|
دمشق واعتبر معاون وزير الصناعة الدكتور رشاد العسة أن اعتماد مفاهيم الجودة لا ينحصر فقط في القطاعات الإنتاجية كالصناعة والزراعة أو في المجالات الخدمية كالصحة والتعليم أو في الشؤون الاقتصادية والاجتماعية بل يتعدى الأمر كل ذلك كون الجودة هي ثقافة فكرية وأسلوب حياة ترتكز على قيم إنسانية فهي في الواقع تربية عامة ومعاملة يومية. ورأى الدكتور العسة أنه من هذا المنطلق أصبح موضوع الجودة وتنمية ثقافتها أولوية استراتيجية للصناعة السورية لأنه أصبح مطلوباً منها اليوم أو أكثر من أي وقت مضى أن تتطور باستمرار لتكون منافستها الحقيقية من خلال نوعية منتجاتها وحسن تقديمها وعرضها على المستهلكين لاسيما وأن منتجاتنا الوطنية تتوجه إلى أسواق متشددة في معايير الجودة. وأشار إلى أهمية إدخال وتطوير مفاهيم الجودة الشاملة إلى اقتصادنا الوطني لأن الاهتمام بجودة منتجاتنا يسهم في زيادة الطلب الداخلي عليها ويزيد من فرص تصديرها إلى الأسواق الخارجية ويقلل من حجم المستوردات مبيناً أن تطبيق معايير الجودة الشاملة في أعمال ومنتجات مؤسساتنا الإنتاجية يسهم في تحسين أفق نمو قطاعاتنا الاقتصادية ويزيد من اندماجها في حركة التجارة والإنتاج والاستثمار العالمية. وأوضح أن سورية بدأت منذ فترة بعملية البناء المؤسساتي لمكونات البنية التحتية للجودة لكن الطريق مازال طويلاً ليكتمل عقدها وترتقي إلى المستويات الفضلى للأداء والممارسة ما يتطلب من معظم الوزارات التزامات ويقع عليها مسؤوليات تصب في بناء منظومة فعالة للجودة عبر التعاون والتنسيق والتشاركية فيما بينها لتكون هذه المنظومة في مستوى متميز بتقديم خدماتها. وذكر أن الحكومة أقرت وثيقة السياسة الوطنية للجودة ونتطلع لإصدار المراسيم الخاصة بالمجلس الوطني للجودة والهيئة الناظمة للجودة كخطوة أولى يليها إصدار الصكوك التشريعية الخاصة ببقية مكونات بنية الجودة كهيئة الاعتماد الوطنية والمعهد الوطني للقياس ومراجعة النصوص التشريعية بالمكونات القائمة وتكييفها لتحقيق أعلى مستويات التكامل والفعالية. من جهته رئيس مجلس إدارة الجمعية العلمية السورية للجودة المهندس سليمان عطية أكد أن الجودة أصبحت ضرورة وحاجة ماسة للإنسان والمجتمعات البشرية المختلفة، وتزداد الحاجة إليها كلما زادت وتعقدت متطلبات الحياة، معتبراً أن الجودة ليست جودة المنتجات فقط، بل الجودة قيمة إنسانية نبيلة تكاد تشكل جوهر الحياة وتمس جميع جوانب حياة الإنسان بدءاً بالمنتجات التي يشتريها وصولاً لحقه في المواطنة الصادقة والحياة، مروراً بالخدمات التي تقدمها مختلف المؤسسات وخاصة الحكومية منها. ولفت عطية إلى بعض المعوقات التي تحول دون تطبيق الجودة في سورية أهمها ضعف ثقافة الجودة على المستوى الوطني حيث تشكل هذه المعضلة عقبة كبيرة أمام مسيرة الجودة، لاعتبارها لدى الكثير من الناس وخاصة الإدارات العليا أنها جودة المنتج، معتبراً أن أبسط أنواع الجودة هي جودة المنتج، كونها جودة ملموسة وانتقائية ويستطيع المستهلك اختيار السلعة التي تلائم متطلباته ومقدرته الشرائية في حين تصبح الأمور أكثر تعقيداً بالنسبة لجودة الخدمات، لأن تأثير الزبون في هذه الحالة ضعيف جداً، ولا يستطيع الاختيار في كثير من الأحيان، بسبب عدم توفر المنافسة الشريفة، ولأن القائم على تنفيذ الخدمات في أغلب الأحيان مؤسسات غارقة في الفساد، محصنة من الحساب والعقاب، وتفرض على الزبون خدمات متدنية الجودة إجبارية ولكنها ضرورية لاستمرار الحياة، وتتعاظم المشكلة عندما تكون الجودة متدنية في المؤسسات الحكومية، التي تعتبر مقدم الخدمة الأساسي للمواطن والمؤلم أن معظم المديرين يدعون بأنهم يحققون أعلى معايير الجودة وهم لا يعرفون مع الأسف ألف باء الجودة. وبين أننا نعاني من عدم وجود استراتيجية وطنية للجودة.. لذلك لابد لنجاح أي عمل أو مشروع من وجود استراتيجية تحدد الرؤية والرسالة والأهداف المتوخاة، لكي يتم وضع الخطط التنفيذية لتحقيق تلك الأهداف وفق مخطط زمني محدد، وتوفير الموارد المادية والبشرية اللازمة لتحقيقها إضافة إلى غياب التشريعات القانونية الناظمة لحركة الجودة فمن أجل تطبيق مفاهيم الجودة والالتزام بها لابد من وجود تشريعات قانونية ناظمة لهذه العملية. وبين عطية أن الجمعية حاولت من خلال هذه الندوات التي عقدتها على مدى السنوات الماضية تسليط الضوء على مواضيع مهمة تتعلق بالجودة وأثرها على الوطن والمواطن، كما سعت هذه الندوات إلى حث صناع القرار على الاهتمام بهذا الشأن، وتحفيز المواطنين على الالتزام بقيم الجودة واستنهاضها في نفوسهم، والعمل على ترسيخ مفاهيمها وتحويلها إلى سلوك يومي، ولكن ومع الأسف الشديد ورغم توجيه التوصيات والمقترحات في نهاية كل ندوة، إلا أن ترجمتها إلى برامج وخطط عمل تنفيذية كان دائماً دون الطموحات، ولم يتحقق ما ترغب به الجمعية بالارتقاء بالأداء المؤسساتي إلى حيث يجب أن يكون، لكن الجمعية ساهمت في دراسة وتطوير البنية التحتية للجودة من خلال البرامج والمساعدات الأجنبية والوطنية، وما زالت تواكب هذه المهمة مع البرنامج الوطني لدعم البنية التحتية للجودة في سورية والمكونة من (المواصفات - الاختبار - القياس - المترولوجيا - منح الشهادات - الاعتماد). ويناقش المشاركون في الندوة على مدى يومين موضوعات تتعلق بأنظمة إدارة الجودة ودورها في تطوير العمل المؤسساتي وجوائز الجودة والتميز ودورها في تطوير العمل المؤسساتي والجودة في الإدارة العامة إضافة إلى عرض تجارب وطنية وعربية ودولية في تطوير العمل المؤسساتي. وتهدف الندوة إلى الارتقاء بالعمل المؤسساتي جودة وأداء في جميع القطاعات الحكومية والخاصة، لاسيما بعد إقرار الحكومة لوثيقة السياسة الوطنية للجودة في سورية واعتبارها المرجع الأساس للوزارات والجهات الحكومية والخاصة في وضع وتنفيذ خطط العمل الخاصة بها. |
|