تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


أسواق العيد... ركود وتدليس.. وأسعار الألبسة دائمة التحليق

مراسلون
الجمعة 5/12/ 2008 م
مروان درّاج

من المظاهر المعتادة, وباتت أكثر من مألوفة عشية الأعياد, الارتفاع الصاروخي وغير المبرر لقائمة طويلة من المنتجات, بدءاً من الألبسة والأحذية, وليس انتهاء بالحلويات وسواها من الحاجات الأخرى, الممثلة ببعض أصناف الحلويات والفواكه والخضار.

وإذا كانت فوضى الأسعار هي سمة من سمات البيع والشراء في السوق المحلية, فإن ما يميز حالة الفلتان في الوقت الراهن, وخلال السنوات الأخيرة, أن المنتجين والصناعيين والتجار وأشباههم من باعة الجملة والمفرق, وجدوا في سياسة تحرير الأسعار المقرة منذ أكثر من خمس أو ست سنوات, ملاذاً يجعلهم يذهبون بعيداً في التلاعب بالأسعار ومن خلال الاتكاء على حجج ومبررات واهية ومكرورة, ولعل أبرزها ارتفاع الضرائب وازدياد تكاليف المنتجات الأولية, وسواها من الذرائع المختلفة.ولسان حال المستهلك العادي, يسأل وبكثير من عدم الرضى: إذا كانت أسعار المواد الأولية قد شهدت انخفاضاً ليس عادياً في أسواق القارة الأوروبية والولايات المتحدة في أعقاب الأزمة المالية العالمية.. فأين هي مسوغات ارتفاع أسعار الألبسة,.. وهذا السؤال, أصاب عين الحقيقة لأكثر من اعتبار وسبب, فأسعار الخيوط والغزول والأقطان المنتجة محلياً, لم يطرأ عليها أي تبديل, بل أن هناك تراجعاً في أسعارها بسبب تراكم مخازين الخيوط القطنية وغير القطنية في المؤسسات والمعامل التابعة لوزارة الصناعة,.. بل ويشير البعض من المطلعين على أدق التفاصيل في صناعة الألبسة وبكثير من الصراحة والشفافية, الى أن تواصل الكساد وتراجع وتأثر التصدير الى السوق الخارجية تستوجب التراجع في الأسعار بدلاً من ارتفاعها, وقد كان من الملاحظ خلال الأيام الأخيرة التي تسبق عيد الأضحى, أن بعض المتاجر كانت قد أعلنت عن بدء موسم التخفيضات قبل موعده المحدد من كل عام, وهذا الأمر إن كان يدل على شيء, فهو أول ما يدل على أن هناك حالة فعلية من الركود والجمود, ولكن مع ذلك فهذا لا يعني, بأن الأسعار كانت قد شهدت تراجعاً مقبولاً من جانب بعض القائمين على صناعة الألبسة ذات الماركات الشهيرة أو المميزة.‏

وأما إذا سألنا حول الأسباب التي أدت الى عدم تحرك الأسواق واستمرار جمودها رغم رزمة الأعياد المتلاحقة, فإنه يمكن القول إن هذه الأسباب تعود الى أكثر من اعتبار, فالبعض إن لم نقل الغالبية, يشير الى أن غالبية شرائح المجتمع اعتادت على شراء الألبسة لأطفالها خلال عيد الفطر السعيد, انطلاقاً من الفترة الزمنية القصيرة التي تفصل العيد الأول عن الثاني, ورغم أن مثل هذا المبرر أو السبب يلامس بعض الشيء جوهر الحقيقة, فإن الأمر المحسوس والذي هو بمثابة حديث دائم للشارع, فإن السبب الأساسي الذي أدى الى انحسار الحركة في الأسواق, يعود الى ضعف القوة الشرائية التي لم تعد تلبي الحاجات الفعلية للمستهلكين, وبغض النظر عن التفاصيل الدقيقة لأسعار هذه السلعة أو تلك, فالأمر الذي ليس بحاجة الى براهين ولا يضيف أي جديد الى ثقافة المستهلكين, أن سوق الألبسة وسواه من الأسواق الأخرى. لم تعد تحكمه أي ضوابط, بسبب عدم نضوج الظروف والشروط الذاتية والموضوعية لتحرير الأسعار.‏

فمن يقصد أسواق المدن الكبرى مثل دمشق وحلب واللاذقية, سوف يلحظ أنها تغصّ بأصناف وماركات لا حدود لها, وبعض هذه المنتجات تعلن عن نفسها وتحمل لصاقة تدل على المنشأة الصناعية الصادرة عنها, وبعضها الآخر مجهول المصدر, أو يحمل علامة تجارية تشير الى تهريبها من أسواق خارجية, مع أنها منتجة محلياً, ووجه المفارقة ليس في التنوع اللامتناهي للألبسة, وإنما في أساليب التدليس التي يدرجها البعض ضمن تسمية (الشطارة)..., مع أن هذا التعبير الأخير سوف يدفع ببعض هذه المنتجات آجلاً أم عاجلاً للخروج من ساحة الأسواق والى غير رجعة.. ومن بين أساليب التدليس التي نقصدها والتي قد لا نعثر على مثيل لها أو ما يشابهها في أسواق العالم. أن المستهلك العادي قد يتمكن وبعد مساومات سريعة من خفض سعر المنتج الى ما يزيد عن نصف القيمة المعلنة على (اللصاقة)... وفي حالات كثيرة, يتم تحديد سعر السلعة بالاتكاء على مكانة السوق وأهمية موقعه ومكانته الاجتماعية والتجارية, وليس انطلاقاً من المواصفة والجودة, إذ يمكن تسويق سلعة بعينها بسعرين, مع أنها تعود الى ذات الجهة المنتجة وتحمل ذات المواصفة والعلامة التجارية. ومثل هذا الأمر إن كان يدل على شيء, فهو يدل أولاً, على التلاعب الفاضح في تحديد هوامش الربح الحقيقية أوالمنطقية, وبصراحة, فإن هذا التلاعب لا يعود في مسؤوليته الى طرف بعينه, وإنما يبدأ من صاحب المنشأة الصناعية الذي يقوم بتصنيع المنتج ولا ينتهي عند حدود تاجر الجملة والمفرق. كما أن المسؤولية ذاتها يمكن سحبها على الجهات الرقابية.‏

فضلاً عن غرف الصناعة والتجارة التي لم تتمكن من تكريس الوعي التسويقي الذي من شأنه تجسيد مفهوم التجارة وليس البيع والشراء, وبديهي أن تكون المسؤولية متفاوتة بين طريقة وأخرى, وذريعة حسب حضور كل طرف في العملية التسويقية وفي مراحل إنتاج السلع.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية