تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


كيف يمكن أن ننشر ثقافة التطوع... ؟

مجتمع
الثلاثاء 29-11-2011
بشرى حاج معلا

لأن ما هو متعارف عليه أن الجمعيات الخيرية في غالبيتها وسيلة لإثراء أعضائها غير المشروعة على حساب تزايد أعداد الفقراء ..

وأنها لا توصل إلا الفتات للفقراء ويذهب الباقي وهو القسم الأعظم لجيوبها ..هم وأقاربهم والله أعلم ..!! وبغطاء محكم لعمليات الإثراء الخاصة بالمؤسسين و الموظفين بالإضافة إلى أن الجمعيات الخيرية بشكل عام فاسدة من الداخل و غالبا ما تتبع سياسة الرجل المسيطر.. طبعا التعميم خاطئ و لكن الأغلبية سيطرت على الرأي .. وهي من أهم الممارسات السيئة بالإضافة إلى دفاتر التبرعات المزورة و غير الخاضعة للرقابة كما يقولون ..!.‏

والسؤال : هل تحمل الجمعيات الخيرية في سورية الكتف عن الدولة وتعمل بضمير وإخلاص..؟ وما هي المصداقية التي تنبع من صلبها وكيانها ..؟؟ وكيف يمكن الاعتراف بالدور الايجابي لبعض الجمعيات .. طبعا َضمن الشروط الواجب وضعها من قبل وزارة الشؤون الاجتماعية فتعمل من خلالها الدراسة المتأنية حول كل فقير يقدم طلب لديهم حتى تصل التبرعات بالشكل الصحيح ..‏

في ظل هذه التساؤلات والضبابية التي يطرحها الناس كان لا بد من أن يكون هناك إما مبرر لهذه التساؤلات أو جهل حول الثقافة التطوعية لدى الأغلبية الحاضرة ..‏

مؤشر ازدياد‏

الجمعيات الخيرية‏

قد يبدو مؤشر ازدياد أعداد الجمعيات الخيرية في أي مكان دليل واضح إما على ارتفاع مستوى الحاجة والبطالة أو عدم قيام الجمعية بدورها المنوط بها وبالشكل المطلوب والصحيح .. طبعاً نحن لا نريد القول أنه لا يوجد جمعيات خيرية إنسانية صادقة ولكنه يوجد بالمقابل العكس .. وكما يشير أغلب المواطنين ما يجعل الكثير من أموال المتبرعين تذهب أدراج الرياح ..‏

السيد المهندس نزار محمود " المكلف عن إدارة الشؤون الاجتماعية في طرطوس " يقول : وجدت الجمعيات أساسا للقيام بخدمات إنسانية للمجتمع بحيث تكون رديفاً ومساعداً للمؤسسات الحكومية .. فكان اهتمامها الأساسي يقتصر على تقديم المعونة أو المساعدة ضمن الأفكار المطروحة والتي تتضمن برامج في مجال التنمية والتأهيل والتدريب لخلق فرص عمل للمحتاجين أو المعوقين وذلك بتضمين البرامج إرشادات وتوعية معرفية .. وتغيير ذهنية المحتاج من طلب المعونة المادية إلى طلب المشورة والدعم المعنوي والمعرفي .. وفق برامج تعتمد التدريب على مشاريع إنتاجية صغيرة تعود عليها بالدخل وخلق فرص عمل وحسب الإمكانيات المتاحة .. حيث تنتشر في محافظة طرطوس /52/ جمعية خيرية تقوم بتقديم المساعدات العينية والنقدية إلى المحتاجين ..هذا عدا عن الجمعيات الأخرى التي تهتم بشؤون المعوقين وإعادة دمجهم في المجتمع وهي ثلاث ، وجمعيات بيئية تهتم بحماية الطبيعة والتوازن البيئي والطبيعي .. بالإضافة إلى الجمعيات الثقافية ومؤسسة واحدة تقوم بتأمين فرص العمل ..!!؟‏

ليصل عدد الجمعيات المشهرة في المحافظة لغاية عام2010 /58/ جمعية و/ 21/ فرعا .. وتم إشهار ثلاث جمعيات هذا العام ..‏

أما بالنسبة لإنشاء دار للعجزة ودار للأيتام .. أشهرت جمعية الشهيد باسل الأسد لرعاية الأيتام والعجزة وتم تخصيص الجمعية بقطعة أرض أقيم عليها بناء بمساحة طابقية /900/م2 بهدف استخدامه كدار للأيتام .. وهذا البناء لايزال على الهيكل منذ سنوات ..!!‏

وهنا نريد أن نسأل كيف يتم استثمار كل هذه الجمعيات .. ؟‏

وهل كلها تقوم بما أملي عليها الواجب الإنساني ..؟‏

ولدى مرورنا على عدد من الجمعيات الأهلية كان هناك كلام كثير عن النشاطات المقامة لدى الأغلبية .. "ولكن مازلنا بحاجة إلى رفع مستوى الثقافة التطوعية " وكما يقول بعض أعضاء الجمعيات ..‏

مقترحات المتبرعين‏

وجدت الجمعيات الخيرية بداية للقيام بالأعمال الإنسانية أولا دون السؤال طبعا مساهمة منها في إدخال البهجة على المحتاج كما يقول عدد من المتبرعين في محافظة طرطوس ولكن بالنسبة لحسابات الجمعيات الخيرية بالكامل من الواجب أن تخضع للرقابة و التفتيش لأنها يجب أن تكون تابعة لوزارة الشؤون الاجتماعية و العمل ، حتى تتكون الثقة بين المتبرع والجمعية كأن يكون هناك إيصالات مختومة من قبل وزارة الشؤون وهكذا يكونوا تأكدوا بأن المبالغ ستصرف تحت أنظار وزارة الشؤون الاجتماعية و العمل والرقابة و التفتيش ...‏

وباعتقادنا أن كل من يقول لا أثق قد ارتكب إثما على درجة ما .. لأنه عمم ولم يخصص ولا بد أن نذكر مدى العبء الذي تتكبده الجمعيات في التحقيق عن الحالات ومتابعتها وإيصال المعونة لها وخاصة تلك الجمعيات التي لا يتقاضى أعضاؤها أي عائدات على تحصيل الأموال وهي معدودة على أصابع اليد الواحدة ولكن العمل كله لوجه الله ولا ننسى مدى ما يقدمونه من مساعدات جليلة ولكن للأسف تظهر بعض الآفات فتأخذ الناس فكرة عن الجميع ..‏

فهل الذين لا يثقون بالجمعيات الخيرية هم من المتبرعين و دافعي الزكاة ..؟‏

أم هو فقط تشويش على الجمعيات ..!!!! المفروض الدعوة لتصحيح مسار الجمعيات وليس مجرد تشويه سمعتها وتصحيح مسارها هو أن يكون هناك ثقة في إدارة الجمعية ..و غير ذلك من تدقيق و ما شابه لا يفيد ...لأن من يريد التلاعب يستطيع أن يغطي تلاعبه مهما كانت الرقابة عليه، إلا من يستشعر برقابة الله عليه و هذه أعلى رقابة ممكنة.. و من حق إدارة و أعضاء الجمعيات أن يكون لهم دخل منها معقول..وإن قدم جهده لوجه الله فهو خير له.‏

ومن الممكن أيضا أن تصب كل التبرعات في مكان أو مؤسسة واحدة وأن تتم كل التبرعات من هذا المكان ويتاح للمتبرعين أن يطلعوا بشكل شهري على القوائم المالية التفصيلية لهذه المؤسسة عن طريق الانترنت ، أي أن يرى المتبرع اسمه في قائمة مصادر الأموال ، وأن يطلع على إجمالي المبالغ المدفوعة للمحتاجين ..ليس إلا كدعوة ممن يتحدثون ويتناولون موضوع المصداقية ..‏

ويبقى السؤال ..‏

لو أن الجمعيات تقوم بعملها على أكمل وجه, كيف نجد عاجزاً أو شخصاً كبيراً بالعمر يشحذ من الناس لقمة قوته اليومية, فمن الواجب على الجمعيات أن تقوم بإجراء دراسة و مسح شامل على المنطقة الموجودة فيها .. لتساعد سكان المنطقة الموجودة فيها الفقير و المريض أو المدين و حتى دعم المشاريع الزوجية للأسر المحتاجة لأن كل هذا هو من مهامها الأساسية.. وأولها أن يتم إنشاء جمعية أو دار للعجزة ودار للمتسولين بدل أن نراهم شاخصين عند إشارات المرور وفي الأماكن المزدحمة وخاصة الأطفال منهم ...‏

في النهاية نحن لا نتمنى إلا أن تحمل منظمات المجتمع الأهلي كمشروع تغيرات غنية وايجابية تهدف إلى تحويل دور الدولة من الدور الراعي المنظم والمراقب لمنظمات المجتمع الأهلي إلى الدور الإشرافي والتقييم المرحلي للأداء و أن يحدد أدوار الجهات المختلفة ذات الصلة بمنظمات المجتمع الأهلي ونشاطاته بالشكل الذي يعزز دورها ومساهمتها في عملية التنمية كقطاع أساسي فاعل وشريك في التنمية إلى جانب القطاعين العام والخاص.‏.وبما يعني تفعيل دور و نشاط الجمعيات المقامة ..وتعزيز الثقة بعملها حتى يمكن أن نصل إلى النتيجة المرجوة منها وهي نشر ثقافة التطوع ووهب الإيرادات الداخلة للمحتاجين ..‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية