|
شؤون سياسية وتستند نقاشات مجلس الوكالة إلى تقرير وفدها الذي زار موقع الكبر السوري في دير الزور في حزيران الماضي (دمرته الطائرات الاسرائيلية في عدوانها العام الماضي), بناءً على مذكرة التفاهم الموقعة بين الوكالة والجانب السوري في أيار الماضي, الذي أكد أن الموقع ليس منشأة نووية. ورغم إيجابية تقرير وفد الوكالة, وتالياً المجلس فإن المندوب الأميركي لدى الوكالة غريغوري شولت وعدداً من المندوبين الغربيين حاولوا تسييسه وتشويهه, من خلال تقديم صور لأقمار اصطناعية عرضها مفتشون في الوكالة أولاً, والإعلان عن وجود آثار لجزيئات اليورانيوم الطبيعي (لاحظ جزيئات وليس مواد نووية)!!, في الموقع ثانياً. وقد أكدت سورية وعلى لسان رئيس هيئة الطاقة الذرية السورية ابراهيم عثمان أن مفتشي الوكالة يقومون سنوياً بزيارة مفاعل البحث في هيئة الطاقة في إطار مشاريع التعاون التقني. وأن سورية من أوائل الدول المطالبة بإعلان منطقة الشرق الأوسط خالية من الأسلحة النووية, وأسلحة الدمار الشامل. واستناداً إلى أن الشبهة ليست دليلاً, وأن الصور ليست علاجاً كافياً, فقد دعمت أغلبية أعضاء المجلس تقرير المفتشين (المجموعة العربية, مجموعة عدم الانحياز, مجموعة ال77 ودول أخرى هامة وصديقة أيضاً) وانفردت أميركا وبعض الدول الغربية عن غيرها, بالإصرار على توسيع دائرة المراقبة والتفتيش, خلافاً لقوانين الوكالة نفسها. وشكل هذا التصويت ضربة للجهود الأميركية الهادفة إلى اتهام سورية, وجاء إقرار المجلس تقديم مساعدة مادية لسورية لإنشاء محطة نووية لتوليد الطاقة ضربة أخرى. فضلاً عن إشارة التقرير إلى أن أعضاء في المجلس - يمثلون أكثر من نصف أعضائه- شكوا من بطء تبادل المعلومات الاستخباراتية, في إشارة إلى الصور وغيرها, ومن استخدام القوة المنفردة في إشارة إلى (اسرائيل) وانتهاكها السيادة السورية. إذ تشرعن هذه المساعدة المادية وتقونن توجه دمشق لاستخدام الطاقة النووية لأغراض سلمية وتوليد الطاقة, كما تجنب سورية (الاتهامات) التي قد تستخدمها واشنطن, أو غيرها لاحقاً في التعامل معها. وعلى الرغم من إيجابية التقرير الصادر عن مجلس محافظي الوكالة الدولية, ومامثله من ضربة للمخططات الأميركية وبعض الدول الغربية, والذي يفترض به أن يشكل أساساً للتقرير الذي سيصدر في شباط القادم, فإنه لابد من الإشارة إلى عدد من المسائل: - استمرار الازدواجية في تعاطي الوكالة للطاقة الذرية مع منطقة (الشرق الأوسط) مابين المطالبة بالمراقبة والتفتيش في دول ما, وتجاهل الترسانة النووية العسكرية الاسرائيلية, وتالياً عدم اتخاذ أي قرار بعد يقضي بفتح المنشآت النووية الاسرائيلية أمام مفتشي الوكالة. - عدم صدور إدانة رسمية واضحة للقصف الاسرائيلي لموقع الكبر بوصفه انتهاكاً للسيادة السورية من جهة, وخرقاً للمواثيق والقوانين الدولية من جهة أخرى. - بقاء اقتراح أغلبية دول (الشرق الأوسط) حول إقامة منطقة خالية من الأسلحة النووية وأسلحة الدمار الشامل في خانة الاقتراحات, وعدم تحوله إلى قرار للوكالة يشكل ناظماً للتعامل مع المنطقة ودولها. هذه النقاط وغيرها يفترض بها أن تندرج على جدول أعمال مجلس محافظي الوكالة المقرر في شباط القادم, استجابة لرغبة أغلبية أعضائه في الحد الأدنى, وخطوة ضرورية نحو نقاط أكثر توازناً في معالجة القضايا المطروحة أمام الوكالة الدولية للطاقة الذرية أيضاً. باحث في الشؤون الدولية batal-m@scs-net.org |
|