوليت خوري، في محاضرتها دمشق الحضارة، في نادي الوفاء الدمشقي...
وبالتحية الأجمل تبدأ حديثها بأبيات شعر لأحمد شوقي تقدمها لشعب سورية العظيم، وللأمهات اللواتي مابخلن بالضحايا وللشباب الذين ينطلقون إلى الشارع وبكل حماسة بعد سماعهم قرار الجامعة المرحومة، بحس وطني عالٍ ووفاء لبلدهم سورية.. سلام من صبا بردى أرق ودمع لايكفكف يادمشق جزاكم ذو الجلال بني دمشق وعز الشرق أوله دمشق فدمشق ابنة سورية البكر، ورفيقة التاريخ، وجدت قبل أربعة آلاف سنة قبل الميلاد وهذا البعد التاريخي يضفي عليها نوعاً من السحر والغموض الآسر، يزداد المرء تعلقاً بها كلما ازدادت معرفته لها.. هذه المدينة الشابة رغم سنوات عمرها المديد، المدينة النضرة رغم التجارب والمآسي رغم طبيعتها المحافظة، والتقدمية رغم برجوازيتها العريقة.. كما قال عنها إحسان عبد القدوس... إنها دمشق يعشقها الزوار، ويتودد إليها الغرباء ويطمع بها الطامعون ويتآمر عليها المستعمرون... يقول نزار قباني: ياشام إن جراحي لاضفاف لها فامسحي عن جبيني الحزن والتعبا دمشق ياكنز أحلامي ومروحتي أشكو العروبة أم أشكو لك العربا.. تغنى بها الشعراء وتلاحق على وصفها العظماء ونسجت اسمها الأساطير والحكايات فكان لدمشق أكثر من ثلاثين اسماً، منها دمِْشق، دَمْشَق، داماسكوس، دومسكس وهو يعني المدينة المضاعف عطرها.. ومن الأسماء العربية الفيحاء، ذات العماد لأنه كان فيها حوالي 40 ألف عمود من الرخام، بوابة الشرق، عين الشرق كله، وجنة الله على الأرض... ويروى عن النبي أنه وصل دمشق ولم يدخلها، وقال: لايمكن أن أزور الجنة مرتين...ويكثر الخلط بين دمشق، والشام يقول سعيد عقل: قرأت مجدك في قلبي وفي كتبي شآم ماالمجد أنت المجد لم يغب وربما هذا الخلط جاء لأن أول حائط بني بعد طوفان نوح كان في دمشق، فحق لها أن تحمل اسم (الشام).. أو لأنها الابن البكر لسورية أو للتفريق بين دمشق، سورية، ودمشق غرناطة.. دمشق..الحضارة فتحت دمشق أبوابها لكل القوافل العابرة في الصحراء فتربتها خصبة دافئة مناخها معتدل منعش، مياهها عذبة، ثقافتها عريقة وتميزت بصناعتها (الموزاييك، البروكار، الزجاج).. تجارها مشهود لهم بالوطنية والتفوق، ونساؤها من أجمل نساء الدنيا.. فكيف لايقصدها الناس ويستوطنون فيها، وهي شامة الدنيا حتى قالوا: «من يشرب من ماء دمشق لابد أن يعود إليها».. احتضنت شتى المذاهب الدينية، وتشربت أجواؤها الحضارات المختلفة، واستوعبت التعدديات في المجالات كافة، ما أكسبها تنوراً في التفكير وتطوراً في المعرفة، وسعة في الإدراك والوعي... ما نتج عنه حضارة إنسانية عريقة.. هي طقوس خاصة بدمشق.. شربتها دمشق وصارت تعمّد ساكنيها فخلقت عندهم الشعور بالمصير المشترك والتضامن، والسعي الحثيث نحو الازدهار وأدركوا أن مصلحة الوطن هي دائماً مصلحة المواطن وهذا مايراهن عليه أهالي دمشق. دمشق بوابة الشرق .. والقلب النابض كانت دمشق مستهدفة على الدوام من الغزاة والمغتصبين والطامعين، و صغار النفوس، الذين حاولوا إثارة الفتن الطائفية بين أبنائها، ولكن الفشل كان دائماً من نصيب هؤلاء وكلهم فروا ولم يبقَ أحد منهم.. وبقيت دمشق الحضن الدافئ للمحبين، والملجأ الأمين للمؤمنين.. بقيت وستبقى ثابتة بإيمانها عريقة بتقاليدها وطقوسها، جميلة بشبابها المتجدد، و قوية بصمود أبنائها وتضامنهم، هذا التضامن الإنساني الناتج عن حضارة أهل دمشق والحس الوطني والتحصين الداخلي.. هو الثقافة الدمشقية العريقة المشربة بالعنفوان.. هذه الوحدة الوطنية التي استطاعت عبر التاريخ أن ترد عن دمشق كل عدوان وكل مغتصب وكل استعمار.. وهي التي رفعت شعار الوطن الأم سورية.. وأبقت لدمشق ألقها ورونقها على مر العصور. دمشق.. قطعة موزاييك بشرية تتناغم دمشق بتعايش الناس فيها على اختلاف مذاهبهم ومبادئهم واتجاهاتهم، وهي بذلك استطاعت أن تشع حضارة، وتضفي روحها لتعمد ساكنيها بطقوسها الخاصة حتى أصبحت المدينة الوحيدة في العالم التي يستعمل اسمها كفعل فتقول «دمشق تدمشق ساكنيها» أي تجعلهم متنورين -حضاريين ستبقى دمشق زهرة المدن، وشامة الدنيا. وتقول الأديبة أنا ابنة الجلاء، ولا أفهم كيف يوجد شخص في سورية يدعو أميركا وأوروبا لتحتلنا من جديد، أشعر بغصة إني مع المعارضة الوطنية نريد الإصلاح لتنهض سورية إلى أعلى الدرجات. علينا أن ننقذ الوطن أولاً، ومن ثم نصفي خلافاتنا ولاتهمنا العقوبات لأننا شعب نأكل مما نزرع ونلبس مما ننسج، ودمشق عندها اكتفاء ذاتي..وأنا واثقة بالشعب السوري والتحصين الداخلي أهم من دعم الخارج.. وقفات للتأمل.. - عندما تم توقيع ميثاق الجامعة العربية، لم تكن قطرموجودة على القارة. - سورية، لبنان، العراق، الأردن، مصر، أول من وقعت على ميثاق الجامعة. - نحن أحفاد هؤلاء الكبار الذين وقعوا على ميثاق الجامعة، نترحم عليهم ونخبرهم أن الجامعة العربية مااستطاعت على فراقهم فماتت بعدهم.. - وقف فارس الخوري من على منبر الجامع الأموي يقول.. إذا كانت فرنسا تدعي أنها آتية لحماية الأقليات، فأنا باسم الأقليات ومن هذا المنبر أقول.. إننا لسنا بحاجة لحماية فرنسا، ومن هذا المنبر أقول أشهد أن لا إله إلا الله. |
|