تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


«كردستان» - «تل أبيب».. تاريخ حافل من العلاقات... «حلف الأطراف» يقف على الأسباب.. واستفتاء كردستان يوطد المشهد

الثورة- رصد وتحليل
أخبار
الأثنين 25-9-2017
بين 1937 و 1957 تتوضح رؤية الخطط المرسومة لتنفيذ اجندات التقسيم في المنطقة.. ففي العودة إلى تلك التواريخ تضعنا الصورة أمام حقائق مهمة للغاية،

تتعلق بالمُخططات الأميركية الإسرائيلية المشتركة لتقسيم العالم العربي، ولعل المُخطَّط الأبرز والمجهول، كان ذلك الذي وضعه فلاديمير جابوتنسكي عام 1937، والذي هدف إلى إقامة ما يسمى «إسرائيل الكبرى» والتي تدور في فلكها عدة دويلات مُقسمة مذهبياً وطائفياً وعرقياً، على أن ترتبط هذه الدويلات بالكيان الإسرائيلي المزعوم استراتيجياً وتحديداً على الصعيدين الاقتصادي والأمني.‏

وفي العام 1957 تم تطوير المُخطط لمشروع «بنجوري» التنفيذي والذي هدف إلى تحديد التقسيم الأمثل للدول التي تقع ضمن الاهتمام الاستراتيجي للكيان الإسرائيلي، عبر تقسيم لبنان إلى مجموعة كانتونات مذهبية وإلحاق الفلسطينيين بالوصاية الدولية، وتقسيم العراق الى ثلاث دويلات ضمنها اقليم كردستان الذي يعود طرح استفتاءه الى الواجهة حالياً، بالإضافة الى تقسيم السودان والمغرب.‏

فيما امتدت العلاقة بين «إسرائيل» وأكراد شمال العراق ايضاً إلى أواخر ستينيات القرن الماضي، وجاءت تطبيقا لإستراتيجية «حلف الأطراف» التي اعتمدها رئيس وزراء العدو الإسرائيلي الأول ديفد بن غوريون، والتي تقوم على توثيق العلاقات مع دول إقليمية وأقليات عرقية ودينية تخوض صراعات مع دول عربية تؤثر في الصراع مع «إسرائيل»، إضافة لإقامة تحالفات مع الأقليات في المنطقة ودول «الطوق الثالث» اي الدول التي ليس لديها حدود مشتركة مع «إسرائيل» لكن تجمعها مصالح مشتركة معها.‏

إن مشروع «الكومنولث» هذا تاريخياً، ومزيج من نظرية ديفيد بن غوريون تمكننا اليوم من فهم السبب الرئيسي للتأييد الإسرائيلي لانفصال الإقليم، وعلاقة ذلك بمشروع تقسيم العراق.‏

وفي الواقع فان فكرة تقسيم العراق الى دويلات وأقاليم طائفية او اثنية تدخل في صلب العقيدة الاستراتيجية المحبذة لنشوء كيانات سياسية اثنية للأقليات يمكن ان تتلاقى مصالحها مع المصالح الإسرائيلية في المنطقة.‏

تعاونات سرية قديمة - جديدة‏

يعود تاريخ التعاون السري بين الأكراد و»إسرائيل» الى ايام التمرد الذي قاده مصطفى البرازاني بدءاً من سنة 1963 ضد الحكومة العراقية وجيشها، وطوال 12 عاماً وقفت «إسرائيل» الى جانب الأكراد ودعمتهم، وكان لديها وفد من المستشارين يتغير كل ثلاثة اشهر. وكانت مهمة الإسرائيليين تدريب الأكراد على اساليب القتال العصري وتعليمهم كيفية الدفاع عن انفسهم.‏

خلال الاعوام التي تلت مرت العلاقات بين الأكراد وإسرائيل بمراحل عديدة لتعود وتزدهر وتتوثق سنة 2003 مع الغزو الأميركي للعراق.‏

ففي تلك الفترة تكاثرت التقارير التي تحدثت عن وجود مستشارين عسكريين «إسرائيليين» يقومون بتدريب «البشمركة» ويقدمون الدعم العسكري والاستخباراتي للأكراد.‏

وبدأت منذ تلك الفترة تظهر الاهمية التي تعطيها «إسرائيل» لإقليم كردستان في نظرتها الاستراتيجية الى التطورات في دول المنطقة.‏

ورغم عدم وجود علاقات رسمية بين اقليم كردستان و»إسرائيل» فان التعاون بين الطرفين لا يقتصر فقط على المجالين العسكري والاستخباراتي بل بدأ يشمل مع مرور الوقت ومع بناء «كردستان» لمؤسساته ودولته التعاون في مجالات عديدة اخرى .‏

فقد تحدثت الصحف «الإسرائيلية» العام الماضي عن زيارات قامت بها وفود كردية رسمية الى إسرائيل لدرس سبل التعاون في المجالين الزراعي والصناعي بين البلدين، وكيفية الاستفادة من خبرة الشركات «الإسرائيلية» في بناء المزارع النموذجية.‏

وفي الاسابيع الاخيرة بدأ التعاون الاقتصادي الوثيق بين الجانبين يظهر الى العلن مع اقدام «إسرائيل» على شراء النفط من كردستان قبل فترة قصيرة وذلك رغماً عن ارادة الحكومة العراقية.‏

بالمقابل لعب الأكراد دورا مركزيا في مساعدة «إسرائيل» على تهجير يهود العراق أواخر العام 1969، حيث قاموا بنقل اليهود من منازلهم إلى «إسرائيل».‏

ويأتي الاستفتاء الحالي في ظل غياب إستراتيجية عربية موحدة، حيث أن «إسرائيل» تحاول توظيف التحولات الإقليمية وصراع الهويات المحتدم في إحداث مزيد من الاختراقات في العالم العربي، بما يخدم مصالحها الإستراتيجية.‏

ونظرا لتخوف إسرائيل من دور العراق المستقبلي في الصراع، فقد حرصت على تطوير علاقات سرية مع الأكراد، الذين كانوا ولا يزالوا في صراع مع الحكومة المركزية في بغداد.‏

يأخذ الموقف «الإسرائيلي» الداعم لاستقلال كردستان اهمية خاصة ايضاً في ظل التطورات الاخيرة التي يشهدها العراق ونشوء تنظيم «داعش» والصراع الاقليمي الحاصل.‏

توقيت طرح الاستفتاء‏

يسعى القائمون على إقليم «كردستان» لأن يطرحوا استفتاء الانفصال في هذا الوقت على احجية تعويم ما تسميه انجازاتهم بالمساهمة الحاسمة التي قدموها في مواجهة تنظيم داعش الارهابي، بحسب زعمهم.‏

فيما تقول مصادر مطلعة بأن فكرة الاستفتاء جاءت في وقت حرج جداً بالنسبة لمسعود بارازاني الذي بدأ يفقد سلطته تدريجياً.‏

الباحثة دونيز ناتالي من «معهد دراسات الاستراتيجية الوطنية» قالت إنه تم تحديد هذا الموعد «عمداً»، موضحة أن الاستفتاء يأتي فيما «يواجه مسعود بارزاني أزمات داخلية كبيرة وفي حاجة لتعزيز موقعه كـ»زعيم قومي». وتشير المعطيات والاحداث الجارية بأن جميع الأطراف، تطلب منه تنظيم انتخابات على رئاسة السلطة من دون ترشيح نفسه.‏

وأخيرا فمن هذا المنظور، الأكراد بالنسبة للعدو الاسرائيلي حليف موثوق وهي تستطيع التعويل على المصالح الاقتصادية والعسكرية المشتركة بينهما، والاهم من هذا انه يمثل موطئ قدم بالغة الاهمية بالنسبة لاستخبارات العدو في مواجهة إيران.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية